المنطق الوطني والعروبي يقول ان مصلحة الاردن وسورية ان تكون علاقاتهما على أحسن وجه، وان يكون التنسيق رفيعا، واذا كان ثمة تباين او اختلاف حول بعض القضايا والملفات فإنّ الحد الادنى ان يتم المحافظة على المستوى الموجود وليس التثوير والتصعيد السلبي.
وسورية التي تعاني من عزلة وتواجه جبهات داخلية وخارجية عديدة تفرض مصلحتها ان تجفف الخلافات وان تقلل المشكلات وتعظم العلاقات الايجابية وتزيد من مساحة الانصار وليس العكس. والاردن والاردنيون لا يسعون لأي توتر مع اي بلد شقيق وفي المقدمة سورية.
  الرسالة الاردنية الشعبية والرسمية كانت واضحة في رفض الاساءة والاهانة التي وجهها الرئيس السوري الى الاردنيين عندما اتهمهم بالولاء لإسرائيل واميركا، ومارس الضحك والسخرية وصفق له الحضور وصمت الاردنيون الحاضرون صمتا يتناقض مع ادنى قواعد احترام الذات.
"الرسالة الاردنية" وصلت الى الاشقاء، ويفترض ان تكون الخطوات القادمة باتجاه ايحابي، فرب ضارة نافعة، واذا كان لدى القيادة السورية حرص على علاقات حسنة مع الجيران والاشقاء فهنالك طرق واتصالات لرأب الصدع ليس عبر النوايا والجمل الانشائية، بل بإجراءات واعمال. فالاردن ليس عدوا لسورية وليس مصدر خطر عليها، والاردنيون الذين يرون في مساندتهم لاي دولة عربية واجب وفريضة لا يستحقون من النظام السوري مثل هذه الاساءات، ومع ذلك فان مثل هذه الممارسات لا تنزع من الاردنيين مواقفهم العربية والاسلامية، وحرصهم على علاقات حسنة مع كل الاشقاء. وكما نفهم "الاردن اولا" على انه علاقات عربية قوية، واجواء ايجابية مع كل الاشقاء وحمل لقضاياهم، فان حدود الازمة التي صنعها الرئيس بشار يفترض ان لا تكون اكبر من حرصنا على الاشقاء.
بعض المتحمسين للنظام سوري اعتبروا الردود الاردنية على حساب العلاقات السورية- الاردنية، لكن الاصل ان يوجه اللوم والعتاب الى من فتح الملف واثار غضب الاردن والاردنيين، فلو بدأت حكومتنا الاردنية بهذا التصعيد في هذه المرحلة القلقة سياسيا لوقفنا جميعا بوجهها ومارسنا بحقها نقدا ورفضا، لان اي عربي يملك الحد الادنى من تقدير الامور يدرك ان الامة يكفيها ما تعاني من مشكلات وازمات ومخاطر، وان ادنى حرص على المصلحة العربية يفرض على الجميع ان يوجهوا الجهود لرص الصفوف وبخاصة ونحن على ابواب قمة عربية. لكن ما جرى من الرئيس السوري يفرض تساؤلات اما عن القدرة على تقدير الامور والخبرة السياسية، او ربما وجود رغبة في فتح جبهات جديدة، لكننا سنفترض حسن النوايا ونشوة التصفيق، لكن هذا يفترض بالطرف الذي مارس الاساءة ان يدرك ما فعل وان يبادر للحفاظ على علاقات هو من اساء اليها.
من يتحدث عن هموم الامة وينظر لسبل الخلاص لا يجوز له ان يُدخِل بلاده في مشكلات اضافية، او ان يزيد الجروح في الجسد العربي، والامة لا تنقصها ازمات. وما هو مطلوب من الاردن ان يملك الاستعداد لتجاوز هذه الاساءة، لكن بشرط ان يملك الطرف المسيء النية الصادقة والفعل الحقيقي للحفاظ على الحدود الدنيا من العلاقات الثنائية، ان لم يكن القفز الى مستويات كبرى فيها، فمن تبرع بالاساءة عليه تقع مسؤولية المبادرة في مقابل حرص اردني على مصلحة عربية في مرحلة صعبة، فالكرة في مرمى من اساء اما الروح العربية فهي جزء من خلق الاردنيين وواجب حكومتهم.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة