بعض ردود الأفعال النيابية على الآراء الناقدة للتكلفة العالية لسفر النواب وصفت هذه الآراء بأنها "حملة منظمة"، وربما نسمع من بعضهم ان هذه الحملة يقودها تنظيم غير مشروع وجهات معادية ومخططات تستهدف أمن الديمقراطية.
ربما نسي السادة النواب أنّ التقرير الذي نشرته الصحف، كان تقريرا نيابياً، اي تم اعداده من قبل ادارة المجلس، والأرقام رسمية، اما كيف يقرأ الناس التقرير فهذا امر لا يحتاج الى حملة منظمة، فالمجلس انفق كامل الموازنة المخصصة للسفر العام الماضي ثم اخذ حوالي (400) الف دينار اضافية لتغطية بقية تكاليف السفر، فكيف يمكن قراءة هذه الارقام على انها معقولة؟
نائب رئيس مجلس النواب، في مؤتمره الصحافي، اشار الى وجود حالات قام خلالها بعض النواب باستبدال التذكرة ذات الدرجة الاولى بتذكرتين من الدرجة السياحية! واذا سلمنا بأهمية السفر، فلماذا الوفود الكبيرة؟ فالمؤتمر يمكن ان يحضره نائب او اثنان، ولماذا نحتاج الى (11) او(15) نائبا لحضور مؤتمر؟! ولماذا يسافر وفد الى نيويورك يضم (7) اعضاء بينهم (3) موظفين اي 50% من الوفد موظفين.
لسنا الدولة الوحيدة التي تملك برلماناً، حتى نتذرع بعدد عضويتنا في المؤسسات العربية والدولية، لكن هناك فرقا بين هذه المشاركات وبين تحول السفر الى مهنة على حساب المال العام، ولو كان هناك ترشيد في النفقات، كما قال نائب الرئيس، لما احتاج المجلس الى اخذ 400 الف دينار اضافية لتغطية نفقات السفر للعام الماضي. لكن الارقام تقول ان هناك اسرافا وتبذيرا.
ربما على المجلس الكريم ان يتحدث بصراحة عن فاعلية المشاركات، وعن حضور جلسة الافتتاح، ثم الغياب عن المؤتمرات للتسوق او للسياحة، وهل صحيح ما يقال ان النواب الذين كانوا في مؤتمر كينيا الاخير ذهبوا الى رحلة (سفاري) باستثناء اثنين او ثلاثة منهم وهذا على حساب وقت المؤتمر؟! ولماذا يحتاج مؤتمر كينيا الى (11) نائباً، ليس الى اثنين تماما مثلما هي رحلة الوفد الى السعودية، او غيرها، حيث نجد الارقام الكبيرة وكأنها جاهات صلحة او طلب يد عروس وليس وفدا سياسيا.
النواب يتحدثون بلغة الحكومات نفسها كتوظيف مفاهيم "مصلحة الوطن" و"العمل على رفعة اسم الاردن"، لكن ما يعنينا كيف تنعكس هذه الشعارات على حرص النائب على كل قرش من الخزينة، ونحن دولة تشكو العجز، فكيف يقبل النواب ان يسافروا بأعداد كبيرة وهم يعلمون عدم حاجة الامر لهذا ثم يقال مصلحة الوطن؟ واين هو الاحساس بفقر الناس لمن "يفرط" تذكرته الى اثنتين سياحيتين ليأخذ معه آخرين في وفد رسمي يهدف لرفع اسم الاردن!
مؤسسة مجلس النواب محل تقدير واحترام لما تمثله من مكانة دستورية. لكن الاساءة لها ليست من آراء ناقدة لأداء النواب، بل من ممارسات نيابية تتجاوز ادنى قواعد مراعاة ظروف الناس، فالمواطن ليس معنيا بالخطب، لكنه معني بسؤال النواب عن (400) الف دينار اضافية لتغطية السفر، وعن غياب عن جلسات المجلس الذي جاؤوا للعمل فيه، وهي وظيفتهم الاولى، وليس مكاتبهم واعمالهم الخاصة. والاردني ليس بحاجة الى منح امتيازات لاكثر من (100) مسؤول بل لمن يحمل مشاكله او على الاقل لا يزيدها.
اذا كانت  الوفود الكبيرة هي لإرضاء النواب وتوفير فرص لهم لخدمة الوطن، فربما يكون اقتراح تقليص عدد اعضاء المجلس الى (65- 80) نائبا امر معقول، على الاقل لتوفير فرص اكبر لرفع اسم الاردن عاليا في الخارج بأقل التكاليف.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة