كفرنجة نموذجا

 

في بعض قرانا، كان لا يُفتح للمرأة المتوفية مَدالة (بيت عزاء)، ولا يؤخذ على خاطر أهلها على المقبرة عقب الدفن؛ حتى لو كانت أماً أو أختاً لسبعة رجال. بل وإمعاناً بهذه النقيصة، كان الزوج يتلقى عزاء المشيعين بقولهم: (فراش جديد). في إشارة عن أمنياتهم بسرعة حصوله على زوجة تفرش له؛ عوضا عن التي أخذها فم القبر.

وحتى في حياتها، فالمرأة لم تكن بأحسن حال من مماتها، ومن هذا أن الزوج لم يكن يذكر اسمها صراحة، وكأنها عورة، وإن أراد ذكرها قال:(الحرمة، حاشاك من هالطاري). وحتى وقت قريب، كان لا يكتب اسم العروس في بطاقة الدعوة، بل يكتفون بجملة (كريمة فلان العلاني).

الحمد لله، فقد تجاوزنا هذه السقطة الاجتماعية، وغدا ما ذكرته ضرباً من التندر على هذه المثالب. فقد صارت (نصف المجتمع التي ترعى نصفه الثاني) معززة مكرمة، وهي تماشي ركب حياتنا وتطورنا، وتسهم في البناء والعطاء، أي أن المرأة (الكائن الذي يؤثث الأرض بالمحبة) باتت في حال حسن، يبشر بمزيد.

رغم حنقي على المجلس النيابي المنتخب، وطريقة وصول غالبيته، وتركيبته المائلة للعشائرية في صورتها الانحيازية، وسطوة المال، إلا أنني وضمن نهج سلكته منذ بدأت الكتابة في مجرات (من لا يستحسن الحسن لا يستقبح القبيح) أجد لزاماً علي، أن أشير إلى نقاط مضيئة في انتخاباتنا الأخيرة، فيما يخص المرأة ونجاحها تحديداً.

العشائرية ركيزة كبرى من ركائزنا الاجتماعية، لا ننكر هذا، ولكن الناس قلما كانت تلتف حول بنت من بناتها، وتقدمها للمجتمع كمشروع نائب، أو تدعمها للصف الأول من القيادة. في لواء كفرنجة/عجلون، حالة مشرقة وقصة نجاح تستحق أن يشاد بها.

لدائرة كفرنجة مقعد نيابي واحد، تنافست عليه أربع نساء، وثلاثة رجال. عشيرتان التفتا بكل شيبهما وشبابهما كلٌ حول ابنته، وفَتَحت لهما مقرا انتخابيا في ديوان العشيرة، ووفرت لهما حشداً كبيراً، وقد لمست الحماس الشديد للفوز في عيون الشباب قبل الشيّاب، وهذا مؤشر حضاري كبير.

نحن أمام حالة تقدمية خلصتنا من رواسب العقلية الذكورية، التي سيطرت على تفكيرنا طويلا. وأن نجاح واحدة من المرشحات، يؤسس لقيمة كبرى، تتمثل بدعم المرأة من قبل أهلها. ويفتح الباب لتأخذ دورها كاملاً، وقد تصل إلى الفوز دون عكاز الكوتا النسائية في ذات الدائرة.

نبارك للفائزة، ونحيي كل من دعم بناته في عموم البلد، وفي كفرنجة تحديداً.

 

بقلم رمزي الغزوي


المراجع

addustour.com

التصانيف

صحافة   رمزي الغزوي   جريدة الدستور   العلوم الاجتماعية