قبل يومين دخلنا في العد التنازلي لايام السنة الاخيرة التي تفصلنا عن الاستحقاق الدستوري باجراء الانتخابات النيابية التي من المفترض ان تجرى في حزيران من العام القادم، ونعيش هذه المرحلة حالة توتر وازمة غير مسبوقة في اسبابها ومسارها بين الدولة والاسلاميين، كما ان الحكومة انهت الشهر السابع من عمرها، وكل هذه المعطيات تجعلنا نقرأ المرحلة القادمة وما هو متوقع من خطوات، وهي قراءة ليست اكثر من حدود التوقع:
1- المسار الاول يقول ان فرصة اصدار قانون انتخابات جديد تتضاءل والاسباب عديدة منها؛ ان التطورات الاقليمية والتحولات في العلاقة مع الاسلاميين تفرض التوقف طويلاً قبل الاقدام على اي تعديلات حقيقية على قانون الانتخاب. ومن الواضح ان الحكومة قد توقفت عملياً عن اي خطوة عملية نحو تعديل القانون، وان ما يقال عن الحوار ليس اكثر من (رفع عتب)، فقانون الانتخاب ليس قانوناً عادياً، ولهذا فالقادم المتوقع ثبات في القانون مع احتمال تعديلات غير جوهرية.
2- ان عملية اجراء الانتخابات في موعدها تواجه عقبات ليست حقيقية، بل مواقف تحريضية من قبل بعض الاوساط السياسية التي تحاول القول ان الاولوية لضبط ايقاع الامور الداخلية وليست لانتخابات، ولهذا فإن من الضروري ان يتم التأكيد على ما يفترض انه بديهي وهو اجراء الانتخابات في موعدها، لان استمرار تداول الامر قد يوحي بأن وجهة النظر التي تدعو للتأجيل تجد صدى لدى اصحاب القرار.
3- وما يتم تداوله ايضاً اقاويل وتوقعات بأن حل مجلس النواب امر ممكن، وان هذا القرار لو صدر لن يجد معارضة شعبية بسبب الصورة السلبية للمجلس الحالي، والبعض قرأ بعض الهتافات في التظاهرات الاخيرة والتي طالبت بحل المجلس على انها ارضية وتمهيد للقادم. ويرى البعض ان المبالغة من رئاسة المجلس والكتل في ادانة ما قام به نواب الجبهة الاربعة نوع من الاجراء الوقائي، او رسالة بأن المجلس الحالي اداة سياسية قوية لمؤسسة الحكم، وسواء اتفقنا او اختلفنا مع فكرة حل المجلس الا ان هذا الامر جزء مما يتم تداوله وما يجري توقعه.
4- تبدو الحكومة في هذه المرحلة اكثر هدوءاً وراحة، رغم انها لم تسجل انجازات ولمسات كبرى، الا انها اقل صخباً وتوتراً، وربما يرى البعض أن الحكومة استفادت من البطء والتحفظ بحيث لم تكن عيوبها واضحة، لكن هذا لا يعني ان هذا انجاز، وما يقال في هذه المرحلة ان الحكومة قد تكون على موعد مع تعديل على تشكيلتها، تعديل ليس المثير فيه اسماء الخارجين والداخلين، بل طرد اقاويل التغيير.
بعض الاوساط تتوقع تعديلاً يبعث الأمان في اوصال الحكومة ويعطيها دفعاً للاستمرار شهوراً وربما مراحل قادمة، التعديل كما يقال، وقد تكون هذه اشاعات، سيشمل (5) حقائب بعضها من اشخاص يرى فيهم المراقبون اصدقاء للرئيس لكنهم ربما انتقلوا الى معسكرات سياسية اخرى.
التعديل ليس مقصوداً به ابتداءً تقوية الاداء الفني للحكومة، بل اعطاءها دفعة للحياة، لكن هذا لا يعني وفق الاقاويل انه لن يشمل حقائب هامة.
5- وفي المرحلة ايضاً ان قضية النواب الاربعة افرزت تحولات جذرية في العلاقة بين الحركة الاسلامية ومؤسسة الحكم، ولعلها المرة الاولى التي يجري فيها خروج مظاهرات ضد الحركة الاسلامية، وهم الحزب الأكبر، وحتى لو قيل ان ما جرى تحشيد ضد الاسلاميين، فهذا بحد ذاته تطور نوعي في ادوات العلاقة. ولعل الاخطر الذي يجب قراءته ان جزءاً مما يجري يتحدث عن تصنيف ولو جزئي للحركة الاسلامية او بعض تياراتها ضمن منظومة تبرير الارهاب، وربما على الحركة الاسلامية ان تتوقف طويلاً عند هذين الأمرين، فالسجناء قد يخرجون، لكن الدلالات الاخرى والتحولات الجذرية هي التي يفترض قراءتها.
كل هذه المعطيات قد تستدعي قرارات هامة، وقد يكون كل ما قلناه مجرد توقعات لا يسندها أساس متين من المعلومات المؤكدة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة