فلسطين
قد لا يكون غريبا ان نقول ان كل عائلة فلسطينيه قد قدمت اسيرا على الاقل في خلال سنوات الاحتلال الاسرائيلي لارض فلسطين ، وبذلك دخلت معاناة الاسر الى جميع بيوت فلسطين وهي لم تقف عند الاسير فقط او الاسيره انما تصل الى ام واب واخوة الاسير بل حتى تصل الى اصدقاء وجيران الاسير فمجتمعنا الفلسطيني مجتمع مترابط عاطفي اجتماعي يتشارك كثيرا بأحزانه .
لكن كيف هي حياة الاسير .. كيف يقضي ايامه؟؟
تبدأ حكاية الألم للاسير من ساعة اعتقاله من منزله او مكان وجوده ، فتكبيل اليدين وغمغمة العينين والتعرض للضرب والشتم من قبل الاحتلال من ساعة الاعتقال الى وصوله الى مكان الاعتقال ، وهناك تبدأ مرحلة اخرى من الألم فمن الشبح الى المنع من النوم لأيام واسابيع الى التهديد بالأهل والابعاد والقتل بل انهم احيانا يلجؤا للتهديد بالاغتصاب ايضا.
تنتهي فترة التحقيق التي قد تطول الى اشهر عديده لينتقل بعدها الاسير الى المعتقل .
في المعتقل تبدأ حياة الاسير الجديده .. اخوة جدد .. طعام جديد عليه .. مكان جديد عليه.يستقبله اخوته في المعتقل ويقدمون ما يتوفر لديهم من لباس وفراش ويرشدونه الى برشه الجديد ( البرش في السجن يعني السرير).
لاتختلف ايام الاسير عن بعضها البعض فالخيارات محدوده ، فمن فطور الصباح الذي يكون غالبا فول من قبل ادارة السجن لكن الاسرى يقومون بتعديله قليلا باضافة الملح واعادة تسخينه وطحنه واضافة زيت الزيتون ان توفر، ولا انسى هنا ان اذكر ان مخصص كل اسير هو خمس خبزات يوميا فقط !! عليه ان يكتفي بها طيلة اليوم .
في السجن مُنع الاسرى من تنظيم جلسات او اعطاء دروس او محاضرات وفي حالة اكتشفت ادارة السجن ان احدى الغرف تعقد جلسة فانها تحرم الاسرى من الخروج الى الفورة عدة ايام ( الفورة في السجن تعني خروج الاسرى الى الساحات لمدة ساعتين يوميا ) وبذلك حرمت ادارة السجن الاسرى من الاستفاده الثقافية والوطنية ، ولكن يتوفر عدد قليل ومحدود من الكتب التي يلجأ اليها الاسرى للاستفاده وتمضية ساعات السجن الطويله .
بعض الاسرى يلجأ الى الرياضه للتسلية والاستفاده ، فهم يخصصون عدد من الساعات يوميا للركض والضغط وبعض التمارين المحدوده لأن باقي التمارين ممنوعه من الادارة؟؟
التلفاز اصبح مهرب معظم الاسرى واسلوب التسلية الوحيد في ضل التضييق الذي يتعرضون له من قبل سجانيهم ، مع ان ادارة السجون قامت بمنع بعض القنوات التلفزيونيه عن الاسرى!!
اصعب ايام السجين يوم البوسطه – أي انتقال السجين من سجنه الى سجن آخر او الى المحكمه – فذلك اليوم له طقوسه الخاصة عند الاسير فهو قبل يوم البوسطه يتوقف عن الشرب والاكل ليمنع نفسه عن الذهاب للحمام لان ذلك محدود او ممنوع اثناء تحرك الباص الذي قد لا يتوقف الا مرة او مرتين فقط . ويبقى الاسير طيله فترة البوسطه مكبل اليدين واحيانا القدمين ايضا ، وقبل دخوله الى أي سجن فهو يتعرض للتفتيش العاري سعيا من الاحتلال لإذلاله وزيادة قسوة الاسر .
بالرغم من صعوبة الاسر الا ان الاسرى تعايشوا معه واضافوا الى السجون مفردات جديده غيرت من حياتهم ومن مفهوم الاعتقال ، فالاسرى لهم تنظيمهم وترتيبهم للوضع الاعتقالي داخل المعتقل رغم كل التضييق من قبل السجّانين ... ففي حالة وفاة قريب لأحد الاسرى يسارعون الى اقامة بيت عزاء له ويعدون القهوة السادة وتقبلون التعازي من بعضهم البعض . وفي حالة الفرح أو الاعياد فانهم يعدون ما يستطيعون من حلوى ضمن امكاناتهم البسيطه المتوفره ، فمثلا كنا نعد الكنافه بواسطة تحميص بقايا الخبز، وكنا نزين الغرف بواسطه قصاصات الصحف ، ونجمع مخصصنا من الفاكهه لنقوم بنهاية الاسبوع بالاحتفال بشرب كوكتيل ( يُخصص للاسير حبة فاكهه يوميا ).
اما عن التواصل مع الخارج فلم يكن السبيل لذلك الا التلفاز والراديو فأنا مثلا علمت بولادة ابني الصغير وطن بواسطة الراديو ، واحد الاسرى تفاجأ بوفاة والده عن طريق الصحيفه ، علما ان الصحف تصلنا بعد اسبوع او عشرة ايام !!!
لاننكر صعوبة السجون لكنه قدر شباب فلسطين ان يقدموا زهرة اعمارهم قربانا لحرية الوطن.
الحياة الثقافية للأسرى في سجون احتلال
واهمٌ من يظن أن العدو الإسرائيلي قادر على أن يحطم شباب فلسطين بالأسر ، و خاطئ من يظن أن الاحتلال يستطيع أن يحرف الأسير الفلسطيني عن مساره حتى وان طالت فترة الأسر أو ذادت قسوة السجّان.
أن اسري فلسطين استطاعوا أن يؤقلموا أنفسهم مع السجون والمعتقلات الاسرائيليه ، وقد أدركوا أهمية الحياة الثقافية للمعتقل خلال فترة وجوده في الأسر ، فسارعوا لوضع الخطط والبرامج الثقافية للنهوض بوعي الأسير مهما كان عمره أو مستواه التعليمي .
أسرى فلسطين ومن كافة الفصائل والتنظيمات وضعوا خططهم التي رسمت المسار الثقافي للأسير بحيث يجمع الأسير اكبر قدر من الوعي والتثقيف خلال فترة اعتقاله ، وهم بذلك يجددون انتصارهم على السجان الذي أراد اعتقالهم للقضاء على وجودهم ومعنوياتهم لكنه خاب وخسر ، بل إن هنالك عدد ليس بالبسيط من الأسرى استطاع أن يُكمل دراسته الجامعية في المعتقل ويحصل على شهادات عُليا ، ومنهم من استغل فترة الاعتقال ليحضر رسالة الماجستير أو الدكتوراه ، قد تكون الإمكانيات المتوفرة قليله نوعا ما بالإضافة إلى تضييق الاحتلال على الأسرى لكن ذلك لم يمنعهم من استغلال كل ما توفر لهم إمكانيات .
لم تقتصر الحياة الثقافية على جانب واحد بل اشتملت على العديد من الجوانب الثقافية، فبداية يبدأ البرنامج الثقافي للأسير من القرآن الكريم، إذ تُعقد الجلسات القرآنية الصباحية للأسرى كلٌ حسب مهارته في التلاوة.
أما المكتبات فان هنالك مكتبة في كل قسم من أقسام السجن بحيث تحتوي المكتبة على كل ما يستطيع الأسير إدخاله عن طريق أهله في الزيارة أو عن طريق الصليب الأحمر أو المؤسسات الانسانيه والجمعيات الخيرية الأخرى ، وتشتمل عناوين الكتب على جميع المجالات الثقافية ... دينيه.. سياسية... فنية... تاريخية ...أدبية... وعادة يكون للمكتبة أسير يعمل على ترتيب المكتبة وتنظيم الاستعارة والاعاده لها وأرشفة كتبها ، ويكون لمعظم الأسرى برنامج خاص بهم للاستعارة والقراءة بل وتلخيص الكتب أيضا ، بل وقد يتعدى ذلك فيعقد عدد من الأسرى جلسات يتدلوون كتابا تمت قراءته فيتباحثونه فيما بينهم لتعم الفائدة .
أما عن الجلسات والمحاضرات فعادة يتم وضع برنامج اسبوعي لها بحيث يتم استغلال أساتذة الجامعات والمعلمين والأئمة الأسرى بحيث يقدم كل منهم مايستطيع من علم سواء كان ذلك بدروس عن قضية وتاريخ وجغرافية فلسطين أو محاضرات دينية تهم الأسير أو دروس في البناء الأسري، وتكون هذه الدروس والمحاضرات إجبارية لكل الأسرى لتعم الفائدة . ويتطور البرنامج الثقافي ليتم إضافة الدورات المختلفة للأسرى لتشمل التنمية البشرية والعمل التنظيمي والمشاريع الإنتاجية أو تعليم اللغات المختلفة ( عبريه ، انجليزية ...) بحيث تكون اختيارية للأسرى كلٌ حسب رغبته ، إننا لا نستطيع حصر المواضيع التي اشتملتها دروس ومحاضرات الأسرى. بل أن الأسرى أحيانا يعدون برامجهم ومحاضراتهم حسب نظام الجامعات الفلسطينية.
اشتملت الحياة الثقافية على تشجيع الإبداعات الأدبية للأسير ، فتُعقد المسابقات في كتابة الشعر والقصة والخطابة ويتم تكريم الفائزين بما يتوفر في الكنتينا ( والكنتينا تعني المكان الذي يشتري منه الأسرى بعض حاجياتهم) وعادة يتم إخراج إبداعاتهم للخارج ليتم نشرها بما توفر من صحف أو مواقع انترنت.
