ارتبطت مهنة النجارة بظروف الحياة في مكة المكرمة قديما، والتي كانت تتطلب منتجات مصنوعة من الخشب، كالرواشين التي أصبحت سمة بارزة من سمات العمران المكي، إضافة إلى صناعة الأسلحة، وعربات النقل، ومتطلبات الحج، مثل أدوات تثبيت الخيام ولجم الدواب وغيرها، والأدوات الزراعية التي كان يستفيد منها العاملون في المزارع القريبة من مكة المكرمة.
وقال شيخ طائفة النجارين المهندس سمير نحاس «إن جذور مهنة النجارة تمتد إلى البدايات الأولى لحياة الإنسان على الأرض، وتكليفه بعمرانها، وهي واحدة من المهن القديمة التي اشتغل بها أهل مكة».
وأضاف «كان النجارون في الماضي ينقسمون إلى فئات عدة، فمنهم نجار باب وشباك، ونجار مسلح للمباني، ونجار موبيليا، وعرفت من أدوات النجارة في ذلك الحين المنشار والأزميل والفارة».
وأوضح نحاس أنه حتى يصبح أي نجار معلما كان عليه أن يجتاز اختبارا يحضره شيخ النجارين وكبار المعلمين، حيث يجتمعون في بيت الشيخ، الذي يعلن بعد الاختبار أن فلان ابن فلان الحاضر قد أصبح معلما نجارا، ويقرأ الحضور الفاتحة ويشربون بعدها القهوة الحلوة احتفالا بالمناسبة».
وتابع «اعتاد نجارو مكة المكرمة على الاستعانة بأهل الحارة لمساعدتهم في شد الرواشين التي كانت مساحتها تصل إلى (4×3) أمتار، كما كانوا يصنعون أقواس النصر التي تزين بها الشوارع عند حضور الشخصيات المهمة، وكذلك تلبيسات الخشب لدرج المسعى حتى تدخل العربات عليها».
وأفاد بأن من أشهر من عرفوا بمزاولة مهنة النجارة بمكة في القرن الماضي الشيخ أحمد نحاس (شيخ طائفة النجارين)، وكانت ورشته تقع بجوار بيت العمدة عبدالله بصنوي.
وزاد المهندس نحاس «يعدّ الشيخ أحمد نحاس أول من استورد منجرة في 1358هـ، وأنشأ ورشة خاصة به، كانت أول ورشة نجارة في السعودية، وأحضر لها المكائن الخاصة من أسمرا».
وذكر شيخ طائفة النجارين أنه وفقا للمصادر التاريخية كانت توجد في مكة المكرمة بحلول 1385هـ نحو 30 منجرة كهربائية.
وعن مصادر الخشب المستخدم في أعمال النجارة وموارده، قال: «كان الخشب يجلب من ميناء جدة بعد استيراده من جزيرة (جاوة) عبر السفن الكبيرة، ومن أشهر مستورديه حسن شربتلي، وباشراحيل، وباناجه، وغيرهم.
وظهر في ذلك الوقت الخشب المسمى بـ (البسكوت أو البسكويت) وذلك لخفته وهشاشته تشبيها بحال البسكويت».
وأضاف «أما الخشب الفني المحلي فكان يجلب من منطقة تربة».
وحول طريقة التعامل بين النجارين وعملائهم في الماضي، أوضح المهندس نحاس أن صاحب البيت كان يتفق مع أحد النجارين، على كمية وقيمة خشب الرواشين لقصها بعد أخذ المقاس، وتستغرق مدة القص نحو شهر أو شهرين، حسب الكمية والمساحة».
المراجع
makkawi.com
التصانيف
مكة المكرمة مهن و صناعات صناعة العلوم التطبيقية