نظرياً، أنهت الحكومة شهرها الاول، وشيئاً فشيئاً تدور الايام والشهور، وهي مطالبة بأن تفتح سجل الإنجاز والعمل الذي يمكن ان يحسب في اطار تنفيذ برنامجها ووعودها.
وربما على الحكومة تجنب ان تكون الحركة الشكلية كثيفة لكن دون انجاز او اولويات. وقد شهدنا حكومات سابقة كانت تهرب، او يهرب قادتها من الانجاز والفعل الحقيقي الى الشكليات. وقد توارثت تلك الحكومات سياسات هدر الوقت؛ فمثلاً، اعتقد بعض رؤسائها ان زيارة الوزارات والمؤسسات والدوائر عمل له اولوية، فيقضي الرئيس الايام متنقلاً بين وزارة الصحة والزراعة ودائرة الاراضي، ويجتمع بالمديرين والوزراء, علماً أن هؤلاء يراهم دائماً، ويستمع الى ايجاز بروتوكولي وأحاديث رسمية عن الخطط والاستراتيجيات. وهكذا، تعتقد الحكومة انها تفعل شيئاً، بينما الامر نشاط لا جديد فيه ولا انجاز، بل هو هروب مما يجب فعله.
ولعل من اولويات الحكومة ان يتعرف عليها الاردنيون، عبر اقترابها من الناس في لقاءات مفيدة، بعيدة عن قاعات المحافظة والبلدية، وبطاقات الدعوة الموزعة وفق قوائم دعوات الافطار في رمضان.
ونتحدث هنا عن واجب الحكومة تشكيل انطباع ايجابي عنها في اذهان الناس، عبر خطاب مقنع ودوري، وأداء يقترب من حقيقة مشكلاتهم. وربما على الحكومة ان تتحرر من اجواء صالونات عمان ومراكز القوى وعمليات التجاذب والاشاعات الخاصة بهذه الاجواء، وان تفتح آذانها للناس وحاجاتهم، وان تحاول جعل حزبها هو ثقة الناس، ما امكنها الى ذلك سبيلاً.
ومن البدهيات القول إن ثقة الناس لا علاقة لها بالرقم القياسي الذي حصلت عليه الحكومة في مجلس النواب، وان الاردنيين لا تنطلي عليهم لغة البيانات والوعود، وهم ليسوا معنيين بمنظومة العلاقات والمصالح التي تبني بها النخب المدائح وعبارات التفاؤل بالحكومة، والقاعدة لدى الناس "كل الحكومات متشابهة حتى يثبت العكس". ولهذا، فعلى الحكومة ان تثبت انها تختلف عن غيرها من الحكومات، وأنها ليست طبعة مكررة عما سبقها.
واذا عدنا الى الانجازات، فإن على الحكومة ان تمتلك تصورات واضحة، تتبعها خطوات مقنعة للتعامل مع الملفات الهامة. فالمنتظر منها هو التقدم بتفاصيل عملية الاصلاح السياسي، ولا سيما التشريعات الهامة على صعيد مجلس النواب والبلديات ومجالس الاقاليم، وان يقرأ الناس بوضوح معالم خطوات نحو حلول لتخفيف المشكلات الاقتصادية. ونحن لا نتحدث هنا عن الافكار العامة، وما سبق أن قالته الحكومات، بل عن الجديد المثمر.
ما على الحكومة ان تفعله هو ان تفتح لنفسها سجلاً من الانجازات، او امتلاك الرؤى والخطوات، وان تغمض عيونها وتنهمك في العمل اليومي، والا ستجد نفسها بعد شهور وقد اقتربت من نهاية عامها الاول وهي تبحث عن انجازات باستخدام البلاغة والانشاء والعموميات. وقد تهرب ايضاً من هذا الى تعديل، او تغرق في الاشاعات السياسية التي تستنزف روح الحكومات.
ثقة النواب القياسية، ومدائح الاصدقاء او مبالغات حملة البخور لكل الحكومات، قد لا تكون اكثر من الالعاب النارية التي نشهدها في الاعراس، والتي لا تغني العريس عن دفع اجرة البيت وشراء الخبز.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة