اعتدنا مع قدوم كل حكومة او قدوم بعض المسؤولين الى مواقع جديدة او متجددة ان يستقبَلوا بمقالات وتحليلات لا هدف لها الا المديح واشاعة اجواء مفرطة بالتفاؤل. ويصل الامر احياناً الى حدود غير مفهومة وكأننا على اعتاب تحولات غير معتادة في نوعية الحكومات او الاشخاص.
   هناك فرق بين أن نقتنع أنّ فلانا يحمل سمات ايجابية وبين أن نصوره وكأنه سيقدم ما لم يقدمه غيره من قبل ومن بعد. فالحكومة الحالية - مثلاً- رافق تشكيلها الكثير من المديح والتحليل الذي أوحى للمتابعين وكأنّها اختراع يظهر للمرة الأولى، وخلط البعض بين صفات اخلاقية شخصية للرئيس وبين حكومة وأولويات وامكانات، وإذا بالحكومة ليست خارقة في تركيبتها. نعم، قد تجد لديها توجهات ايجابية في بعض المجالات، ونوايا حسنة في مجالات، لكن الأمر ليس خارقاً للعادة.
   وشهدنا حكومات سابقة كات تحظى بأوصاف وتحليلات حول شخصية كل رئيس ومن هو، وتاريخه، ومن أبوه وتاريخه. هذه المعلومات قد تكون صحيحة، لكن المشكلة في انتاج تحليلات تعطي للمواطن انطباعاً بأن القادم حكومة غير عادية ذات امكانات عالية، ولا تمضي شهور حتى يبدأ المسار باتجاهات اخرى، وتبدأ عيوب الحكومات بالظهور، واخطاؤها بالتتالي. ويكتشف الاردنيون أنّ ما قرأوه او سمعوه من آراء وتحليلات كان مديحاً وليس امرا اخر.
   هذه المدائح تأخذ أحيانا كثيرة طابع العلاقات الشخصية، قد يفرح بها المسؤول او تجد فيها اي حكومة امراً يسعدها، لكن ذهاب حالة الفرح الاولى تكشف انه مديح قاتل، وبخاصة ان بعض اشكال المديح تصل إلى حدود الشعر والبلاغة والتمجيد على شاكلة ما نقرأه في تاريخ العرب، واي قارئ لهذه الأوصاف يصاب بردة فعل تعطيه انطباعاً أن ما يقرأه او يسمعه مجاملة وليس وصفاً او تحليلاً.  
    يمكن للإعلام ان يعطي بعض الإشارات على إمكانية صدور سياسة ومسار ايجابي لحكومة او مسؤول. لكن هذا يختلف تماماً عن المدائح التي تنقلب احياناً الى هجاء وتذمر للأسباب ذاتها، فما جاء بالمديح من مبررات غير موضوعية، قد يأتي بالهجاء اذا تأزمت العلاقة الشخصية او لم يتحقق المراد.
   اخر التعيينات المهمة في الساحة الاردنية عودة د. باسم عوض الله الى موقع جديد ومهم مديراً لمكتب جلالة الملك، وكل سياسي وبخاصة اذا كان بديناميكية د. عوض الله له خصوم وانصار، وله جهات واوساط ترى فيه مسؤولاً ناجحاً مخلصاً، واخرى تحمل ملاحظات على ادائه، وهذا حال كل السياسيين اصحاب الحضور. لكن عودة د. عوض الله رافقتها عمليات مديح ومدائح اشبه بالترويج، وهنا لا نتحدث عن كونه يستحق هذا او لا يستحق، لكن الحديث يجب ان يكون متوازناً، فحتى المتحمسين جداً لأي مسؤول فإن عليهم أن يدركوا أنّ الاستغراق في المديح قد يجلب ضرراً على الممدوح، ومن المؤكد أنّ هذه الآراء المتحمسة متطوعة او ترى في د. عوض الله شخصاً يستحق أن يمارس مسؤوليات رفيعة، وهذا حقها، لكن علينا جميعاً ممارسة الاعتدال. فالعلاقات الانسانية متغيرة بخاصة اذا اختلطت فيها الأسس الموضوعية او نقضتها.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة