قاموس التسميات والمصطلحات الشعبية يصف عيد الاضحى المبارك بأنه "عيد اللحم"؛ إذ يذبح الناس، اوالقادرون منهم، الاضاحي ليجري توزيعها على الاقارب والفقراء، إضافة إلى اكل مقدمها منها. وهذه التسمية ربما جاءت في ازمان كان مجمل حياة الناس فقيرا، وكان اللحم يقدم غالبا للضيوف وفي المناسبات، أما في عيد الاضحى، فيأكل الجميع اللحم، سواء قدمت الاضحية لله تعالى او للمحيط الاجتماعي.
وربما يتم تعديل هذه التسمية الان لتصبح "عيد اللحم البلدي"، الذي اصبح غالي السعر فهاجر الناس الى المستورد بأنواعه، سواء الحي منه او تلك الانواع التي تجمعها بالثلج والتجميد علاقة وطيدة عبر السنين! لكن الاضحية تبقى تحمل نوعا او جزءا من حكم الفرح والعبادة في الاسلام.
فتقديم الاضحية كسر لحواجز البخل لدى الانسان، بخاصة وانه لا يأكلها وحده بل يوزع ثلثها على الاقل. فهي عبادة تصنع خُلق الكرم والعطاء والبذل لدى الناس، ذلك ان البخل عادة رديئة، وخُلق استعاذ منه الرسول الكريم عليه السلام في ادعيته المأثورة، فيما وصف الكريم بأنه حبيب الله. ولهذا، فإن عيد الاضحى هو أيضا موسم تكافل اجتماعي غذائي، يقوم فيه المقتدرون بدفع ثمن اللحوم وتوزيع نسبة منها على الفقراء والاقارب والجيران بنفس طيبة، منطلقين من انهم يمارسون عبادة تحقق لهم الاجر والثواب. انها حملة غذائية سنوية، تماما كما صدقة الفطر في شهر رمضان، والتي يدفعها رب الاسرة عن كل افراد اسرته، هذه الصدقة التي يمكن ان تكون ارضيةً لحملةٍ وطنية قائمة على العبادة والاجر للتخفيف من معاناة المحتاجين، لكن يحتاج هذا الأمر الى ثقة ومصداقية لجهة واحدة تقوم على حسن التصرف بها، واستغلال هذه الملايين. وبالمناسبة، فإن تقديرا اوليا يقول ان صدقة الفطر تصل الى حوالي ثلاثة ملايين دينار سنويا، وربما اكثر من ذلك، لكنها تدفع فرديا ويكون تأثيرها محدودا.
اما غير القادرين على تقديم الاضاحي فإنهم ليسوا محرومين من خيرها، فالرسول صلى الله عليه وسلم قدم اضحية لله عن اهل بيته وامته، ولهذا لا يعاقب غير المقتدر ان كان من اهل النوايا الحسنة، فالله لا يكلف نفسا الا وسعها.
الاعياد مواسم فرح، وارتباطها بالعبادات، من صوم رمضان او الحج، يعلمنا ان العبادات ليست مواسم عبء وكآبة، وان العبادة ليست قيودا تمنع اصحابها من التمتع بالحياة، لكنها اعمال يستحق معها اصحابها ان يحتفلوا بنتائجها وقبولها من الله تعالى؛ فهي عبادات تحقق لاصحابها المغفرة عن كل الذنوب. ومن رحمة الله انها موسم سنوي، يتكرر للراغبين في استغلاله.
وهكذا، فالفرح جزء من تركيبة النفس البشرية لا نحرم منه، سواء كان فرحا بالامور الصغيرة او العظيمة. ومهمٌ ان يحمل الدين ومسار المجتمع محطات للفرح وتجديد الحياة، والاهم ان يكون فرحا لأمر حقيقي.
وكل عام والجميع بألف خير.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة