اينما يكون الحديث عن العدوان الصهيوني على لبنان يكمن سؤال: اين الموقف العربي الموحد؟ لكن السؤال الذي يجب ان يطرح: هل كنا نتوقع موقفاً عربياً موحداً، وهل الواقع العربي ينتج مثل هذا الموقف؟!
اذا دخلنا في التفاصيل فإن اسباباً عديدة تجعل من غير الممكن ظهور موقف عربي موحد سواء في العدوان على لبنان او غيره:
1) ان المنطلق الأساسي للمواقف العربية منطلق قطري، وكل طرف يتعامل وفق مصالحه الذاتية وحساباته الخاصة.
2) ان هنالك حالة من عدم الثقة بين الاطراف العربية. فكل دولة لا تأمن من تحركات الدول الاخرى، ولا تضمن اتصالاتها السرية وحساباتها، لهذا فليس هناك دولة تريد ان تمارس تقدماً في اي موقف او مسار، بحيث تجد نفسها وحيدة وقد خذلها الآخرون.
3) ان مستويات الاهتمام بالقضايا ليست في مستوى واحد، لدى كل الاطراف العربية، فما يجري من عدوان على لبنان، مثلاً، لا يحتل المكانة ذاتها لدى كل الدول العربية. فبعض الدول تتأثر بالحدث بشكل كبير، وبعضها تتعامل معه وكأنه في الهند او باكستان، واخرى وكأنه في فنزويلا او المكسيك، فكيف نبني موقفاً موحداً في قضية لا تحتل ذات المكانة لدى الجميع؟!
4) فيما يخص العدوان على لبنان، فإن بعض الاطراف العربية ترى فيما جرى حرباً بالوكالة بين ايران والولايات المتحدة، وهي لا تريد ان تتحول الى سلاح ايراني، لكنها تبحث عن الحدود الدنيا من التضامن الذي يدين العدوان، ولا يحقق في الوقت نفسه مكاسب لخصوم سياسيين.
5) ان بعض الاطراف العربية الهامة ترى في علاقاتها مع الولايات المتحدة مصلحة استراتيجية لا تريد هدرها او اضعافها لمصلحة مرحلة ستنتهي، وانها لا تريد ان تدفع ثمناً لحروب وحسابات غيرها، فهي تحاول ايجاد توازن في رفضها للعدوان والموقف الذي تقدمه، لانها لا تريد بناء استراتيجيتها وعلاقاتها على ضوء ما يقرره حزب الله او حتى اسرائيل.
ولعل سؤالاً هاماً اخر يحتاج الى اجابة: ما هو الموقف العربي الموحد الذي نتحدث عنه جميعاً؟ هل هو ادانة العدوان واعلان موقف رافض للقتل والاجرام الصهيوني، ام تقديم العون والمساعدة والتضامن مع الشعب اللبناني؟ ام اعلان الحرب على اسرائيل وقصف تل ابيب بطائرات الدول العربية وصواريخها؟ الاجابة محكومة بظروف ووقائع نعلمها: فهل يتوقع احد ان يبادر العرب لاعلان الحرب على اسرائيل؟ من المؤكد انه لا احد يتوقع ذلك. لأن فكرة الحرب ذهبت بعيداً من اجندة الدول العربية، وحتى سورية ذات الارتباط الوثيق بحزب الله فإنها لا تفكر بالحرب، ولن تطلق طلقة حتى لو تم تدمير لبنان بأكمله. اذن فهو موقف عربي موحد من الخليج الى المحيط في استبعاد خيار الحرب!
هل المطلوب استخدام سلاح النفط كما حدث عام 1973؟ الجواب واضح ايضاً؛ فالعرب لا يستطيعون استخدام هذا السلاح، فالجيوش الاميركية متواجدة حول ابار النفط، ولم يعد استخدام سلاح النفط ممكناً، لانه لم يعد ملكاً خالصاً للعرب، او تحت السيادة العربية الكاملة. اضيف الى هذا ما قاله دبلوماسي سعودي بأنه اذا كان احد يطالب باستخدام سلاح النفط؛ فلماذا لا يطالب ايران بهذا وحليفها حزب الله يتعرض للقصف والحرب؟!
لا احد يريد الحرب. ولا التضحية بعلاقاته مع الادارة الاميركية، ولا مستويات الاهتمام بالقضايا واحد في دولنا العربية، والبعض يحمل قناعة بأنها حرب ايران، ولا يريد التحول الى اداة في هذه الحرب، والنفط لم يعد سلاحاً، بل سلعة تخضع لسيادة الاصدقاء الذين تجمعت قواعد جيوشهم حوله، فما هو اذن الموقف العربي الموحد؟!
المواقف العربية اشبه بالعرس فكل ضيف (ينقط) العريس وفق امكاناته. فالبعض يأتي بكيس سكر واخر بخمسة دنانير، فلا تعريف لنقوط موحد تماماً، مثلما هي فكرة الموقف العربي الموحد!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة