مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية (كير) من منظمات الحقوق المدنية الاميركية المسلمة التي تعمل على زيادة فهم المجتمع الاميركي للاسلام وتشجيع الحوار وحماية الحريات المدنية وبناء التحالفات المعنية بنشر العدالة والفهم المتبادل. هذا المجلس أجرى استطلاعا في نهاية العام الماضي حول توجهات الرأي العام الاميركي تجاه الاسلام والمسلمين ونشر ترجمة نتائجه بالعربية قبل ايام بعد ما نشر نتائجه باللغة الانجليزية في اذار الماضي.
ويظهر الاستطلاع ان 25% من الاميركيين تقريبا ما يزالون يعتقدون ان الاسلام دين يحض على العنف والكراهية، وهذه النتيجة تأكيد لاستطلاع اجرته منظمة كير عام 2004 فيما يتعلق بفئات المجتمع الاميركي الاكثر تحيزا ضد الاسلام والمسلمين.
ويظهر الاستطلاع ان معرفة الاميركيين بالاسلام لم يتغير مستواها منذ عام 2004 حيث عبر ثلثا الاميركيين المشاركين في الاستطلاع عن اعتقادهم انهم لا يعرفون كثيرا عن الاسلام او لا يعرفون شيئا عنه، كما عبر (10%) من المشاركين في الاستطلاع عن اعتقادهم بان المسلمين يعبدون القمر، في المقابل عبر (2%) فقط من المشاركين في الاستطلاع انهم يعرفون الاسلام معرفة جيدة.
وحول مستقبل صورة الاسلام في اميركا ذكرت أكثرية المشاركين في الاستطلاع انهم سوف يغيرون نظرتهم للاسلام اذا ما قام المسلمون بإدانة الارهاب بشكل اقوى، واذا اظهر المسلمون مزيدا من الاهتمام بالشعب الاميركي ومزيدا من الحرص على تحسين اوضاع المرأة المسلمة، واذا عمل المسلمون الاميركيون على تحسين صورة اميركا في العالم الاسلامي.
وحين تظهر الارقام ان شعبا مثل الشعب الاميركي لا يعرف الاسلام؛ فهذا يعني اما انه شعب غير مهتم الا بقضاياه الحياتية، او ان هنالك تقصيرا من العرب والمسلمين في التعريف بأنفسهم وبدينهم، او انهم قدموا ممارسات ساهمت في تشكيل صورة سلبية، والخيار الآخر ان جهات عديدة تمارس تشويها وعملا مقصودا بحق صورة الاسلام.
نتحدث هنا بمعزل عن الاثار التي تركتها احداث الحادي عشر من ايلول، لكن بعد هذا التاريخ اصبحت المؤثرات اكبر، واصبح الاميركيّون اكثر عرضة لرفض الاسلام وربطه بالارهاب، وشمل هذا المسلمين الاميركيين الذين تعرضوا الى مضايقات، لكن صورة الاسلام تعرضت لمزيد من التشويه واعطيت فرصة اضافية للقوى التي تريد لهذا التشويه ان يزداد.
دور المسلمين الاميركيّين كبير. ولدى فئات منهم تصور واضح لعلاقتهم بالمجتمع الاميركي، بل يرون انفسهم جزءا من اميركا ومجتمعها، وان دورهم هناك يقوم على المواطنة وما تفرضه من حقوق وواجبات, بل ان بعض قياداتهم ترى ان المسلمين في الغرب جزء من الغرب، ولهذا يطالبون العرب والمسلمين بعدم التعامل مع الغرب كحزمة واحدة، او وفق مقياس واحد، فالغرب فيه المسلمون والعرب وفيه اصحاب الرأي الموضوعي من الاوروبيين والاميركيين من غير العرب والمسلمين.
واذا خرجنا من الولايات المتحدة الى اوروبا فإن الجاليات العربية والاسلامية لديها مشكلات بنيوية؛ فخلال زيارة، قبل فترة وجيزة، الى المانيا التقينا ببعض الهيئات العربية في العاصمة برلين. ورغم ان لدى هذه الجالية مشكلات اجتماعية واقتصادية الا ان لديها مشكلة داخلها. ففي ذات المدينة هنالك (20) جمعية عربية ليس لديها القدرة على التنسيق والتوافق. وتشعر ان العرب والمسلمين ينقلون معهم الى اوروبا واميركا مشكلاتنا هنا في العالم العربي والاسلامي، وتشعر انك في الجامعة العربية بكل تناقضاتها واحيانا تسمع حديثا بلغة قطرية مع ان الامر لا يستدعي ذلك، وربما تنازع فيمن يرأس الجمعية.
دائما نتحدث ونقارن الجاليات العربية والاسلامية مع اللوبي الصهيوني ونبررعجزنا عن الحضور واحتلال المواقع بأن الاخر منظم، مع ان اجواء اوروبا واميركا تتيح للجميع فرصة لامتلاك ادوات الحضور والنفوذ. والطريف ما قاله احد العرب في برلين من ان اتفاق اوسلو احدث شرخا واسعا في صفوف العرب هناك بعدما كانت القضية الفلسطينية تجمع الجميع.
لن نعتب على الشعوب الاميركية والاوروبية بان يعرفوا حقيقة الاسلام ما دمنا نحن لا نعرف ماذا نريد ونختلف حتى على الصغائر.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة