ظهرت الفلسفة الحديثة نتيجة لحركة فكرية ثقافية كبرى تسمى النهضة، أعقبت نهاية العصور الوسطى وشكلت فترة انتقالية بين فلسفة القرون الوسطى والفلسفة الحديثة، ويعد الفيلسوف رينيه ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة في القرن السابع عشر، وتبلغ أهمية فلسفة ديكارت في أنه عرض رؤية جديدة في التفكير تقوم على النقد ومراجعة المعارف المكتسبة، وضرورة تأسيس طريقة جديدة تقوم على قواعد محددة لتوجيه العقل (الشك، تقسيم المشكلة إلى أجزاء، ترتيب الأفكار، مراجعة عامة للنتائج)، كما أنه أولى أهمية كبرى للأنا المفكر أي الوعي بالذات، وقد تجلت في قولته الشهيرة: أنا أفكر، إذا أنا موجود.

 

انطلاقا من هذه القولة فقد خلص إلى أنه يستطيع التأكد من وجوده لأنه يفكر، ولكن ما الإطار الذي يمكن أن تتم فيه هذه العملية؟ فهو يدرك جسده عن طريق استخدام حواسه، وعلى الرغم من ذلك فقد ثبت من قبل أنه لا يمكن الاعتماد على هذه الحواس لأنها تخدعنا، لذا خلص ديكارت إلى أن المعرفة الوحيدة التي لا سبيل إلى الشك فيها هي أنه كائن مفكر، فالتفكير هو الأساس كما أنه الحقيقة الوحيدة عنه التي يستطيع أن يشك فيها، ويعرف ديكارت الفكر بأنه: <<ما يحدث داخلي فأشعر به على الفور لدرجة تجعلني أدركه>>. وهكذا يكون التفكير كل نشاط يقوم به الإنسان وهو مدرك له في الوقت الحاضر، وقد قدم ديكارت بفكرته المعروفة باسم برهان الشمع. وقد بين لنا من خلال هذه البرهان أنه لا يمكن الاعتماد على الحواس في إدراك طبيعة مادة الشمع، بل يجب عليه أن يستخدم عقله.

 

من هنا نخلص إلى القول بأن ديكارت من خلال قراءتنا لكتاب <فلسفة ديكارت ومنهجه> أراد أن يبين لنا أن السبل الوحيد الذي يمكن الاعتماد عليه للحصول على المعرفة هو العقل، حيث أن هذا الأخير قادر على إنتاج الأفكار والمعارف انطلاقا من مبادئه الذاتية ودونما حاجة إلى أي مصدر خارجي، والعقل في نظر ديكارت لا حدود له حيث بإمكانه أن يدرك كل الحقائق حتى الميتافيزيقية منها كوجود الله وخلود النفس وبداية العالم.
 

المراجع

ahewar.org

التصانيف

أدب   الآداب