بعد بحث وجدل دام ربما اكثر من بضع سنوات حول مستقبل القوى الإصلاحية في المشهد السياسي الايراني، جاء المرشد ليقول كلمة الفصل حول مستقبل هذه القوى وقياداتها. هذه الكلمة ملخصها انهم خرجوا على الاجماع فليس لهم من مكان في انتخابات مقبلة.
حديث المرشد الاعلى للثورة الاسلامية في ايران آية الله علي خامنئي جاء ضمن لقائه أعضاء مجلس خبراء القيادة الذي أنهى اجتماعا دوريا له في طهران. هذا الاجتماع كان قد مهد لمثل هذه التصريحات من خلال بيان قوي اللهجة ترددت فيه كلمة الفتنة بضع مرات، وبدا واضحا قناعة أعضاء مجلس الخبراء من أن (الفتنة) قد دفنت في مهدها، قناعة ربما تحققت بعد الموجز الذي عرض عليهم من قبل وزارة الاستخبارات الايرانية. في الوقت نفسه بدا واضحا كذلك ان القوى الإصلاحية قد أوشكت أن تخسر دعم من قيل إنه يساندها وأعني هنا هاشمي رافسنجاني. رافسنجاني الذي يشغل منصب رئيس مجلس خبراء القيادة هوجم بشكل منتظم قبل أيام من انعقاد اجتماع المجلس بحيث وصل الأمر إلى المطالبة بإقالته وجعل هذا الأمر ضمن جدول أعمال المجلس وهو الامر الذي لم يحصل. يشار هنا الى أن رافسنجاني وبصفته ايضا رئيسا لمجمع تشخيص مصلحة النظام متهم بأنه وراء مشروع مراجعة الانتخابات في ايران والجهة المخولة بالإشراف عليها، وينظر إلى هذا الطرح من قبل دوائر القوى المحافظة على انه محاولة لتغييب دور مجلس صيانة الدستور الذي طالما منع مرشحي القوى الاصلاحية من المشاركة، وبالتالي فهناك نوع من المواجهة الصامتة بين الطرفين ميدانها المؤسسات او المجالس الفاعلة في ايران.
لقد تراجع حضور القوى الاصلاحية في العملية السياسية في ايران بشكل واضح بعد العام 2004، حيث سيطرت القوى المحافظة على البرلمان الايراني السابع، وتبع ذلك خسارة الانتخابات الرئاسية التاسعة والانتخابات البرلمانية الثامنة واخيرا الانتخابات الرئاسية العاشرة. هذا التراجع بالنسبة لتلك القوى ليس لانهم ليس لديهم قاعدة شعبية، بل بسبب المؤسسات التي يسيطر عليها المحافظون والتي تمنعهم من المشاركة ولا تصادق على أهليتهم وتشكك في ولائهم لنظام الجمهورية الاسلامية، وهنا الاشارة واضحة الى مجلس صيانة الدستور. ما حدث بعد الانتخابات الرئاسية العاشرة انتقال المواجهة بين التيارين الى مرحلة اللاعودة على ما يبدو. فإصرار القوى الاصلاحية للاحتكام للشارع تلقته القوى المحافظة بأنه تهديد للامن والاستقرار وبأنه نوع من تسهيل مهمة العدو الخارجي، وزاد الطين بلة ما حدث في مناسبة عاشوراء، الامر الذي ساعد كثيرا في تقديم القوى الاصلاحية على انها خرجت على خط المعارضة من الداخل، و بناء عليه فإنه لا تصالح معها. لقد بدا واضحا السياق الذي وضع فيه المرشد حديثه لاعضاء مجلس الخبراء حين وصف الثورة بانها بالنسبة لايران سفينة النجاة، وعليه فإن من ليس مستعدا للقبول باجماع الايرانيين والقبول بالقانون فإنه لا مكان له في سفينة النجاة تلك، وانه بذلك "يفقد الاهلية للحضور السياسي ضمن اطار الجمهورية الاسلامية". للوهلة الاولى هذا ربما يعني ان لا مستقبل سياسيا لقيادات إصلاحية مثل مير موسوي ومهدي كروبي ومحمد خاتمي، وقد يعني كذلك تلويحا ان المستقبل السياسي لهاشمي رافسنجاني معرض للانتهاء ايضاً. السؤال الذي ربما يبقى في هذا السياق هو مسألة التوقيت وطريقة الإخراج؟
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف محجوب الزويري جريدة الغد