قضية النمو السكاني وعلاقته بالتنمية وإمكانات الأردن إحدى القضايا المهمة التي ما زال التعامل معها يتم بمستويات متدنية من الاهتمام حتى من قبل الحكومات والوزارات والمؤسسات. كما ان خلطا سلبيا صاحب الحديث عنها حيث اعتبرها البعض مرتبطة بموضوع الإنجاب ثم تطور الامر ايجابيا ليصبح المباعدة بين المواليد، لكن الفكرة الاساسية هي ايجاد معادلة بين من ننجب وما نملك من موارد دون مخالفة للشريعة او اجبار عبر تشريعات، بل نتيجة التوجيه ووعي الناس بأن مساحة البيت او الدخل الشهري لا تكفي لإسرة من 10 افراد او اكثر.
ومن الارقام السكانية الاردنية نقطف بعضا مما ورد في دراسة المجلس الاعلى للسكان، ومنها ان الأردن فيه اكبر نسبة مئوية للنمو، ولا يتقدم علينا من الدول الا السودان واليمن وفلسطين، وان كل الف نسمة في الاردن يزيدون 22 شخصا كل عام، ولدينا في التركيبة السكانية مليون طفل ومليون طفلة دون سن 15 عاما وهي فئة غير منتجة وغير عاملة، بل تحتاج للرعاية والانفاق من الأسرة والدولة.
وفي الاردن 61% من عدد السكان اقل من 25 عاما، وان نسبة من هم فوق 60 عاما حوالي 6% من السكان، اي اننا مجتمع شاب وهذا ايجابي في بعض الجوانب، لكنه يعني اننا نملك اجيالا ستقبل على الزواج وستقوم بالانجاب، وان هذه الملايين تحتاج ايضا الى فرص عمل وبيوت للسكن.
اما توزيع سكان الأردن على الجغرافيا والمساحة فهي غير متوازنة، فالشمال يسكنه 28% من السكان ويقيمون على 30% من مساحة الاردن وهذه نسبة معقولة، اما العاصمة عمان ففيها 63% من السكان يعيشون على 16% من مساحة الاردن. اما الجنوب الذي تبلغ مساحته 51% من البلاد فيسكن فيه 9% فقط من السكان، وهذا الاختلال في التوزيع لا يتحمله الناس، بل مسار التنمية وخطط الحكومات التي جعلت من مناطق الجنوب طاردة لأهلها بسبب غياب فرص العمل، كما فيها مساحات كبيرة خالية من اي فائدة، ويمكن أن تكون مستقراً لاستثمارات او مشاريع منتجة روجت الثروات الطبيعية المركزة في الجنوب، فإنها لم تقدم الكثير له، فالبوتاس والأسمنت والفوسفات والمعالم التاريخية والشاطئ الوحيد في العقبة وغيره من الثروات لم يجد سياسات حكومية تجعل من تلك المناطق جاذبة لسكانها ولغيرهم من الاردنيين، فالعاصمة التي تحتكر الكثير من الفعاليات ما يجعل القدوم اليها ضرورة خصوصا من المحافظات البعيدة في الجنوب.
ويقول اهل العلم في المجلس الأعلى للسكان ان تحقق استراتيجيتهم حتى عام 2020 سيحقق وفراً مالياً كبيراً على الدولة في انفاقها يصل الى (6) مليارات دينار، ومنها تجنب انجاب (820) الف مولود من اصل (3) ملايين يفترض قدومهم للحياة وفق معدلات النمو الحالية، ويعني اختصار (2.4) مليون مقعد تعليمي مدرسي، اي حوالي (1100) مليون دينار، وتوفير (700) مليون دينار في مجال الانفاق الصحي، و2 مليار دولار في الفاتورة النفطية، هذا اذا استمر سعر البرميل (60) دولارا كذلك تجنب الحاجة الى (900) مليون متر مكعب من الماء، وتوفير في القطاعات الاخرى يصل الى (1300) مليون دينار.
لكن الحديث عن التوفير في الانفاق بنجاح خطة المجلس الخاصة بالنمو السكاني يصطدم بالأبعاد السياسية التي تجلب على الاردن هجرات وتدفق بمئات الآلاف، ومنها الهجرات الاخيرة عام 1990 نتيجة حرب الخليج الأولى، سواء كانت عودة الاردنيين او تدفق مئات الآلاف من العراقيين بعد الحرب الأولى وكذلك الاخيرة، فضلاً عن العمالة الوافدة التي تقدر بحوالي نصف مليون عامل، فكل هذه الهجرات وما قبلها كفيلة بالعبث بكل الخطط، ولا يبقى الا الخطة الشخصية الخاصة بكل اسرة وحاجاتها ودخلها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة