ليس انحيازا للصديق الأستاذ ابراهيم الهواوشة، وهو يعد من ابرز قيادات الحراك الوطني للمعلمين الأردنيين، وإنما انحياز للعدالة التي وأدت في انتخابات مجلس نقابة المعلمين الأخيرة، فيعرف الميدان في كل المحافظات دور هذا المعلم المثقف الذي ساهم في بناء، وترسيخ حراك المعلمين، وشارك في تخطيط كافة فعاليات هذا الجسم الذي انتفض استردادا لكرامته، ولوقف عملية إضعاف المعلم التي تواصلت لأجيال حتى بات الحلقة الأضعف في العملية التعليمية، وهو جوهرها.

انطلق ابراهيم الهواوشة مع البدايات، وتعرض لكافة الضغوط التي واجهها المؤسسون الأوائل لحراك المعلمين، وعلى حساب وقت أسرته، ووضعه المالي الصعب، وكان الحاضر في كافة لقاءات، ومفاوضات ممثلي النقابة مع الجهات الرسمية والشعبية، وتحمل أعباء تفعيل حراك المعلمين في محافظة مأدبا، ولواء ذيبان، وتمكن مع نخبة من زملائه من انتزاع مطالب المعلمين المتعلقة بالزيادة السنوية التي كانت تؤجلها الحكومات، وتضعها على الهامش، وتمكنت فيما بعد كتلته في ذيبان من الفوز بالتزكية تقديرا لجهوده، ولزملائه أعضاء الكتلة، إلا أن المفاجأة كانت تنتظره، وقائمة التوافق الوطني على مستوى انتخابات مجلس النقابة، حيث تمكنت بعض القوى السياسية من اختطاف جهود ونضالات هؤلاء المعلمين، ووضعها في خانة مكتسباتها التنظيمية، وهو ما عكسته نتائج الانتخابات على المستوى الوطني للنقابة من اخفاق قائمة التوافق الوطني أمام الكتلة التصويتية المنظمة، والمحكومة بالموقف الحزبي للأسف.

ووقعت هذه القائمة التي تضم ابرز قيادات حراك المعلمين ضحية لنظام التصويت الذي استفادت منه كتلة لم تكن مساهمة رئيسية في حراك المعلمين، وهو ما يدفع إلى التساؤل حول الدواعي الشرعية للتصويت فهل هي الكفاءة والاقتدار، أم تكون محصورة بابن التنظيم بغض النظر عن إمكانياته، ونشاطه، وأين تغدو العدالة في هذه الحالة، والتصويت محض إدلاء بالشهادة.

وهو درس قاس تعرضت له جملة من القيادات الفكرية، والثقافية في حراك المعلمين بعدم تقدير جهودها، ووضعها أمام تسلط التنظيمات الحزبية التي لا ترى سوى مكتسباتها التنظيمية، وذلك على حساب تضييع الكفاءات، والخبرات القادرة على وضع الأنظمة المناسبة لعمل النقابة، ومستقبلها على المدى البعيد. وقد وجه التنظيم السياسي الذي تجاوز جهود هؤلاء المضحين صدمة للقوى الاجتماعية المطالبة بالتغيير، وهو يستولي على انجازاتها الوطنية، ويبرز متأهبا للسيطرة على المكتسبات، وكأن العملية ليست سوى التحطيب في حبال الغير، وربما أن القوى الاجتماعية باتت أكثر وعيا بخطورة التحول الديمقراطي، مع غياب مبدأ الشراكة في العمل الوطني، والذي قد يكون بهذه الحالة في غير صالحها ما دامت التنظيمات قاصرة عن رؤية المستقبل الوطني المنشود، والذي نحققه جميعا، ولا تنفرد فيه جهة بعينها.

على إخواننا في الأحزاب السياسية أن يعيدوا حساباتهم، وان لا يحشروا قوى التغيير الناشئة في الزاوية، ويجعلوها مخيرة بين الإبقاء على الأوضاع الراهنة، أو أن تكون مكتسبات التغيير في صالح جهة منظمة تسعى للسيطرة على كافة مناحي المجتمع المدني، وان يراعوا أحقية القوى المتبلورة في إطار الحراك الوطني في أن تقطف ثمار جهودها، وان تحقق ذاتها الوطنية، كي لا نفوت فرصة سانحة في التغيير ما دمنا نعجز عن ترسيم حدود مصالح القوى المطالبة بالتغيير في الإطار التوافقي والعادل.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   رشاد أبو داوود   جريدة الدستور