انضمام بعض الصحف الفرنسية والالمانية الى الصحف الدنماركية والنرويجية في الاساءة الى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يحول الامر الى ما يشبه الحملة المقصودة المنظمة في بعض انحاء اوروبا والغرب، لاستفزاز مشاعر المسلمين والاساءة الى مقدساتهم، ويجعلنا جميعاً ننظر الى الامر بحثاً عن جهة او جهات تقود هذه الحملة وتغذيها!
فبعد ان جاء الاعتذار من الصحيفة الدنماركية، بما يحمل توجهاً نحو اغلاق الملف وطي صفحة الاساءة، جاء الامر من صحف فرنسية والمانية!
وهنا لا نتحدث عن دور الحكومات الاوروبية، فالسفير الفرنسي في عمان اعلن يوم الخميس، أول من امس، في صحيفة "الغد" رفضه لهذه الممارسات، لكن هذا لا يعني اننا لسنا امام جهد منظم، تقوده جهة او هيئات بهدف فتح ابواب التطرف بكل اشكاله.
البداية وشرارة الانطلاق كانت اوروبية، وتحت ستار حرية الاعلام، وكأن الاعلام الاوروبي قام بكل واجبه نحو القضايا الساخنة، ولم يبق له الا الاستهزاء بالرسول محمد عليه الصلاة والسلام! وتأتي هذه الصحف الاوروبية لتكمل مسلسل الارهاب الذي تتعرض له الامة. فقتل العرب والمسلمين في العراق وفلسطين وافغانستان، كل هذا تطرف، بل الحد الاعلى من الاجرام والارهاب. ومع ذلك، فأمتنا تتحدث كثيراً عن الاعتدال، الى حد التنازل عن بعض حقوقها، وترفض اي فئة منها حتى بشبهة الارهاب او التطرف، لكن يقابل ذلك جهد منظم ومقصود في الغرب لاستفزاز الامة والاساءة اليها، وكأنها محاولة مقصودة لدفع بعض العرب والمسلمين الى موقف داخل اوروبي، تتهم فيه الامة بالتطرف!
ما جرى مع الدنمارك من مقاطعة جادة ومثمرة لمنتجاتها، وما ترتب على اقتصادها من خسائر -حتى ان شركات وسلعاً عربية تبرأت، او اضطرت إلى توضيح علاقتها باسم الدنمارك- هذه المقاطعة وما قابلها من توسيع لحملة الاهانة والاساءة لمقدسات المسلمين، تفرضان علينا ان ندعو الى توسيع دائرة المقاطعة لكل جهة لا تحترم رموز الامة وحرماتها، بل لا بد من توسيع دائرة الرفض حتى نحصل على ردود فعل عربية واسلامية رسمية بمستوى الحملة التي تتجاوز اخطاء صحف او وجهات نظر لاداراتها، الى كونها حالة فكرية وسياسية تتبناها فئات ومراكز قوى، وتحاول اعطاءها زخماً عبر توسيع دائرتها من بلد الى اخر؛ فما ان شارفت قضية صحف الدنمارك على الانتهاء باعتذار الصحيفة، حتى تم فتح "جبهة" جديدة في صحف المانية وفرنسية!
ان ادنى قواعد ادراك ما يجري هو افتراض انه جهد منظم، يحتاج في المقابل الى جهد منظم، عربياً واسلامياً، للتصدي. ولهذا، فإن عمليات التنديد والرفض لهذا الاستفزاز اللاحضاري يجب ان تتحول الى سياق موحد، كما ان عمليات المقاطعة، ابتداءً من التهديد بها الى ممارستها، يجب ان تحظى منا جميعاً بتعاطف حقيقي وممارسة صادقة، فالقصة ليست رسماً كاريكاتورياً مسيئاً للرسول عليه الصلاة والسلام، بل هي محصلة تفكير اوصل هذه الجهات الى استهداف المسلمين بالإساءة إلى أكرم شخصية في تاريخهم.
لم تبق جهة عربية او اسلامية او عالم او تنظيم الا طالب بالافراج عن الصحافية الاميركية المختطفة في العراق، جيل كارول، وتعالت كل الاصوات تدين عمليات التفجير في مدريد ولندن، وقبل ذلك في الولايات المتحدة، ومع ذلك يقابل اعتدال الامة باحتلال وقمع واستهداف، ثم اساءة متعمدة الى الاسلام عبر اهانة الرسول محمد عليه السلام، وفي فعل اقل ما يوصف به انه حملة منظمة، لا تواجه بما يجب من قبل اهل "الحكمة" في اوروبا، وكأن المطلوب هو فتح الباب على كل اشكال التطرف!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة