الحكومة أعلنت التزامها بوضع الخطط الكفيلة بتنفيذ توصيات ملتقى كلنا الاردن، وتم قبل ايام الإعلان عن تشكيل الهيئة الاستشارية الخاصة بالملتقى وتوصياتها، لكن وجود هذه الهيئة وظهورها يفرض عليها ملاحظة الامور والقضايا التالية:
1- ان على هذه الهيئة ان تملك تصورا واضحا لعملها، وان يكون لديها خطة لممارسة مهامها، اي ان تعمل وفق تخطيط وتنظيم, فهي ليست مجلس حكماء فوق المؤسسات، وليس لديها ما ليس لدى المؤسسات الدستورية، لكنها هيئة متابعة، يفترض ان تقدم تصورا وخطة لكيفية عملها.
فأي هيئة تأتي لمتابعة تنفيذ خطط مسار الدولة، خلال العامين المقبلين، يفترض ان تكون على سوية عالية من العمل المنظم، والتفكير العلمي.
2- ولعل الاهم في مواصفات الهيئة ومسارها ان لا تأخذ معها بعض امراض العمل السياسي وفيروسات الصالونات، اي ان لا تكون صالونا سياسيا جديدا ضد السلطة التنفيذية، او احدى بؤر الساحة السياسية.
3- ان كون الهيئة ملكيةً هو تشريفٌ لها ودافع لان تمارس عملا وطنيا بما يتناسب مع اهمية التوصيات التي خرج بها الملتقى وشموليتها. لكن الرعاية الملكية لها، ليست حصانة من المتابعة والتقويم لادائها العام او لمواقف اعضائها من قبل الرأي العام.
4- ومع التأكيد الملكي على ان هذه الهيئة استشارية وليست على حساب عمل اي من المؤسسات الدستورية، فإن واجب الهيئة ان تدرك حدود عملها وتلتزم بالتوجيهات الملكية، فلا تدخّل في عمل الحكومة او فرض رقابة او ممارسة تحريض. فالحكومة واجبها ان تضع الخطط وان تنفذها بامانة ومسؤولية، وهي محاسبة ومسؤولة امام جلالة الملك، كما انها مسؤولة بحكم الدستور امام مجلس الامة، اي ان العمل يفترض ان يتم بحساسية واضحة وبمسار يمتنع التدخل ويحقق التوجيهات الملكية بان الهيئة استشارية وليست على حساب اي من المؤسسات الدستورية.
5- ان وجود رئيس الوزراء ورئيسي مجلسي الاعيان والنواب في الهيئة لا يعني وجود الحكومة ومجلس الاعيان والنواب فيها. فهم موجودون بصفاتهم الشخصية بحكم الموقع، لكنه ليس احتواء للمؤسسات الدستورية داخل هذا الاطار الاستشاري، وقد يؤدي هذا الى زيادة التنسيق وحسن المتابعة، لكنه يحافظ لكل المؤسسات الدستورية على حقوقها وسلطاتها.
فالحكومة ليست الرئيس، وكذلك مجلس النواب ليس الرئيس، وأي رأي لرئيس الحكومة او رئيس مجلس النواب او الاعيان هو رأي شخصي. فهذه مؤسسات لها اليات في العمل واتخاذ القرار وليست جزءا من هيئة استشارية.
واخيرا فان على الحكومة ومن بعدها الهيئة ان تدركا اننا في الاردن تحدثنا كثيرا، وكتبنا كثيرا من الورق والوثائق، ووصفنا كثيرا من المراحل بانها مراحل هامة ومنعطفات خطرة، وأخرى قلنا عنها بانها تحولات ومفاصل في مسيرة الدولة، وكان المردود قليلا، ولا نبالغ اذا قلنا انها قد تكون اخر مراحل الكلام والتنظير والخلوات، فاما انجاز ملموس وعمل حقيقي او هدر لمصداقية العمل الرسمي.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة