عندما كانت تلتحم الأصابع
تعاطف الكثيرون مع امرأة عربية أرادت الانفصال عن زوجها، بعدما اكتشفت بالصدفة أن شريك حياتها وحبيبها وأبا عيالها يخزّن رقمها في مبايله باسم (جهنم الحمرا). فكيف يطاق أن يحيا الواحد مع شريك عمر يعتقد أننا جهنمه اللاهبة، التي تميز من الغيظ؟
.
كان أحد الطاعنين في الزواج يفلسف سبب احتفاظه بصورة زوجته في محفظة جيبه، فهذه الصورة تهوّن عليه مصائب الدهر، وتقلل من شأن كل عثرات الحياة التي تنتابه في دربه، فكلما دهمته مصيبة، أو أسقطته عثرة، أو ألمت به خسارة، ما عليه إلا أن يخرج الصورة من مخبئها، ويتأملها متذكرا أن أكبر المصائب وأعظم الخسائر وأغلظ المقالب، قد مرت به وما زال حياً يرزق. فالغريق لا يخشى البلل | .
يااااااه. كيف يتغير بعض الرجال بعد الزواج؟ | ، هل يسقطهم التقادم وتغطي عيونهم غشاوة؟ | ، أم أن الاعتياد هو ما يفعل بنا كل هذا، ويجعلنا نرى شريكنا قبيحا، ونحن كنا نراه أجمل ما خلق الله في دنياه. أود لو أعرف كيف كان الرجل الفيلسوف صاحب نظرية الصورة في المحفظة، كيف كان برؤوس أصابعه يرفع خصلة شعر تطير في فضاء وجهها وتغطي بسمتها الرائعة | ، أو كيف كانت أصابعه تلتحم بأصابعها لساعات طويلة في أسابيع الزواج الأولى، وفي الطريق. أو حين كان يطعمها نصف لقمته بشفتيه في شهرهم الأول: ملعون أبو الاعتياد.
أعود لأسماء الزوجات في هواتف الأزواج الجوالة، فقد وصلتني رسالة من صديق على شكل جدول يحوي تفاصيل كثيرة لهذا الأمر. فالرجال يخزنون أسماء زوجاتهم بمرحلة الخطوبة: حبيبتي، عيوني، حياتي، نصفي الثاني، أجمل لحظاتي، وغيرها من ناعم الصفات والكلمات، وحين يرن الهاتف معلناً اسم الخطيبة، تأخذهم المكالمة لساعات وساعات، ولا يقطعها إلا نفاد الرصيد.
وحين يتقدمون قليلاً في الزواج، ويصير بينهما ولد أو ولدان، يخزنون الاسم: البيت، العيلة، الروتين، وتصبح المكالمة الهاتفية قصيرة لا تتجاوز دقيقتها الأولى، تتخللها طبخة اليوم، أو قائمة الطلبات، ولا تنس فوط الطفل، مع تذمر يتبعه زفرة راحة طويلة حين تنتهي المكالمة.
ولكن حين يتقدمون في الزواج أكثر، تتغير الأسماء والألقاب والكنايات، وتصبح: شوكة الحلق، غلطة عمري، المحقق كونان، البوليس، الداخلية، عزرايين، قباض الأرواح، اجاك الموت يا تارك الصلاة، أكلنا هوا، غوانتينامو، وهنا ليس أمام الزوج إلا الهرب من إجابة المكالمة، وحين تعاتبه الزوجة؛ يقول راسماً بسمة صفراء على كشرته: كان التلفون بالسيارة.
بقلم رمزي الغزوي
المراجع
addustour.com
التصانيف
صحافة رمزي الغزوي جريدة الدستور العلوم الاجتماعية
|