سيكون الأردن في غضون الأشهر القليلة القادمة على موعد مع اختبار إمكانية إعادة الهيبة والاعتبار إلى السلطة التشريعية التي انتابها خلل سابق في التشكيل اثر سلبا على شكل الأداء وانكفأ بهذه السلطة الرئيسية في النظام السياسي الأردني ، وخسرنا خطوة في مسيرتنا الديمقراطية ، واضعنا زمنا لا طائل منه وفشلت السلطة التشريعية عن أن تؤدي دورها كضابط إيقاع للعملية السياسية ، وتعكس توازنات مختلف القوى في الحياة العامة ، وإنما ساد طيف غير مؤهل لإنجاح المطالب الشعبية كونه ينظر من عين مصالحه ، فأعاق عجلة المؤسسات السياسية ، وأصبح أداة في توتير الداخل ، وفرض ضغوط على مجريات العملية السياسية لأهداف لا تتعدى الاعتبارات الشخصية.
والعملية التي أدت إلى الوصول لهذا المأزق السياسي ستعيد استنساخه مرة أخرى في حياتنا السياسية إذا بقيت عناصرها قائمة ، ولم يتم العمل على إبطال مفعولها ، ومنها اثر المال السياسي ، واجتراح وسائل متعددة في استخدامه ، على شاكلة استغلال نشاط الجمعيات الخيرية ، وإطلاق حملات التبرع الاستعراضية ، وما يرافقها من عمل خيري يرتبط بأهداف سياسية ، وصولا إلى الشراء المعلن للأصوات في حال تم السكوت على هذه الدورة المالية التي تتخذ أشكالا متعددة ، وهذا الاستخدام الجائر للمال السياسي يقصد به التستر على ضعف الأداء العام الذي يستقطب بحد ذاته التأييد ، وكذلك التعويض عن نقص التواصل مع الشارع ، ومطالبه ، وحيازة تقديره على خلفية الاهتمام ومتابعة الشأن العام ، ومرافقة طموحات الأردنيين وآمالهم المشروعة ، وهو ما يظهر الوجه القبيح لصاحبه - ممن حمل مهمة النائب المقدسة - وهو الذي لم يتورع عن إفساد الذمم ، واستغلال حاجة الفقراء ، وتحويل أصوات المواطنين التي هي نظير مستقبلهم إلى مجرد سلعة ، وهو يؤشر على ذات انتهازية غير مؤتمنة على الأوطان ، ولا تملك شيئا تقدمه لشعبها ، ومن المصلحة استبعادها من المسيرة الوطنية ، فلا يعقل أن يصبح هؤلاء الذين خرقوا القانون في موقع يوكل لهم بموجبه مهمة تشريع القوانين ، ومراقبة مدى التزام السلطة التنفيذية به ، وإنما يجب أن تلفظهم المسيرة الوطنية ، ويخرجوا من حياتنا العامة إلى غير رجعة.
ومن الجرائم الانتخابية التي ارتبكت في الدورة السابقة الأصوات المهاجرة ، والعابرة للدوائر ، وهي رصيد سلبي في المجتمع يمكن استخدامه في خدمة هذه العينة التي لم تترك وسيلة لتزوير إرادة الناخبين إلا واستخدمتها لهثا وراء المقعد النيابي الذي تم تحويله عن مهمته في خدمة الشعب وحقوقه إلى برستيج لأصحابه ، وموقع يتم استغلاله في المصالح الشخصية ، واقلها التحايل على وضعية التقاعد التي تصيب الكثيرين في نهاية خدمتهم في الدولة. وهذه الأصوات انتقلت بطريقة مخالفة للقانون ، ومن نقلوها مدانون بالجرائم الانتخابية ، وقد تحايلوا على القانون ، واستخدموا الواسطات في هذا النقل ، ومن سلامة العملية الانتخابية المقبلة أن تبدأ على أرضية صحيحة بالنسبة لجداول الناخبين ، ويمكن شطب هذه الأصوات التي انتقلت بطرق غير قانونية ، وإبطال مفعولها إلى الأبد.
كذلك ، لا يجوز أن تحدث أية تدخلات لترجيح كفة مرشح على آخر ، وإنما مراقبة مدى التزام المرشحين بالدستور والقوانين ما داموا استوفوا شروط ممارسة حقهم في الترشيح ، وليترك خيار فرز هذا المجلس القادم لإرادة الناخبين الحرة ، ويتم من خلال ذلك قراءة توجهات الشارع الحقيقية ، ومعرفة معالم المستقبل القادم بعيون الأردنيين.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة رشاد أبو داوود جريدة الدستور