الحكومات الاخيرة انحازت الى خيار تشكيل لجنة وزارية عليا لاختيار اصحاب المواقع العليا في الدولة على قاعدة ترشيح الاسماء واجراء مقابلات ثم اختيار صاحب الفكرة.
هذا الاجراء محاولة من هذه الحكومات لتجاوز النقد الذي يصاحب عمليات اختيار اصحاب الالقاب من مديرين وامناء عامين. فالسائد ان هذه المواقع يتم اختيارها وفق معايير شخصية، ويترك للرئيس والوزراء المتنفذين تمرير من يريدون وجعلهم من طبقة المسؤولين حتى وان كانوا عديمي خبرة بالعمل الحكومي. والهدف الاساسي ان يترك الرئيس او اصحاب القرار لمساتهم في (تزبيط) من يريدون, ويصاحب هذا عادة قصف مركَّز في البيانات الحكومية والتصريحات الصحافية ضد المحسوبية والفساد.
هذه اللجان عملت خلال الحكومات الثلاث الاخيرة، وتقدم لها عدد من المرشحين لمواقع هامة، وتمت المقابلات, لكن بعض الاختيارات لم تكن مقنعة، اي انها اشبه بجاهة طلب العروس التي تأتي بعد عقد القران، الاشخاص المطلوب تعيينهم يكونون على اطلاع واحياناً تكون لديهم قناعة ان المقابلات شكلية.
ما نقوله لا يقلل من محاولات بعض الوزراء او اعضاء اللجان الالتزام بفكرة اللجنة لكن العبرة بمن يصعد الى الموقع. وهكذا فهذه اللجان لم تستطع حتى الان ان تكون الآلية القادرة على تكريس الشفافية واختيار صاحب الكفاءة.
وفي ثنايا هذا الملف هنالك حالات تم اختيارها للمقابلة، وكانت تصل الى التصفيات النهائية ثم يأتي القدر ليأخذ القرار باتجاه آخر، لكن السؤال ما مصير هؤلاء مع تغير الحكومات وتبدل اللجان، وهل تضيع فرصهم حتى في الترشيح مرة اخرى، ام ان قدوم كل لجنة يعني تضييع فرصهم وربما حقوقهم.
في الحديث عن تطوير القطاع العام ينبغي على الحكومات ان تتوقف عن عملية الانزال الجوي للمديرين والامناء العامين من القطاع الخاص او من المتقاعدين من مهن اخرى. فالأصل ان الحق لموظفي الوزارة او الدائرة، والحديث عن الحافز والمكافأة ينبغي ان يمتد الى اعطاء الموظف حقه بأن يكون مديراً او اميناً عاماً في وزارته. فاي تطوير اذا كانت هذه المواقع جزءا من مخصصات الرئيس او الوزراء في التعيين! وهل كتب على موظفي الوزارات ان يتم التعامل معهم باعتبارهم غير قادرين على ان يتولوا المواقع الاولى بانتظار السوبرمان من القطاع الخاص او المتقاعدين او من اصدقاء الكبار في الحكومات؟!
الا يكفي ان المواقع الوزارية وتحت غطاء انها منصب سياسي يتم المجيء بها من غير اصحاب الاختصاص الفني او السياسي؟ انها دعوة لتحرير المواقع الفنية المتقدمة من الهبوط بالبراشوت عليها، واعطاء موظفي الوزارات والدوائر حقهم في اعتلاء المواقع القيادية الاولى؛ فعندها يمكن ان نتحدث عن خطوة حقيقية للتطوير وتعزيز انتاجية الموظف.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة