انشغل الأردنيون على مدار الأشهر القليلة الماضية بطبيعة الاجراءات المرافقة للعملية الانتخابية المنتظرة في نهاية هذا العام ، واحتمالية أن تفي بمتطلبات توفير شتى الضمانات لممارسة الأردنيين هذا الاستحقاق الدستوري الهام الذي تتهيأ البلاد لإنجاحه بكافة مؤسساتها ، ويكاد يكون ميدان الفعل السياسي الأبرز الذي يشارك فيه الأردنيون مباشرة في عملية الحكم التي تستند على ثلاث سلطات.

وهذه العملية تكمن أهميتها في أنها تضمن تواصل الأردنيين مع آلية تشكل السلطات التي تبدأ من حيث السلطة التشريعية ، والتي هي أم السلطات ، وهي تبرز مستوى الوعي الشعبي ، وتتضمن من خلال برامجها المرافقة للمرشحين مطالب الأردنيين ، وهي من الأهمية بمكان بحيث تساهم في تبلور ، وتجديد الطبقة السياسية ، ومدها بعناصر الفعل في الواقع الاجتماعي الأردني ، وتساهم بإنتاج أدوات تشريعية ، وتمارس عملية رقابة على أعمال السلطة التنفيذية التي تشمل إطار مسؤولياتها القانونية كافة الصلاحيات الممنوحة لمجلس الوزراء ، والوزراء ، واذرعها الممتدة في المحافظات من خلال المديريات التابعة لها.

وكذلك القوانين التي تستخدمها السلطة القضائية في إحقاق العدل ، والمساواة بين المواطنين.

ولا يخفى أن صلاحيات السلطة التنفيذية تشمل كافة مناحي الحياة للأردنيين ، فضلا عن عملية تنظيم ممارسة الحقوق والحريات الناجمة عن هذه الأطر القانونية التي تمثلها الدولة.

هذا بالإضافة إلى إدارة الموارد المالية المتحققة للدولة من خلال الضرائب ، وكافة بنود الموازنة العامة التي تصبح قيد التنفيذ حال إقرارها في المجلس ، ويصار إلى توزيعها في غايات محدودة بموجب قانون الموازنة العامة.

ولذا تتداخل العملية السياسية ، وترتبط مخرجاتها بكيفية إنتاج السلطة التشريعية ، وحمايتها من الشوائب ، وإضفاء أجواء من الثقة تكون دافعة للمجتمع للمشاركة الايجابية فيها ، وترسيخ أهميتها في وعي الناس ، وإبطال مفعول المؤثرات السلبية التي تجرد الناخب من إرادته الحرة في التصويت للبرنامج الذي يمثل أهدافه في عملية الحكم.

ويرتبط مدى نجاح عملية إدارة الانتخابات البرلمانية وإفرازاتها بعد ذلك بالتنمية ، وتحريك الحياة الاقتصادية في المملكة ، وبالتالي تحقيق الدعم اللازم للوصول بعملية الحكم إلى أهدافها والتي ما تزال لا تحظى إلى اللحظة بدرجة كافية من الرضى الشعبي ، وهي التي لم تحقق مقومات بناء هياكل النظام السياسي الحديث. مما اظهر نوعا من التباين بين التوجهات الشعبية ، والحكومات.

وعملية الانتخاب الصحيحة ان ترتبط أساسا بالمواطنة ، وان تكون دافعة لقوى المجتمع المدني كي تأخذ دورها في عملية تجديد الحياة السياسية ، ومن الضرورة بمكان إن يصار إلى قطع دابر اثر المال السياسي ، وكل ما من شأنه ان يؤثر على حرية الناخب ذلك أنها مرتبطة بشرعية المؤسسات وإمكانية عملها على وحي من الإرادة الشعبية.

ويمكن أن تتوجه عملية التوعية إلى متطلبات النائب القانونية ، والخبرات التشريعية ، واستبعاد بعض تأثيرات البنية الاجتماعية الأردنية التي تحتاج إلى إعادة بناء بعد عوامل الهدم التي تعرضت لها بسبب الحراك الاجتماعي السلبي والذي غذته مجموعة من القوانين المرتبطة بكيفية ممارسة الحقوق السياسية.

عملية وطنية كبيرة تقف على مقربة منا توجب ان تتضافر الجهود الرسمية ، والشعبية لإنجاحها ، وهي ليست مناطة بجهة بعينها ، وإنما تشمل الفعل العام للدولة بكافة تكويناتها لوصولها إلى غاياتها التي يكمن فيها المستقبل.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   رشاد أبو داوود   جريدة الدستور