يبدو ان توقعات بعض الاوساط بتطور نوعي في أداء مجلس النواب نوع من التفاؤل المرتبط بالرغبة. فالسادة النواب يقدمون فرصا ذهبية لنقد المجلس وهدر وقته ومكانته لدى الاردنيين.
منذ اسبوع وداخل اروقة المجلس معركة وهمية وقصة يجري الالتهاء بها تتعلق برئاسة اللجنة المالية والاقتصادية، حيث تم اختيار رئيس بالقرعة بعد تساوي الاصوات، لكن سبعة من الاعضاء الـ 11 قدموا استقالاتهم، لندخل في جدل اعلامي ونيابي وقانوني وتراشق في التصريحات. لكن التقييم المباشر لما يجري ان هذه المعركة الشكلية دليل على عجز المجلس عن ادارة قضاياه بطرق معقولة، فهذه اللجنة يفترض انها ستدرس مشروع قانون الموازنة وانها تتحمل مسؤولية في دراسة النهج الاقتصادي للحكومة، إلا أنها آثرت الدخول في صراعات شكلية حول الرئاسة، وكأن هذه اللجنة ستحكم البلاد او ستقرر مستقبل الامة!
هذه المشكلة التي شاهدها الاردنيون وتابعوها عبر حوارات التلفزيون المتتالية وتقارير الصحف تعبر عن منهجية السادة النواب في ادارة قضاياهم الداخلية. ولعل البعض يشعر بسعادة ان هناك قضية، وأصل هدر الوقت والمكانة هو ممارسة بعض الفئات خلافا بشكل مبالغ فيه، واعتقادا منهم انها معركة تقرير المصير، مع ان الاصل انها اجراء روتيني في اختيار رئيس اللجنة ومقررها.
مشكلة النواب انهم متساهلون ودودون تجاه الحكومات في معظم القضايا. فالثقة التي تمثل موسما سياسيا لاختبار مؤسسية المجلس وقدراته السياسية، هذه الثقة تمر بسهولة، بحيث تحولت في نظر الناس الى مواسم شكلية، نتائجها معلومة، وهامش التوقع محصور بالرقم الذي تحصل عليه الحكومة. لهذا لم يعد ما يقوله النواب من كلام قوي في الخطابات او في وسائل الاعلام محل تأثير لدى الناس، فالنهاية معروفة مثل الافلام والمسلسلات العربية حيث النجاح الكبير للحكومات واسراف في الثقة والتفاؤل.
واحيانا يحاول البعض تفسير الاداء غير المفهوم مثل مشكلة اللجنة المالية او كما حدث في عام سابق عندما تعطل تشكيل اللجان، بانه حراك ديمقراطي وسياسي داخل المجلس، مع ان التفسير المناسب هو ضعف الخبرة والانشغال بالقضايا البسيطة عن الملفات الهامة.
واحيانا يقول البعض ان نسبة كبيرة من السادة النواب حديثي خبرة بالعمل النيابي، وان على الناس منحهم الفرصة، فماذا بقي بعد العام الثالث من فرصة! وهل علينا ان ندفع ثمن تدريب بعض الوزراء الذين يأتون بلا خبرة وثمن تدريب النواب او معظمهم، وان ننتظر السنوات حتى يتم النضج ونحصل على النتائج المرجوة؟!
ربما لم يعد لدى السادة النواب الكثير من الوقت والفرص. فحتى لو استمر المجلس حتى نهاية مدته الدستورية فإن الوقت ضيق، بخاصة ان الاداء لم يتغير الى الاحسن الا اذا كانوا يعتقدون ان عمر مجلس النواب عشر سنوات وليس اربعا.
كتل يغيب عن معظمها التماسك، استقالات غير مفهومة، وتغير في منظومة المصالح، تحالفات غير مبررة احيانا، رفض لمشاريع قوانين ثم العودة بعد حين لقبولها، كل هذا متغير باستثناء حالة الود تجاه الحكومات وتمريرها بأرقام قياسية. إنّ الحراك السياسي ليس في تعطيل لجنة مهمة وخلاف على آلية اختيار رئيسها، بل في موقف علمي منهجي من الحكومات وبرامجها السياسية والاقتصادية، والتأثير في مسارالدولة، وايجاد توازن بين السلطات.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة