تحديد موعد بدء العمل بالتوقيت الشتوي ليس قضية كبرى او حدثا يرتبط بمعادلات مشاكل المنطقة، بل هو قرار اداري منتظم تماما، مثل موعد بدء العام الدراسي؛ أي أننا لا نخترع به الشمس، ولا نقرر مستقبل الكون، لكن بعض الحكومات تضع حتى هذا الموعد التقليدي في طائلة الجدل والنقاش، وربما تشكل له لجان.
العام الماضي قررت الحكومة الموجودة ان يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي في الجمعة الاخيرة من شهر تشرين الاول، وكان قرارا غريبا ليس له تبرير سوى الرغبة في الابداع والابتكار. ثم تذكرت تلك الحكومة ان رمضان في الايام الاولى من شهر تشرين الاول، فعادت بعد جدل، وبعد ان اشغلت نفسها وجعلت من هذه القضية الروتينية حكاية، لتجعل الموعد بداية ذاك الشهر وليس نهايته.
هذا العام نقرأ اخبارا في بعض الصحف تقول ان الحكومة تفكر في تأجيل بدء العمل بالتوقيت الشتوي الى نهاية شهر تشرين الاول، لأن رمضان يأتي في الثلث الاخير من شهر ايلول الحالي، لكن السؤال: لماذا تشغل الحكومة نفسها بالتفكير في مواعيد لأمر بدهي وروتيني؟ ففي كثير من الدول، يبدأ العمل بالتوقيت الصيفي في الجمعة الاخيرة من شهر اذار، فيما يبدأ العمل بالتوقيت الشتوي في آخر ايلول، دون أن يكون لذلك علاقة برمضان أو شعبان، فلا يستحق هذا الأمر ان تتعب الحكومة نفسها فيه الا بإصدار قرار اداري، تماماً مثل بلاغ تعطيل الدوائر في عيد الاستقلال.
رمضان شهر قمري متغير من عام إلى آخر، ولهذا نرجو من الحكومة ان تثبّت المواعيد الروتينية، وأن يبدأ التوقيت الشتوي نهاية ايلول، سواء بدأ رمضان في هذا الشهر او في تشرين الاول، لأن الامر ليس خاضعا للاجتهاد، وهو اجراء تنظيمي لا يحتاج الى دراسة ولجان، والحكومة ليست مطالبة بأن تقدم للناس اختراعا لم تفعله حكومة سابقة ولن تأتي به حكومة لاحقة.
يجب الخروج بالتوقيت الشتوي او الصيفي من اي جدال او تفكير او اجتهاد حوله، فلا نريد لأحد ان يوقظ الشمس من نومها، او أن يخترع العجلة، او أن يكتشف اميركا، الا اذا كان البعض يعتقد ان الأمر صعب، ويحتاج الى ان يكون جزءا من الاجندة الوطنية او توصيات ملتقى "كلنا الاردن"، او جزءا من عطاء لدراسة يستند الى شركة اجنبية.
وما دمنا في مجال عمل الحكومة، فإننا ندعوها الى مراجعة طريقتها في العمل وتعبئة المواقع الكبرى، فقد تجاوز الامر حدود الدراسة والتمعن الى ما يشبه ضعف الديناميكية. فمثلا، هنالك منصب مدير عام دائرة الاراضي الذي شغر بوفاة المدير السابق، رحمه الله. وقد مرت اشهر كثيرة دون أن تقوم الحكومة بواجبها، مع ان مثل هذا الموقع فني، والخيارات الخاصة به من اصحاب كفاءة محدودة. فبطء الحكومة الذي تسميه تمهلا لم يعد مقنعا، والحكمة لا تعني هدر الوقت.
والمفارقة ان الحكومة التي تتحدث عن التمهل، تعين فجأة سفراء في عواصم هامة، ولا ندري ما إذا خضع هؤلاء للجان تعيين ومعايير؟
عندما تحدثت الحكومة، في بداية عملها، عن تمهل لضمان حسن الاختيار، تم تقبل ذلك، لكن خروج بعض التعيينات في مواقع هامة وفق المنطق "التاريخي" جعل الناس لا ترى جديدا. وحتى لو اقسم الرئيس على التلفزيون ان نسبة كبيرة ممن تم تعيينهم لا يعرفهم الرئيس، وهو صادق، فقد يكون هناك غيره من يعرفهم.
لا يحتاج تعيين مدير عام لدائرة شهورا من التمهل، او ربما النسيان. وهذا ينطبق على مواقع اخرى؛ فالأمر تجاوز حدود مزاعم البحث عن الأسس والشفافية إلى تضييع الوقت، الا اذا كانت مثل هذه المواقع غير هامة الا لغايات التوقيع الذي يقوم به مدير بالوكالة!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة