لا يمكن فهم مفهوم العيد الا استمراراً لمفهوم ودلالات ما قبله. فعيد الفطر المبارك استمرار لموسم شهر رمضان, وعيد الاضحى المبارك جزء من موسم الحج وشعائر الاضحية, فالعيد حالة فرح بإعطاء الموسم الذي سبقه قيمته الحقيقية او نسبة منها على الأقل.
العيد بمفهوم العبادة فرح بالانجاز في رمضان, وسعادة بأن صاحبه قد (استثمر) هذا الشهر الفضيل استثماراً جيداً ومناسباً. فرمضان مناسبة للتوبة والمغفرة وصناعة الخير والفرح في المجتمع, ولهذا فالعيد الحقيقي لاهل رمضان, ومن ادرك ان رمضان مناسبة للعتق من النار وامتلاك المغفرة عرف قيمة العيد.
وبالمفهوم الاجتماعي والوطني، فإن كل الاشخاص والهيئات والمؤسسات الذين أعطوا لرمضان نكهة خير وعطاء يعرفون معنى العيد, ولهذا فإن رمضان لا يتوقف مفهومه عند العبادة الفردية, بل ان اعطاء هذا الشهر قيمة اجتماعية وخيرية, وتحويله الى موسم وطني في تركيز الجهود للانجاز الاجتماعي, كل هذا جزء من مفهوم رمضان, فإصرار بعضنا على بدء الافطار على حبات تمر بينما يغمض عينيه عن جوع وحاجة وفقر من حوله انتقاص من المفهوم الواسع لرمضان كما اراده الله تعالى.
واذا تحدثنا عن "اهل العيد" فإنهم بالضرورة اهل رمضان, لان من حمل عونا لفقير يحق له ان يفرح بالعيد الحقيقي, وكل جهة عملت على ادخال الفرح على اي فئة من فئات الاردنيين يحق لها ان تشعر بمعنى العيد. فرمضان عملية صناعة فرح لكل من يستحقه ويحتاجه في المجتمع, ولهذا كانت تحية العيد "تقبل الله طاعتكم", لان العيد فرح بإنجاز الطاعة والعبادة بمفهومها الواسع الذي يتجاوز العبادة الشخصية.
في بلادنا ومجتمعنا الكثيرون ممن صنعوا من رمضان موسم فرح لدى الآخرين, وحرصوا على ان يكون رمضان عنوانا لدى هؤلاء في تجاوز حرمان الشهور الاخرى, فكان انتظارهم لرمضان فرحاً بانتظار العون والخير, وفي محيطنا الكثيرون ممن يملكون الحرص على اشعال عيون الفقراء بفرح العيد مثل حرصهم على تلبية متطلبات فرح اطفالهم بالملابس الجديدة واللعبة الجميلة.
والتدقيق في حكمة رمضان وتفاصيلها تجعلنا نتوقف عند مفهوم صدقة الفطر التي جعل الله استكمال الصيام بدفعها من كل صائم للفقراء والمحتاجين. بل تدفع على كل فرد في الاسرة حتى من يخرج الى الدنيا قبل صلاة العيد, وفي دولة صغيرة مثل الاردن فإن صدقة الفطر بقيمتها الحالية (65) قرشاً قد تصل الى اكثر من (3) ملايين دينار, هذا بخلاف الصدقات والزكاة والتبرعات, فتخيلوا (3) ملايين دينار يلتزم كل المسلمين بدفعها خلال شهر عبادة وطاعة, فماذا لو كان لدينا آليات للاستفادة من هذه المبالغ الكبيرة لبناء حالة مؤسسية لعمل الخير ومساعدة الفقراء ومحاربة الفقر.
العيد ورمضان مواسم ارادها الاسلام لتتجاوز القطايف والتمر الهندي والارجيلة، فهي جزء من آليات للانجاز, ولهذا فالعيد الحقيقي حين نعطي لهذه العبادة حقيقتها ودورها الاجتماعي والانساني.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة