وكان أول عمل قامت به الحكومة في هذا الموضوع هو تنفيذ بعض التدابير الصحية اللازمة لوقاية الحجاج من الأمراض الوبائيةالتي تنتشر بين الناس لأسباب مختلفة ، ولكن الأساس في ذلك كله هو عدم رعاية النظافة والطهارة في البلد ، وشرب المياه الملوثة بمياه المراحيض أو غيرها من المياه القذرة والملوثة بالجراثيم ولذلك فإن هذه التدابير ذات أهمية قصوى للوقاية من الأمراض قبل وقوعها. ولا يتم تأمين الصحة دون ذلك.
التشكيلات الصحية :
1 – تشكيل ثلاثة مناطق في البلدة، يؤسس في كل منها أماكن يتم فيها تداوي الوقائع المستعجلة في أيام الحج وغيرها وقيد الوفيات والولادات، وفتح عيادات طبية لمعالجة الفقراء مجاناً ، ويتم أيضاً عن طريقها مراقبة الأمور الصحية وسيرها.
2– تأسيس إدارة صحية وتشكيلها من مدير وسبعة أطباء على الأقل.
3 – تشكيل المجلس الصحي للإشراف على المسائل الصحية.
4 – تبديل المؤسسات الحاضرة بمؤسسات صالحة أو إفراغها في قالب يمكن فيه اتخاذ التدابير الصحية بسرعة ، وعلاج المحتاجين من الفقراء والمساكين باستعمال كل ما يمكن من الأسباب الفنية الحديثة.
وقد أثمرت هذه الجهود في مدة وجيزة فنشرت مديرية الصحة العامة بلاغاً صحياً وافق عليه جلالة الملك في 10 من ذو القعدة عام 1344هـ ، ويحوي تعليمات وتدابير صحية تنفذها مصلحة الصحة العامة والجهات التي تقدم خدمات مباشرة للحجاج. وكان الأمير فيصل نائب الملك بالحجاز مسؤولاً عن تطبيق هذه التعليمات.
ثم قررت إدارة الصحة التدابير الصحية التي نفذتها في موسم الحج لعام 1344هـ التي كان منها:
1 – تأسيس نقاط إسعاف في منى ومزدلفة وعرفات، وكانت نقطة مزدلفة تتكون من ست خيام وثلاثة أزيار ماء وما يلزم من أدوية وخدمة كافية.
2 – تأسيس ثلاثة مراكز إسعاف في عرفات، ويتألف كل مركز من عشر خيام وطبيب مع الممرضين والخدمة اللازمة وستة أسرة، ويرفع علم على كل المراكز الصحية نهاراً ونور ساطع ليلاً.
3 – حفــــر 30 حفرة كبـــيرة في منى لأجل الأضاحـــي ؛ إذ يردم ما يمتلـــئ منها يومـــــياً.
وكانت الحكومة حريصة على مواصلة الجهود لتأمين صحة الأهالي والحجاج سواء كان ذلك في اتخاذ التدابير الصحية الوقائية أو معالجة المصابين أو في بناء إدارة الصحة وتنظيمها ؛ إذ كان البلد يعيش تغييراً سريعاً خصوصا في الأمن والصحة وتأمين وسائل الراحة للحجاج وفي بناء الدولة ومؤسساتها ؛ إذ أصدرت الحكومة نظام مصلحة الصحة العامة والإسعاف سنة 1345هـ الذي كان يحوي 111 مادة. وكان صدور هذا النظام نهضة حقيقية في تطوير الخدمات الصحية، وفي تنظيم إدارة الصحة وإصلاحها.
ثم بدأت المؤسسات الصحية تظهر إلى حيز الوجود ، فأسست الحكومة مؤسسة الجراثيم في جدة سنة 1346هـ ، وفتحت في مكة خمسة مستوصفات أثناء الموسم، وأنشأت معملاً لصنع أقراص الكينا في مكة ، كما أصدرت سنة 1349هـ نظام التطعيم ضد الجدري، ونظام استعمال المأمورين الصحيين.
وكان بمكة في عام 1350هـ أربعة مراكز صحية ، وهي:
1 – مستشفى جياد.
2 – مستشفى ومستوصف القبان.
3 – مستوصف الشبيكة.
4 – مستوصف المعلاة.
وفي أيام الحج ينشأ على الطريق بين مكة ومنى وعرفات المراكز الآتية:
1 – مركز المنحنى الواقع بين البياضة ومنى.
2 – مركز مجر الكبش في أول منى.
3 – مستشفى منى.
4 – مركز المجزرة بمنى.
5 – مركز وادي النار قبل مزدلفة.
6 – مركز مزدلفة.
7 – مركز الأخشبين.
8 – مركز البازان قبل عرفات.
9 – مركز عرفات.
وهذه المراكز كانت عبارة عن مظلات فيها طبيب ورجال الصحة وكمية من المياه وما يلزم للإسعاف من أدوية ووسائل لنقل المرضى. وكان يرفع على كل مركز أثناء النهار علمان أحدهما أبيض والآخر أخضر ، ويرفع عليها بالليل الضوء الأحمر. وكانت بها ست سيارات من طراز لوري وسبع عربات تجرها بغال، وعربات ذوات يد شيالات عادية، كما استعملت دراجات نارية تقوم بالإسعافات المستعجلة.
ولم تقتصر جهود الحكومة في إنشاء مراكز الصحة على مكة وعلى المشاعر المقدسة، بل امتدت إلى الطرق ما بين مكة وجدة ، وما بين مكة والمدينة المنورة ؛ إذ أنشأت مستشفى في بحرة في منتصف الطريق بين مكة وجدة سنة 1348هـ . لتقديم المعونة والإسعافات للحجاج الذين يأتون من جدة والمدينة مشاة وركباناً ، ويعتريهم في الطريق مرض أو تعب. كما أنها أنشأت مستوصفاً صحياً في رابغ وآخر في مسيجيد بالقرب من المدينة المنورة ، وأرسلت إليهما أطباء الصحة وموظفيها للعمل بهما.
وفي سنة 1364هـ قامت مديرية الصحة العامة بإقامة مراكز عدة صحية جديدة بمكة وجدة ؛ إذ أنشأت بمكة مستوصفاً في حي المعابدة والآخر في حي جرول، ومستوصفاً آخر في شارع الأمير فيصل بجدة(18) للارتقاء بالمستوى الصحي في الحجاز.
وتعدُّ مديرية الصحة العامة من بين أوائل المديريات التي أقامها الملك عبد العزيز عندما بدأ بتنظيم جهاز الدولة في الحجاز لأول مرة ، وسعى إلى تنميتها وتطويرها حيث أصدر مرسومه الملكي في شهر شعبان لعام 1370هـ بإعادة تشكيل وزارة الداخلية وإنشاء وزارة جديدة للصحة العامة ، كما أمر جلالته بأن يتولى وزارتي الداخلية والصحة المذكورتين صاحب السمو الأمير عبد الله الفيصل بالإضافة إلى مهامه السابقة بصفته معاوناً لصاحب السمو الأمير فيصل نائب جلالة الملك في الحجاز(19).
وقد أنتجت الوزارة ثمراتها الأولية ، فاحتفلت في عام 1371هـ بفتح مستشفى جديد في جدة ، وهو مستشفى الولادة والجراحة النسائية. وقد فتح هذا المستشفى إثر قدوم البعثة الطبية الإيطالية المنتدبة بالمقاولة للعمل لدى وزارة الصحة في جدة قد أصدر وزير الصحة الأمير عبد الله الفيصل أمره الكريم إلى مفتش الصحة العام أن يتفاوض مع أصحاب مستشفى "الشرق اللبناني" بجدة في بيع محتوياته لوزارة الصحة، وجعله مستشفى للولادة والجراحة النسائية تابعاً لوزارة الصحة، وتم ذلك في التاريخ المذكور.
ثم بعد ذلك في بداية عام 1372هـ احتفلت الوزارة في مكة المكرمة بفتح مستشفيين ، أحدهما : مستشفى الولادة وأمراض النساء بجرول أمام بئر ذو طوى ، وهذا المستشفى يشتمل على قسمين:
القسم الأول : للتوليد والعناية بالحوامل والأطفال ؛ إذ جهز بأحدث تجهيز والأدوات الطبية.
والقسم الثاني : خاص بأمراض النساء وما يتعلق بجراحتهن، وبه غرفة عمليات مجهزة بأحدث الآلات الطبية. والمستشفى يحوي 50 سريراً، وتتوافر به الأدوية وتصرف مجاناً.
والآخر : مستشفى الملك بالزاهر ، وقد افتتح بعد أسبوعين من افتتاح مستشفى الولادة،ويحوي هذا المستشفى الأقسام الآتية : الجراحة، أمراض الأذن والحنجرة، وأمراض العيون، والأطفال، والأمراض الباطنية. وقد جهز فيه 200 سرير بجميع مايحتاج إليه المريض، وملحق به مساكن خاصة للأطباء والقابلات والحكيمات، بالإضافة إلى مستوصفين جديدين افتتح أحدهما في حارة الباب ، والأخر في حي المسفلة لخدمة أهالي هاتين المحلتين والحجاج في هذه المناطق .
المراجع
makkawi.com
التصانيف
مكة المكرمة الصحة العلوم التطبيقية