سيدعي البعض من مفلسي الانتخابات النيابية القادمة انه مرشح الخط الوطني ، أو كونه محسوبا على الدولة ، وسيحاول بهذه الطريقة الخبيثة الإيقاع بالمؤيدين في حباله النيابية ، وربما يبالغ في استخدام الصور ، والإعلانات ، والشعارات ، وقد يميل إلى إبراز علاقاته ببعض المسؤولين ، أو استغلال مكاتب الأحوال المدنية لتسهيل مهمة نقل البطاقات ، وتثبيت الدائرة الانتخابية عليها ، ويحاول هذا البعض جر الدولة لأن تكون طرفا مع أردني ضد آخر في معركة الانتخابات النيابية المقبلة ، ويجردها بذلك من صفتها كمظلة ، ومرجعية لهذه الانتخابات ، ووقوفها على مسافة واحدة من كل المرشحين ، ويحاول أن يتسبب بورود خواطر الشك إزاء تأكيدات رسمية معلنة ، ومنقولة عن جهات عليا بحيادية المؤسسات ، وعدم تدخلها بالشأن الانتخابي ، أو تأثيرها على خيارات الناخبين ، واحتفاظها بدورها كمنظم لإجراء الانتخابات بموجب أحكام القانون.
وهذا البعض الذي دأب على الاختباء وراء الجهة الرسمية لا يهمه حجم الضرر الذي يلحقه بصورة المؤسسة ، والمهم بنظره هو مصلحته الخاصة تماما كالذين يساهمون بسوء أدائهم الوظيفي في زعزعة ثقة الأردنيين بالمستقبل ، وينعكس ذلك سلبا على البلاد ، ومن المهم عدم منح منتحلي صفة مرشح الدولة هذه الفرصة ، وإظهار موقف رسمي أكثر تشددا من مدعي وجود خط وطني ، وآخر غير وطني ، ومن يفرقون بين الأردنيين تبعا لمصالحهم. فالأردن عام لجميع أبنائه ، والقانون فيه وحده جهة الاحتكام ، والفرصة النيابية تمنح بصيغة متساوية أمام الجميع ، وخيارات الناس هي التي تحدد نواب المجلس القادم ، ولا وجود لمواقف مسبقة من مرشحين بعينهم سوى في أذهان المشككين بولاء الأردنيين وانتمائهم.
وعلى المسؤولين في مختلف مستويات المسؤولية أن يتورعوا عن دعم بعض المرشحين ولو كانوا من أقربائهم ، واستخدام نفوذهم ، وواسطاتهم لمصلحة هذا البعض عشية الانتخابات ، ويجب أحكام الرقابة على جميع الدوائر التي قد تؤثر سلبا على سير الانتخابات. فالأردن يستحق مجلسا نيابيا أفضل ، والأردنيون مؤهلون لاختيار نوابهم ، والمهم هو إبعاد الضغوط عن خياراتهم.
ولا نريد أن نتكلف مجلسا نيابيا آخر على شاكلة ما تم حله بإجراء ملكي كان هدف إلى منع تفاقم أزمة الثقة في الشارع ، وعلى الناخبين أن يتنبهوا إلى أن الحل ليس متاحا بصفة دائمة ، ويمكن أن نتعلم من درس المجلس المنحل.
لقد اضر الاستخدام الجائر للولاء للأردن ومسيرة مؤسساته الدستورية مع كثرة المتسلقين على هذا الشعار ، ممن سبق وان جردوا الأردنيين من ولائهم ، ثم ما لبثوا أن تحولوا إلى جهات ناقدة حال مغادرتهم مواقع المسؤولية ، واصحبوا اكبر مولد للإشاعات الهدامة التي أثرت سلبا على الوعي الوطني ، وهو درس يجب أن نتعلم منه تفويت الفرصة على من يشقون صف الأردنيين ، ويعيدون تصنيفهم حسب أهوائهم. الأردنيون سواسية إمام القانون ، والمؤسسات ما داموا يتمتعون بحقوقهم المصانة بحكم الدستور ، والفرصة النيابية متاحة للجميع ، وليترك للشارع حق الفرز والاختيار.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة رشاد أبو داوود جريدة الدستور