الفصل الثاني الدَّيْن الثابت و"المساعدات الاقتصادية" أولاً: حقيقة الشروط المالية: هناك قسم من الديون الخارجية يصفها المسئولون بأنها ديون سهلة، ويقال: إنها "مساعدات اقتصادية". هذه الديون مستحقة للحكومات العربية والأجنبية وللهيئات الدولية والصناديق العربية، وتوصف بأنها سهلة لأن آجال سدادها متوسطة أو طويلة؛ ولأن سعر فائدتها يبدو منخفضًا إلى حد ما (ولكن ليس في كل الأحوال) عن سعر الفائدة في الاقتراض التجاري. ويحسن قبل تحليل هذا الكلام، أن نحيط بالصورة الخارجية العامة لهذه الديون بعد الانفتاح، وبالتحديد خلال الفترة 74 – 1977. (1) القروض العربية (بعد أكتوبر/ تشرين أول 1973 وحتى 30/11/1977). أ- الحكومات العربية – جدول رقم (1): جدول (1) قروض الحكومات العربية بعد أكتوبر 1973 – نوفمبر 1977: [[ملف:شن6.pngتعليق]] وتضيف إلى البيانات الواردة في جدول (1) الملاحظات التالية: تقول بعض المصادر إن قيمته القروض والمنح التي قدمتها حكومة الكويت تزيد كثيرًا عن المبالغ الواردة في الجدول السابق: 700 مليون دولار لشراء أسلحة سوفيتية (تشرين الأول/ أكتوبر 1973) + 175 مليون دولار معونة عامة (حزيران/ يونيو 1974) + 150 مليون دولار أخرى للمجهود الحربي وبرنامج التعمير(1). تقول بعض المصادر: إن المبلغ الخاص بدولة الإمارات كانت ضمنه منحة بمبلغ 103 مليون دولار استخدمت لمشروعات التعمير وتمويل شراء طائرات بوينج ومنها الطائرة الخاصة برئيس الجمهورية – وذلك في حزيران/ يونيو 1974، بالإضافة إلى قرض 33 مليون دولار لتطهير القناة والتعمير (أواخر 1974) (2). وقد يتألف باقي المبلغ من قروض نقدية لمواجهة عجز ميزان المدفوعات. بالنسبة لحكومة قطر، معلوم أنها قدمت منحة 50 مليون دولار (3) للتعمير (حزيران/ يونيو 1974) بالإضافة إلى قروض 60 مليون دولار للمشاركة في إعادة فتح القناة وفي إنشاء مستشفى العجوزة، وفي مشروعات الإسكان، وكل ذلك قبل عام 1976. أيضًا اشترت حكومة قطر سَنَدات أصدرتها شركة النصر للأسمدة والصناعات الكيماوية (بضمان الحكومة المصرية) قيمتها 3.5 مليون دولار تستخدم في تمويل مشروع سماد طلخا رقم 2 وفائدة القرض 6.5% على 17 سنة (4). وقد نسجل عدم توفر أرقام للحكومة السعودية، ولا نستنتج من هذا طبعًا أنها لم تقدم قروضًا. ب- مؤسسات التمويل الجماعي: الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي (5) وقد حصلت منه مصر على قروض بلغت 230.6 مليون دولار، وكانت المسحوبات حتى 31/11/1977 – لا تتجاوز 25.5 مليون دولار، أي بنسبة 11.1% من إجمالي المتعاقد عليه(6)، وقد خصصت هذه القروض للمشروعات المبينة في الجدول رقم (2) مرتبة حسب تاريخ توقيع الاتفاقيات وتاريخ النشر في الجريدة الرسمية (حتى منتصف 1977). ج – مؤسسات التمويل القطرية: الصندوق السعودي للتنمية (7). حصلت منه مصر على قروض بلغت 213.6 مليون دولار ووصلت المسحوبات حتى 30/11/1977 إلى 80.4 مليون دولار بنسبة 37.6%(8)، وخصصت هذه القروض للمشروعات المبينة في الجدول رقم (3) مرتبة حسب تاريخ توقيع الاتفاقيات وتاريخ النشر في الجريدة الرسمية (حتى منتصف 1977). [[ملف:شن7.pngتعليق]] ملاحظات: 1- مجموع القروض (حسب الجدول) 55.9 مليون دينار كويتي = 195.7 مليون دولار. 2- يُلاحظ أن في القروض الثلاثة الأخيرة انخفض سعر الفائدة وقيل إنه للتيسير، ولكن يلاحظ في المقابل انخفاض متوسط فترة السداد. 3- الاتفاقيات السابقة حسب تاريخ النشر في الجريدة الرسمية: 1 و 2 في عام 1975 – 3 و 4 في عام 1976 – 5 و 6 و 7 في عام 1977. 4- بالإضافة إلى القروض المبنية قدم الصندوق منحة (300 د. ك) لدراسة عن تطوير المياه والمجاري في منطقة القاهرة الكبرى. 5- جاء في تقرير اللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب (بمناسبة الموافقة على زيادة حصة ج.م.ع في رأسمال الصندوق) أن سعر الفائدة ابتداء من القرض رقم (5) أصبح 3% فقط (مضبطة الجلسة 25(21/2/1977).. واضح أن هذا غير صحيح. جدول (3) قروض الصندوق السعودي إلى الحكومة المصرية: [[ملف:شن8.pngتعليق]] ملاحظات: 1- مجموع القروض (حسب الجدول) 571 مليون ريال سعودي = حوالي 160 مليون دولار، وقدمت الحكومة السعودية عام 1974 قروضًا أخرى بشروط مشابهة عن غير طريق الصندوق السعودي للتنمية وذلك للأعمال الإنشائية والتعمير في منطقة القناة، ولكن لم يشر بيان وزير المالية المصري إلى ذلك. 2- السعودية تجنبت كلمة الفائدة في اتفاقيات الصندوق فبدلاً من النص على فائدة القرض كتبت تكلفة القرض. وجاء في الاتفاقيات المشار إليها في الجدول، أنها بالترتيب 3% و 3.5% وهذا أقل من التكلفة الحقيقية، لأن هناك تكلفة أخرى سنوية ثابتة قيمتها 5% قيل إنها لقاء النفقة المدفوعة للالتزامات الخاصة، وبالتالي سجلنا في الجدول أن سعر الفائدة هو 3.5% و 4% و 4%. 3- اتفاقيات الصندوق حسب تاريخ النشر في الجريدة الرسمية: كلها في عام 1976 باستثناء اتفاقية القناة الموقعة عام 1974. الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية (9). حصلت منه مصر على قروض بلغت 197.7 مليون دولار ووصلت المسحوبات حتى 30/11/1977 إلى 129 مليون دولار بنسبة 65.3% (10)، وخصصت هذه القروض للمشروعات المبينة في الجدول رقم (4)، مرتبة حسب تاريخ توقيع الاتفاقيات وتاريخ النشر في الجريدة الرسمية (حتى منتصف 1977). صندوق أبو ظبي للإنماء الاقتصادي العربي (11). حصلت منه مصر على قروض بلغت 84 مليون دولار، ووصلت المسحوبات حتى 30/11/1977 إلى 49.4 مليون دولار بنسبة 58.8% (12)، وخصصت هذه القروض للمشروعات المبينة في الجدول رقم (5)، مرتبة حسب تاريخ توقيع الاتفاقيات وتاريخ النشر في الجريدة الرسمية (حتى منتصف 1977). المصرف العربي الليبي (13) حصلت منه مصر على قرض بلغت قيمته في 30/11 حوالي 10.1 مليون دولار وسحب بالكامل. كان القرض على هيئة شراء سندات أصدرتها شركة النصر للأسمدة والصناعات الكيماوية بضمان الحكومة المصرية، وذلك للمساهمة في تمويل مشروع مصنع سماد طلخا رقم (2) سعر الفائدة 6.5% (عام 1975). بنك التنمية الأفريقي (14). حصلت منه مصر على قرضين قيمتهما 10 مليون وحدة حسابية = 12 مليون دولار. وتم السحب لكل المبلغ. القرض الأول للمؤسسة المصرية العامة للكهرباء بضمان الحكومة المصرية لإقامة وحدات مولدات كهربائية (بورسعيد – الإسماعيلية – مرسى مطروح). قيمة القرض 5 مليون وحدة حسابية الفائدة 6% - السداد 14 سنة منها 4 سنوات سماح (عام 1975). القرض الثاني للمؤسسة المصرية العامة للكهرباء بضمان الحكومة المصرية لإقامة محطات محولات في السويس والقنطرة وفايد. قيمة القرض 5 مليون وحدة حسابية – الفائدة 6% - السداد 14 سنة منها 4 سنوات سماح (عام 1976).
  • وهناك إلى جانب هذه القروض للصناديق العربية، قرض من البنك الإسلامي للتنمية (12 مليون دولار) لم يسحب منه شيء (حتى 30/11/77) ويمكن أن نشير أيضًا إلى قرض الأوبك (14.5) مليون دولار وقد سحب بالكامل (قبل ذلك التاريخ) إلا أن القرض الأخير شأنه شأن قروض هيئة الخليج للتنمية في جمهورية مصر العربية، التي بلغت قروض مصر منها 1975 مليون دولار، والمسحوبات من هذا الرصيد كانت قد وصلت إلى 1292.5 مليون دولار (أي بنسبة 65.4%. كل من قروض الأوبك وهيئة الخليج حالة خاصة؛ حيث إنها لا تعتبر قروضًا استثمارية. وإنما ترتبط بمشكلة ميزان المدفوعات وأزمة الديون السائرة (انظر الفصل الثالث). [[ملف:شن9.pngتعليق]] ملاحظات: 1- مجموع القروض (حسب الجدول) = 45.2 مليون دينار كويتي (حوالي 154 مليون دولار). 2- كما هو الحال مع الصندوق السعودي نجد أن الاتفاقيات خفضت سعر الفائدة الحقيقي بـ 0.5% قيل إنها التزام سنوي ثابت على المدين لقاء المصاريف الإدارية. ولذلك تجد أن سعر الفائدة المنصوص عليه في الاتفاقيات هو 3.5% فقط وقد رأينا أن نصححه إلى 4%. 3- اتفاقيات الصندوق الكويتي حسب تواريخ النشر في الجريدة الرسمية: (1) و (2) عام 1974 – (3) و (4) و(5) عام 1975 – (6) عام 1976 – (7) عام 1977. [[ملف:شن10.pngتعليق]] ملاحظات: 1- مجموع القروض = 206.4 مليون درهم إمارات (51.6 مليون دولار). 2- أضفنا إلى سعر الفائدة الـ 5% التي حسبها الصندوق في بند خاص اسمه المصاريف الإدارية. 3- الاتفاقيات حسب تاريخ النشر في الجريدة الرسمية: (1) و (2) و (3) عام 1975 – (4) عام 1976. (2) القروض المقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية: حتى آخر فبراير/ شباط 1978، كان إجمالي القروض والمنح الأمريكية المقدمة إلى مصر يصل إلى 2280.9 مليون دولار (15) وذلك منذ عودة القروض (أو المساعدات) الأمريكية إلى التدفق عام 1975. ويشمل هذا المبلغ قروض فائض الحاصلات الزراعية: 545.6 مليون دولار في الأعوام الثلاثة. استخدم منها ما قيمته 468.6 مليون دولار والباقي لا يحق للحكومة المصرية استخدامه، لأن استيراد المواد الغذائية وِفْق هذه القروض يتحدد بالكمية وليس بالمبلغ المرصود، وقد حصلت مصر على الكمية المحددة لها بأقل من الأسعار التي كانت مقدرة، ويعني ذلك أن نسبة الاستخدام في هذا النوع من القروض 100%. وباقي القروض والمنح يقدم عبر وكالة التنمية الدولية AID (التابعة لحكومة الولايات المتحدة) وتوزع هذه على الأقسام الثلاثة التالية: أ- قروض سلعية لتمويل مشتريات مصر من السلع وبعض الآلات ومستلزمات الإنتاج حتى آخر شباط/ فبراير 1978 – جدول رقم (6). [[ملف:شن11.pngتعليق]] [[ملف:شن12.pngتعليق]] [[ملف:شن13.pngتعليق]] وإذا تتبعنا الاتفاقيات التنفيذية لهذه القروض من خلال النشر في الجريدة الرسمية نجد أن الاتفاقيات المنشورة عام 1975 (من 1 إلى 7 في الجدول رقم 6) مثلت قروضًا قيمتها 236.3 مليون دولار والاتفاقيات المنشورة عام 1976 (من 8 إلى 11) كانت قيمتها 155 مليون دولار فقط، والاتفاقيات التالية والمنشورة حتى عدد 27 من الجريدة الرسمية – 7 يوليو 1977، قيمتها 1079.3 مليون دولار، وباستثناء القرض السلعي الكبير الذي اعتمده الكونجرس الأمريكي بعد أحداث كانون الثاني/ يناير 1977 والذي نص على أن من ضمن أهدافه "صيانة الاستقرار السياسي"، باستثناء هذا القرض (440 مليون دولار) فإن باقي الاتفاقيات المنشورة في أعداد الجريدة الرسمية عام 1977 والذي نص على أن من ضمن أهدافه "صيانة الاستقرار السياسي"، باستثناء هذا القرض (440 مليون دولار) فإن باقي الاتفاقيات المنشورة في أعداد الجريدة الرسمية عام 1977 هي اتفاقيات موقعة في العام السابق، وقد يستنتج لأول وهلة أن هذا مؤشر عام على طول المدة التي تمر بين توقيع الاتفاقيات وبين التصديق عليها وبدء التنفيذ، وهو استنتاج لا يخلو من صحة، ولكن أهم من هذا أن عام 1976 كان عام ضغوط وتأزم في العلاقات، وعام 1977 كان عام الانفراج أو الاستسلام (انظر الفصلين الثامن والتاسع). على أية حال ، كان مجموع القروض المقدمة عبر وكالة التنمية الدولية (حسب الجدول 10) حوالي 2700 مليون دولار، وشروط القروض في كل الاتفاقيات موحدة، وتبدو ميسرة (10 سنوات سماح بفائدة 2%، ويبدأ بعدها السداد على 30 سنة بفائدة 3%). وإلى جانب وكالة التنمية الدولية، نشير أيضًا إلى بنك الولايات المتحدة للتصدير والاستيراد (وهو تابع لحكومة الولايات المتحدة)، ولكن إذا بدت على اتفاقيات وكالة التنمية الدولية سمات التيسير (سواء من حيث نسبة المنح، أو من حيث تيسيرات السداد في القروض) فإن قروض بنك التصدير والاستيراد عارية تمامًا، فهي قروض تجارية عادية، وكان عددها ثلاثة حتى تموز/ يوليو 1977 – القرض الأول: مساهمة في إنشاء فندق عمر الخيام (موقع عام 1975) والثاني (1977): لتمويل 45% من تكلفة الشراء في الولايات المتحدة للأصناف التي وافق عليها البنك لصالح مشروع مؤسسة الكهرباء. والثالث (1977) بالاشتراك مع مانيفا كتشرزها نوفرترست كومباني لتوريد أجزاء متكاملة للقطارات وقطع غيار، جميعها صنع الولايات المتحدة. والقروض الثلاثة متوسطة الأجل، مرتفعة الفائدة ولا تتجاوز قيمتها معًا 14 مليون دولار. (3) القروض من أوربا الغربية واليابان ننتقل الآن إلى القروض والمنح المقدمة من أوربا الغربية وهي كالتالي، (منذ البداية الرسمية للانفتاح عام 1974، حتى 30/11/1977 – بملايين الدولارات). ألمانيا الاتحادية: قيمة القروض والمنح 594 مليون دولار والمسحوبات منها بنسبة 64.5% - والأرقام المقابلة بالنسبة للمملكة المتحدة كانت على التوالي: 27.3 مليون دولار و44.7% - فرنسا: 224.5 مليون دولار و 19% - هولندا: 41 مليون دولار و 22.4% - بلجيكا: 4.3 مليون دولار ولم يسحب من هذا الرصيد شيء – النرويج: 117.4 مليون دولار ولم يسحب من الرصيد شيء – الدانمارك 24.6 مليون دولار والمسحوبات 93% إيطاليا: 83.7 مليون دولار والمسحوبات 25.2% - أسبانيا 35 مليون دولار سحبت بأكملها. [[ملف:شن14.pngتعليق]] [[ملف:شن15.pngتعليق]] [[ملف:شن16.pngتعليق]] [[ملف:شن17.pngتعليق]] وبالتالي كان مجموع القروض والمنح من دول أوربا الغربية يبلغ 1151.9 مليون دولار وكان مجموع المسحوبات 548.7 مليون دولار بنسبة 47.6%. وبالنسبة لليابان كان إجمالي القروض والمنح 309.8 مليون دولار، والمسحوبات 165.2 مليون دولار، بنسبة 53.3%، وكان إجمالي القروض والمنح بالنسبة لإيران (الشاه) 320 مليون دولار تم سحبها بالكامل (أي بنسبة 100%). وإذا عاملنا أوربا الغربية واليابان وإيران كمجموعة واحدة، يكون إجمالي القروض والمنح منها جميعًا 1781.7 مليون دولار، والمسحوبات 1033.9 مليون بنسبة 58%(17). (4) قروض مجموعة البنك الدولي والآن.. قطاع الهيئات الدولية: وهو في هذا المجال يتمثل أساسًا في قروض مجموعة البنك الدولي (وبالتحديد قروض البنك الدولي للإنشاء والتعمير IBRD وهيئة التنمية الدولية IDA (18). ومعروف أن مجموعة البنك الدولي تضم أيضًا مؤسسة التمويل الدولية IFC، إلا أنها تخرج عن سياقنا الحالي، فهذه المؤسسة تسعى إلى تشجيع القطاع الخاص بشكل مباشر عن طريق القيام بعمل شركات تباع للقطاع الخاص بعد تشغيلها ونجاحها. وقد بدأت مؤسسة التمويل الدولية تزاول نشاطها في مصر بعد أن عادت الروح إلى الاتفاقية الموقعة معها عام 1954، فأسهمت في شركة الخزف العربية لتصنيع الأدوات الصحية والقيشاني للتصدير، وهي تُسهم أيضًا في بناء مصنع للملابس الجاهزة. على أيَّة حال نترك حاليًا مؤسسة التمويل هذه، ونقول إن علاقة الحكومة المصرية مع مجموعة البنك الدولي ككل كانت قد انقطعت منذ قرض عام 1959 مع البنك الدولي لتحسين المِلاحة في قناة السويس (56 مليون دولار)، واستؤنفت العِلاقة بمشروعات محددة في الفترة من 1970 إلى 1974، مثل قرض لمصنع سِماد طلخا رقم 2، قيمته 0.4 مليون دولار – وقرض لمشروعات الصرف ومكافحة البلهارسيا (36 مليون دولار) – وقرض لبرامج تنظيم الأسرة (5 ملايين دولار) – وقرض آخر لتطوير المحالج. وقد تزايد المعدل سريعًا بعد الانفتاح الاقتصادي. خلال الفترة من 1970 إلى حزيران/ يونيو 1977 (وهي نهاية السنة المالية للبنك الدولي عام 76 – 1977)، بلغ إجمالي القروض التي حصلت عليها مصر من مجموعة البنك الدولي 867 مليون دولار. وكانت القروض المقدمة لمصر في ميزانية البنك 74/ 1975 – 227 مليون دولار، وفي ميزانية 75/ 1976 – 222 مليون دولار، وفي ميزانية 76/1977 – 267.5 مليون دولار. أما من حيث نسبة الاستخدام فإنه من بين 27 قرضًا بلغ مجموعها كما قلنا 867 مليون دولار، لم يكن قد تم استخدام أكثر من 227.7 مليون دولار حتى أول أيلول/ سبتمبر 1977 (بنسبة 26.3%) (19). ويلاحظ في قروض مجموعة البنك الدولي أنها باستثناء قرضي الواردات الصناعية والزراعية (قيمتهما 140 مليون دولار والمُستخدم 65.1 مليون دولار) خصصت كلها لمشروعات محددة تمتد من الهياكل الارتكازية إلى الصناعة والزراعة والري وإلى بعض الخدمات أيضًا. وتختلف شروط القروض المقدمة حسب طبيعة الجهة مانحة القرض. فشروط هيئة التنمية الدولية ميسرة؛ حيث لا تدفع عنها أية فائدة، اكتفاء بمصاريف خدمات بنسبة 3.4% وتسدد على فترات طويلة تصل إلى 50 سنة مع فترة سماح حوالي 10 سنوات. ومبلغ قروض الهيئة 332.5 مليون دولار (أي بنسبة 39% من قروض مجموعة البنك ككل). أما شروط قروض البنك الدولي، فإن بعض الاتفاقيات كانت بشروط النافذة الثالثة المخصصة لدول العالم الثالث، وهي شروط يزيد عبؤها كثيرًا عن قروض هيئة التنمية، ويقل عن عبء قروض البنك الدولي (الفائدة 4.5%) وتبلغ هذه القروض 62 مليون دولار (أي 7% من إجمالي قروض المجموعة). وبالنسبة للقروض المقدمة بالشروط التقليدية للبنك الدولي، فإن الفائدة وآجال السداد تحدد وِفْقًا للأوضاع السائدة في الأسواق المالية وقت توقيع القرض (يتراوح سعر الفائدة بين 8 و 9%) وتبلغ قيمة هذه القروض 472.5 مليون دولار، أي حوالي 54% من الإجمالي. (5) الحجم الإجمالي للديون الطويلة والمتوسطة الأجل حسب البيانات السابقة (وبالتحديد حسب أرقام وزير المالية حتى 30/10/1977) كان مجموع المنح والقروض الطويلة الأجل المقدمة من الحكومات والصناديق العربية + الولايات المتحدة + أوربا الغربية واليابان وإيران الإمبراطور + البنك الدولي = 6324 مليون جنيه (ولا يدخل في هذا: القروض النقدية الطويلة الأجل التي استخدمت في تصفية الديون القصيرة الأجل). ووِفْقًا لنفس البيانات كانت المسحوبات من هذا المبلغ 2943 مليون جنيه رغم أن القيسوني كان قد قدر المستخدم من هذا النوع من القروض بحوالي 1600 مليون جنيه فقط. (4000 مليون دولار – راجع الفصل الأول). صحيح أن بيان القيسوني كان حتى آخر كانون أول/ ديسمبر 1976، ولكن لا نعتقد أن الفارق بين الرقمين (أكثر من 1300 جنيه) يرجع فقط إلى هذا الاعتبار، فقد كان بيان وزير المالية بهدف إثبات نجاح الحكومة في رفع معدلات استخدام القروض الخارجية المتاحة، ومن شأن هذا الموقف أن تعاد طريقة الحساب على نحو ما يخدم الغرض (مثل إضافة المنح والقروض النقدية). على أيَّة حال، هذه القروض كانت تمثل مجموع الدَّيْن الخارجي الثابت (حسب تعبيرات مرحلة الخديوي)، مع الدول العربية والعالم الغربي، أو مجموع الديون الطويلة والمتوسطة الأجل مع هذه الدول والهيئات، إذا استبعدنا الديون النقدية عام 1977 مع هيئة الخليج أو بضمانها، وهذا النوع من الدَّيْن وصفه القيسوني بأنه لا يشكل عبئًا كبيرًا على ميزانية هذه السنة (1977)، "وقد لا يزيد العبء السنوي المستحق على هذه الالتزامات الطويلة الأجل عن 400 مليون دولار" (20)، ولا أدري كيف يوصف عبء 400 مليون دولار بأنه غير مرهق، في وقت تتزايد فيه صادراتنا السلعة بمعدلات بالغة الانخفاض؟ وقد حرصنا على الإشارة إلى الصادرات السلعية بالتحديد لأنها المعيار الحقيقي لتحسن الإنتاجية في الاقتصاد المصري في مواجهة العالم الخارجي. ولكن بما أن هذا الدَّيْن الثابت أصبح مشهورًا في أيامنا باسم "المساعدات الاقتصادية"، أو بأنه قطاع الديون السهلة، فإنه يلزم أن نقترب منه ونحلل شروطه؛ وحيث إن وصف هذه الديون بأنها سهلة أو ميسرة يعود إلى شروطها المالية، فإننا نبدأ بهذا المعيار. (6) المفهوم الصحيح للديون الصعبة أشرنا في الفصل الأول إلى ضرورة الاتفاق على مفهوم أوسع، وأصح في تقديرنا، للديون السهلة والديون الصعبة، حتى مع التقيد بمعيار الشروط المالية وحده. فالديون الصعبة – وِفْقًا للمفهوم الذي نتبناه – هي الديون التي تهدد المدين بحالة إعسار بسبب عبء مدفوعات خدمة هذه الديون. ولا يتوقف حجم هذه المصاعب على مجرد سعر الفائدة وآجال الديون فهو يرتبط أيضًا وفي الوقت نفسه بأوجه استخدام القروض. وباختصار يمكن أن نصوغ وجهة نظرنا كالتالي: خدمة دَيْن مرتفعة + استخدامات استهلاكية  أصعب أنواع الديون. خدمة دَيْن مرتفعة + استخدامات إنتاجية  دَيْن صعب. خدمة دَيْن منخفضة + استخدامات استهلاكية  دَيْن صعب. خدمة دَيْن منخفضة + استخدامات إنتاجية  دَيْن سهل. وإذا كان البديل الرابع هو وحده الذي يستحق وصف الدَّيْن السهل، ويمكن أن يحمل بذرة مساعدة اقتصادية، فإن هذا يتطلب منا إعادة تقييم الأرقام التي استخدمناها في هذا الفصل، فقد اتفق المسئولون في القطاع الاقتصادي على اعتبار البديلين (1) و (2)، ديونًا صعبة، ولكن أرقامهما عن الديون السهلة لم تميز بين (3) و(4). وإذا أردنا نحن أن نفصل بين الاثنين فإن التوصل إلى نتائج يرتكن لدقتها غير متاح تمامًا، ولكن متى كان التوصل إلى أرقام ثابتة الدقة ممكنًا في الاقتصاد [[ملف:شن18.pngتعليق]] بنفس المعيار تخرج غالبية الديون الإيرانية الشاهنشاهية من دائرة الديون السهلة، وكذلك أغلب ديون الحكومات العربية (وليس الصناديق العربية) الواردة في بيان وزير المالية، فهي ديون استخدمت لنفس الغرض، أو كجرعات سائلة تسد بعض ظمأ ميزان المدفوعات الجاري، وهي في أي من الحالين تعتبر موجهة بشكل أساسي للاستهلاك. وبالنسبة لأوربا الغربية واليابان حاولنا أن نعزل بين ديون الاستهلاك وديون الاستثمار بالرجوع إلى نصوص الاتفاقيات مع الاستعانة كمؤشر بمكونات الواردات السلعية من الدول الغربية (بين سلع استهلاكية ووسيطة واستثمارية وأمكننا في النهاية أن نهبط برقم المنح والقروض الخارجية المتاحة، والتي تدخل في مفهومنا للقروض السهلة، إلى حوالي 2990 مليون دولار فقط (بدلاً من 6324 مليون دولار). وهبط رقم القروض الخارجية السهلة المستخدمة إلى حوالي 950 مليون دولار فقط (بدلاً من 2943 مليون دولار). ويترتب على هذا الاستخدام أكثر تحديدًا لمصطلح الديون السهلة تعديل جذري في ترتيب الدول المقدمة للمنح وللقروض السهلة (أي للقروض الإنتاجية ذات الأعباء المالية الميسرة). فحسب إسهام الجهة الدائنة كان الترتيب على أساس الأرقام الحكومية للمنح وللديون الخارجية (شاملة غير المستخدمة) يضع الولايات المتحدة كمصدر أول للقروض السهلة وبعدها مجموعة أوربا الغربية واليابان وإيران ثم الدول والصناديق العربية ثم مجموعة البنك الدولي. ويتغير هذا الترتيب على أساس الأرقام الحكومية للديون الخارجية المستخدمة، فمجموعة أوربا الغربية واليابان وإيران في هذه الحالة تأتي في المقدمة وبعدها الولايات المتحدة، ثم الحكومات والصناديق العربية، ثم مجموعة البنك الدولي. ولكن عند استخدام مفهومنا للديون السهلة يتعدل الترتيب السابق على النحو التالي: في حالة الترتيب وِفْقًا لحجم المنح والديون الميسرة (شاملة المبالغ غير المستخدمة) تصبح الحكومات والصناديق العربية المصدر الأول وبعدها الولايات المتحدة، ثم البنك الدولي، وبعده مجموعة الدول الأوروبية – اليابان (واستبعدت إيران). ولكن يلاحظ أن معدلات الاستخدام بالنسبة للقروض الأمريكية السهلة واضح الانخفاض (20%) على عكس الحالة في القروض الأمريكية الصعبة، وكذلك يلاحظ انخفاض معدل السحب على قروض مجموعة البنك الدولي (21.7%) بينما تتحسن معدلات الاستخدام في حالة القروض العربية، وإلى حد ما مع أوربا الغربية واليابان، ويؤدي هذا إلى أنه في حالة ترتيب الجهات المقدمة للقروض السهلة حسب حجم القروض المستخدمة فعلاً، يؤكد وضع الدول والصناديق العربية في الموقع الأول بين الجهات المقدمة للقروض، وتظل الولايات المتحدة في الموقع التالي، ولكن بفروق ضئيلة مع الباقين، وتتنافس مجموعة البنك الدولي مع مجموعة أوربا واليابان على الموقع الثالث. ويمكن أن نقول إن نصيب الصناديق والحكومات العربية من القروض السهلة المستخدمة يتساوى – وقد يتجاوز – نصيب الولايات المتحدة وأوربا الغربية واليابان معًا. ينبغي فقط في هذه النقطة أن نضيف إن قروض الحاصلات الزراعية – رغم إخراجنا لها من دائرة القروض السهلة – تحتاج وقفة خاصة، نظرًا لما يقال حول تسديدها بالجنيه المصري، ونفعل ذلك في ختام عرضنا "لحقيقة الشروط المالية". (7) آجال السداد ومعدلات الفائدة أ- نبحث الآن في دائرة القروض السهلة – كما حددنا – آجال السداد، ومعدلات الفائدة. وبالنسبة لآجال القروض، (أو معدل العبء الزمني) يبدو من البيانات السابقة أن القروض العربية لم تمثل ميزة خاصة بل كانت أسوأ من غالبية القروض، ففترة السماح في القروض العربية تفاوتت بين 3 سنوات (الصندوق السعودي مثلاً) و5 سنوات كحد أقصى في غالبية القروض، باستثناء حالتين فقط امتدت فيهما فترة السماح إلى 6 سنوات. وكذلك يلاحظ أن آجال القروض العربية تراوحت بين 15 و 20 سنة كحد أقصى. أما قروض أوربا الغربية، فترة السماح بين 5 و 10 سنوات، وآجال القروض كانت بين 23 و 30 سنة باستثناء قرض واحد من قروض ألمانيا الاتحادية (وذلك حسب النصوص المنشورة في الجريدة الرسمية حتى منتصف 1977). وفي حالة اليابان كانت فترة السماح 7 سنوات في كل الاتفاقيات، وآجال القروض بين 18 و 25 سنة (حسب النصوص في الجريدة الرسمية حتى منتصف 1977). أما عن قروض الولايات المتحدة فإنه باستثناء القروض المحددة العدد والقيمة لبنك الولايات المتحدة للتصدير والاستيراد، فإن آجال القروض مع وكالة التنمية الدولية كانت في العادة 40 سنة منها 10 سنوات سماح، ولم تسبقها في هذه الناحية – إلا اتفاقيات القروض مع هيئة التنمية الدولية؛ حيث حددت آجال القروض بـ 50 سنة منها 10 سنوات سماح، إلا أن آجال القروض في اتفاقيات البنك الدولي من ناحية أخرى – تراوحت بين 18 سنة (منها 5 سنوات سماح) و25 سنة (بدون فترة سماح) ورغم الاختلاف بين في درجة التيسير في السداد بين قروض الهيئة وقروض البنك، تظل قروض البنك من حيث آجال السداد أفضل من قروض الصناديق العربية. وبالنسبة لمعدلات الفائدة (ونضيف إليها ما يسمى أحيانًا بالمصاريف الإدارية) تُمثل الاتفاقيات مع البنك الدولي المعدل الأسوأ أو الأعلى، إذ تراوح سعر الفائدة في الاتفاقيات بين 4.5 % (في حالة القروض بشروط النافذة الثالثة) وبين 8.5% وتلي البنك الدولي الصناديق والجهات العربية؛ حيث تراوح سعر الفائدة بين 4 و 5 و 6%- أما أوربا الغربية فقد تباينت معدلات الفائدة في قروضها، ولكن كانت كلها أقل من القروض العربية (تراوحت بين إعفاء كامل من الفوائد وبين 0.75% و 3.75% في الاتفاقيات المنشورة في الجريدة الرسمية حتى منتصف 1977) – مع اليابان تراوح سعر الفائدة بين 2% و 3% - وبالنسبة للولايات المتحدة فإنه باستثناء قروض بنك الولايات المتحدة للتصدير والاستيراد التي وصلت فوائدها إلى 8.75%، نجد أن الغالبية الساحقة من القروض، والتي قدمت عن طريق وكالة التنمية الدولية، تحددت فائدتها على أساس 2% أثناء فترة السماح و3%، لفترة السداد، وقد تلقت مصر منحًا لإقامة مشروعات منتجة عن طريق وكالة التنمية الدولية وبالتأكيد فإن هذه المنح الإنتاجية (وحتى غير الإنتاجية سواء في شكل سلع استهلاكية أو خدمات) تعتبر بمعيار الأعباء المالية على ميزان المدفوعات – تدفقًا لموارد سهلة. ويبدو وِفْق هذه المقارنات، أنه – في نطاق القروض السهلة – قد تكون قروض وكالة التنمية الأكثر يسرًا، بالإضافة إلى قروض هيئة التنمية. إلا أن قروض هذه الهيئة ترتبط بقروض البنك الدولي ذات الشروط الصعبة، والحقيقة أن البنك الدولي سعى لملاقاة العسر الواضح في قروضه بعدد من الوسائل منها قروض هيئة التنمية الدولية التي لم تتجاوز سعر فائدتها 0.75% سنويًّا، كذلك قدم البنك قروضًا بفائدة مخفضة نسبيًّا (بشروط النافذة الثالثة). وأيضًا استخدم البنك الدولي علاقته أحيانًا للحصول على موارد مالية إضافية بشروط ميسرة، لبعض المشروعات التي شارك في تمويلها بالنقد الأجنبي ومثال ذلك قرض المشروعات المتعلقة بالصرف المغطى وتحسين المصارف المكشوفة، مع إقامة محطة طلبات واستصلاح أراضٍ شديدة الملوحة، وبرنامج لمكافحة البلهارسيا. فاتفاقية البنك الدولي في هذا المجال المتكامل كانت قرضًا قيمته 10 ملايين دولار وارتبطت باتفاقية مع وكالة التنمية الدولية قيمتها 30 مليون دولار بالشروط المالية الميسرة الواردة في الاتفاقيات المختلفة مع الوكالة ثم تم تدبير قرض آخر مع هيئة التنمية الدولية قيمته 40 مليون دولار بالشروط المالية الميسرة لهذه الهيئة. ولكن يلاحظ أن اتفاقيات البنك الدولي والجهات العربية انفردت بالنص – على شرط جزائي ضد أي تباطؤ في استخدام المبالغ المتعاقد عليها، فاتفاقيات البنك الدولي تلزم المقترض بدفع 0.75% كرسم ارتباط على المبالغ غير المسحوبة من القرض، والاتفاقيات مع الجهات العربية تلزم بدفع 0.5% على المبالغ التي صدر بشأنها تعهد نهائي غير قابل للرجوع فيه بناء على طلب المقترض. وتعني هذه النصوص أن الجانب المصري يتحمل عبئًا ماليًّا حتى وإن لم يستخدم الأموال فعلاً، أو إذا تأخر في استخدامها. وفي الظروف الحالية (حيث يتبادل اللوم المسئولون المصريون وممثلو هذه الهيئات حول البطء في استخدام القروض) يحدث عمليًا أن التكلفة المالية للقروض مع هذه الجهات ترتفع أكثر من ارتفاعها الأصلي – نتيجة هذا الشرط. ويلاحظ أيضًا أن الصناديق العربية نصت في اتفاقياتها على ضمان فريد ضد احتمال خفض سعر العملة، فقد نصت على أن "يكون سحب جميع مبالغ القرض والوفاء بها، وكذلك يتم جميع المعاملات المالية المتعلقة بهذه الاتفاقية، بالدنانير الكويتية (أو الريالات السعودية أو درهم الإمارات حسب الحالة).. وذلك على أساس قيمة الدينار الذهبية المحددة في الاتفاقية الخاصة مع صندوق النقد الدولي في تاريخ التوقيع على هذه الاتفاقية وهي كذا من الذهب الصافي". وهذا النص يرفع عبء احتمال تغيير سعر العملة أثناء مدة القرض عن كاهل الصندوق ويلقيها على كتفي المدين الذي تقدم له "المساعدة" الاقتصادية. والصندوق السعودي ينص أيضًا على أن يتم تحويل الريالات إلى عملات أجنبية بأفضل الأسعار، وكذلك أن يتم التحويل إلى ريالات عند السداد بأفضل الأسعار، ولاشك أن هذا النص يزيد الأعباء المالية على الاقتصاد المصري، ويعبث باستقرار العلاقات المالية، فلا المخطط المصري على يقين من القيمة الفعلية للأموال التي سيسحبها، ولا هو على يقين من المدفوعات التي يلتزم بها. ومع ذلك فإن الصندوق العربي ينص في اتفاقياته على أنه إذا حصل المقترض على أية شروط مالية أو فنية من ممول آخر مختلفة عن الشروط الواردة في هذه الاتفاقية فإن الصندوق العربي يحتفظ لنفسه بالحق في المعاملة بالمثل، وتعديل هذه الاتفاقية ليحصل على نفس تلك الشروط إذا رأى أن ذلك في مصلحته.. ولكن ماذا لو حصل المقترض على شروط أفضل من وجهة نظره؟ هل يقبل الصندوق العربي – في هذه الحالة – تعديل الاتفاقية لصالح الدولة المتلقية للمساعدة؟ بالطبع لا. قد يستنتج من العرض السابق أن القروض التي تقدمها الجهات العربية كانت من أسوأ – إن لم تكن أسوأ – القروض المتاحة والمستخدمة، ولكن ينبغي أن نذكر بحقيقة أن بحثنا الحالي ينحصر في القروض الإنتاجية، ومن المعروف أن التدفقات المالية العربية لم تقتصر على هذا الجانب، ومعروف بالتحديد أن أكبر التدفقات غير المسددة (أي المنح)، التي أسهمت في سد جانب هام من عجز العمليات الجارية، جاءت من الحكومات العربية. ولا شك أن إضافة هذه الحقيقة إلى الصورة، يعدل من استنتاجنا حول مدى العبء الذي كلفتنا به التدفقات المالية العربية إلا أن هذا التحسين لصورة التدفقات العربية هو في إطار الناحية المالية البحتة، وهي الناحية التي لا نتناول غيرها في المستوى الحالي من التحليل.
ب- بقى أن نحدد المدى أو المعيار، لأعباء خدمة الدَّيْن، والذي يعني الالتزام به (في حالة الديون الإنتاجية) اعتبار الدَّيْن ضمن الديون السهلة. وينبغي أن نتنبه هنا إلى أن مدى سهولة القرض، مسألة لا يمكن تقديرها بمعايير مطلقة أو بمعايير من داخل شروط القرض وحدها وبغض النظر عن ظروف الزمان والمكان، فلا يمكن القول مثلاً بأنه إذا كان سعر الفائدة كذا في أي قرض ولأي بلد، يكون القرض بالغ أو متوسط السهولة. فهذا المتغير لا بد أن يرتبط بالمتغيرات الأخرى ذات العلاقة في الاقتصاد القومي المعين، حتى نتوصل إلى تحديد واقعي لمدى السهولة، أو التيسير الذي يمثله القرض. وقد تم عدد من المحاولات في هذا الاتجاه. وأوضح م. م الإمام أنه ينبغي أن نفرق في هذه المحاولات بين وجهة نظر الدائن، ووجهة نظر المدين. فعند تحديد مستوى الاقتراض المأمون، والمعدل الحرج لسعر الفائدة، ينصب اهتمام الدائن على تعيين الحد الذي لا يمكن تجاوزه حتى يتمكن المدين من الانتظام في سداد التزاماته، هذا هو اهتمام الدائن. ولكن المدين له رؤية مختلفة فمن الممكن أن تتحقق شروط الاقتراض "المأمون" بالمفهوم الذي يراه الدائن "ومع ذلك تخرج الدول النامية من الحلقة المفرغة للقروض فإذا بها في وضع أسوأ مما كانت تستطيع أن تبلغه لو أنها ارتضت معدلات متواضعة للنمو تتحدد بإمكانياتها الذاتية مهما كانت محدودة". وعلى سبيل المثال فإن البنك الدولي اشتق المعدل الحرج لسعر الفائدة على أساس علاقة تقريبية تضمن أن تنمو خدمة الدَّيْن عند معدل متقارب من معدل النمو في الدخل، وأوضحت دراسة الإمام أن مثل هذا المعدل يضمن في الحقيقة أن الدَّيْن سيكون ممكنًا سداده بالكامل على فترة طويلة جدًا. وهذا يدعم منطق ذلك المعدل. إلا أن المدين لا يهتم بمجرد سداد دَينه، ولذا فإن المعدل الحرج لسعر الفائدة بالنسبة له هو الحد الأقصى الذي يؤدي تجاوزه إلى خفض رأس المال ودخل المدين عن المستوى الذي كان ممكنًا بلوغه بدون القروض. والمعدل الحرج من هذا المنظور – وكما أثبتت الدراسة – أقل كثيرًا من المعدل الذي يقترحه البنك الدولي. "ويترتب على ذلك أن أحد البلاد قد يقبل وِفْقًا لمبدأ البنك الدولي قروضًا تؤدي في نهاية الأمر إلى إفقاره".. وقد استخلص الإمام من مجمل دراساته قاعدة هامة وأساسية تنص على أنه "حتى يمكن أن تتحقق فائدة ولو هامشية (من وجهة نظر المدين – ع ح) فإن سعر الفائدة على القروض يجب أن يكون أقل من معدل النمو في الاقتصاد المقترض. وبعبارة أخرى فإن الاقتراض بسعر 7% مثلاً في دولة تنمو بمعدل 6% ينتهي بالدولة بعد سداد القروض إلى رأسمال قومي أقل مما لو لم تقترض إطلاقًا. وكأن الدولة بذلك مولت زيادات حالية في الدخل والاستهلاك على حساب خسارة مستمرة فيهما في المستقبل " (22). وفي هذه الحالة لا يمكن اعتبار مثل هذا الدَّيْن دينًا سهلاً. وأعتقد أن تطبيق هذا المعيار على الديون المصرية الإنتاجية الطويلة الأجل، يخرج قسمًا كبيرًا – من هذه الديون أيضًا – من دائرة الديون السهلة.

المراجع

www.google.jo/url?sa=t&rct=j&q=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF+%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A+doc&source=web&cd=38&ved=0CF0QFjAHOB4&url=http%3A%2F%2Fel3amal.org%2Fdoc%2Fektesad1.doc&ei=BDCpT-X4IaKe0QW03tnoAQ&usg=AFQjCNGlvH7ly8Om32pD_7W77ys6dvAPCAموسوعة الأبحاث العلمية

التصانيف

الأبحاث