عند عودتي من الدراسة في أمريكا كلفني سعادة مدير عام التربية والتعليم بمكة المكرمة أنذاك المربي الفاضل سهل بن محمد المطرفي مديراً لثانوية حراء الشاملة خلفاً للاستاذ علي السليماني.. وفوجئت عند دخولي المدارس لأول مرة بوجود ثلاثة من أفضل المعلمين الذين درست على أيديهم وهم الاساتذة الفضلاء (عدنان كاتب والاستاذ صالح ناظرين) اطال الله في عمرهما والاستاذ (داود شمس الدين) رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.
وقد طلبت منهم ان يستمروا في نصحهم وتوجيههم لي حينما احتاج الى ذلك ولم يبخلوا عليَّ بذلك جزاهم الله عني خير الجزاء.
وفي احد الايام دخل عليّ الاستاذ الفاضل داود شمس الدين معلم مادة الحديث وكان مبتسماً (كعادته) رحمه الله وفي يده خطاب يطلب فيه احالته الى التقاعد وقد صدمني بذلك الطلب لما له من مكانة في المدرسة وفي قلبي.. فأبديت اعتراضي على طلبه.. وسألته اذا كنت قد اخطأت (في حقه) أو في التعامل معه فطمأني انه قرار شخصي.. وتحدثت مع سعادة الاستاذ سليمان الزايدي مدير عام التعليم في تلك الفترة وطلبت منه التدخل وطلب مني تبليغه رغبته بالاجتماع له لعله يثنيه عن طلبه.. وبلغته رغبة سعادة مدير التعليم ولكنه رفض الذهاب اليه لانه مصر على قراره ولن يتراجع عنه فطلبت منه ان يوضح لي سبب رغبته في التقاعد فذكر لي السبب وكان السبب مؤثراً للغاية.. فلقد ذكر ان السبب في تلك الرغبة ان راتبه الذي يأخذه من الدولة أكثر بكثير من الجهد الذي يبذله ويخاف ان يكون المال الزائد مال (حرام).. وهذا هو السبب!!.
رحمك الله يا استاذ داود رحمة الأبرار وليتك بيننا اليوم لترى من لا يفرق بين حلال وحرام ويأكل الأخضر واليابس بدون خوف او وجل من الله ومن يوم الحساب والشيء المؤثر حقاً انه انتقل الى رحمة الله تعالى بعد شهر من تقاعده بعد تعرضه لحادث مروري رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وانزله منزلة الصديقين وجعله من الاخيار وحسن أولئك رفيقا.
قال تعالى : (وأن ليس للإنسان إلا ما سعى).
المراجع
موقع قبلة الدنيا مكة المكرمة
التصانيف
مكة المكرمة