وللترفيه عن الأسرى فإنهم عادة وبشكل دوري أو أيام الأعياد والمناسبات المختلفة يقومون بإقامة الاحتفالات التي تشتمل على الكلمات والأناشيد والأغاني وكذلك المسابقات الثقافية والمسرحيات الهادفة ، ويستغلون كل الإمكانات البسيطة لإنجاح الاحتفال فمن تزيين الخيام أو الغرف بقصاصات الجرائد إلى تحويل سلال النينجا ( أي سلال القمامة ) إلى طبول.
ولا تغيب الصحف والجرائد عن حياة الأسرى – وان تتأخر كثيرا في الوصول لهم- فهم يتسابقون على حجز دورهم في الجريدة إذ أن العدد محدود جدا من الصحف ، بالإضافة إلى الدور والمكانة العزيزة للتلفاز على قلوب الأسرى فهو حلقة وصلهم الوحيدة بالخارج .
التضييق الإسرائيلي:
لاحظ العدو الصهيوني الإبداع الثقافي للأسرى وان الأسر قد فشل في تفريغ الأسير من انتمائه لوطنه وأمته وقضيته فوضع العديد العديد من العراقيل في وجه الأسرى وقام بالتضييق عليهم بشكل واضح، ومن هذه العراقيل:
· منع الأسير من إدخال أكثر من ثلاث كتب فقط كل أربع زيارات !! بل انه يشترط أحيانا إخراج كتاب مقابل كل كتاب يدخل ! وذلك للحد من عدد الكتب المتوفرة للأسرى.
· تأخير وصول الصحف إلى الأسرى ومحدودية عددها ، إذ أنها تصل أحيانا بعد مرور أكثر من عشرة أيام على صدورها .
· منع بعض المحطات الفضائية عن الأسرى كمحطة الجزيرة الفضائية، وتحكم إدارة السجن بالمحطات المسموحة للأسرى واقتصارها على تسع محطات فقط .
· منع المحاضرات والدروس في غرف الأسرى ، ومعاقبة الأسرى في حالة عدم التزامهم بمنع الفورة عنهم ( أي الخروج إلى الساحة ) لعدة أيام أو بالزنازين الانفرادية ، وأحيانا يلجئون إلى مصادرة التلفاز وأدوات الطبخ من الغرف كعقوبة .
· ملاحقة خطب الجمعة، واشتراط قراءتها من قِبل إدارة السجن قبل الخطبة !! ومنع وجود التحريض فيها.. وطبعا التحريض عندهم يشمل عدم التحدث عن حقنا في يافا وعكا وحيفا ، وزيادة على ذلك لا توافق إدارة السجن إلا على واحد أو اثنين فقط من الأسرى وتسمح لهم بالخطابة ، وتقوم إدارة السجن بمراقبة الخطيب خلال الخطبة وفي حال عدم التزامه يسارعون لوقف الخطبة وإرسال الخطيب إلى الزنازين لفترة قد تصل إلى عشرين يوما أو أكثر ومنعه من الخطابة طيلة فترة وجوده في المعتقل .
هذا جزء بسيط من الحياة داخل المعتقلات الاسرائيليه حاولت ان انقلها لكم لتعلموا مقدار تصميم ورادة اسرى فلسطين على البقاء أحرارا رغم قيدهم.
صلاة الجمعة في الأسر
يدرك الأسرى مكانة وأهمية صلاة الجمعة في ديننا الإسلامي لذلك حرص الأسرى على إقامتها رغم الأسر والتضييق الإسرائيلي عليهم.
بدايةً يُحرم الأسير منها طبلة فترة التحقيق معه في مراكز التحقيق الاسرائيليه ، بل انه هناك يفقد الاتصال بالدنيا فلا يعود يعلم الوقت أو الزمن أو اليوم الذي هو فيه ، ولا يعلم إن كان الوقت ليلا أم نهارا.
عند انتقال الأسير إلى المعتقل فان حياة جديدة تبدأ.
يوم الجمعة يوم مميز للأسير فمنذ الصباح تبدأ الاستعدادات لإقامة الصلاة ، وتتوقف الجلسات والمحاضرات في ذلك اليوم فهو يوم عطله ، وصلاة الجمعة تختلف في السجون التي تحتوي على غرف عن السجون التي تحوي خيم ، إذ أن الأسرى في السجون التي تحوي غرف يسمح لهم بالخروج من غرفهم وقت الصلاة بالضبط حيث يجلسون في ساحات المعتقل يستمعون إلى الخطبة ، وبع انتهاء الخطبة يعودون إلى غرفهم وتغلق عليهم من جديد .
أما في المعتقلات التي يعيش فيها الأسرى في خيم فإنهم منذ الصباح يقوموا بتجهيز الخيمة التي ستستضيف المصليين هذا الأسبوع ، إذ أن الأسرى يختارون خيمة من الخيام كل جمعه لتقام فيها الصلاة ، ويتم إخراج الأبراش منها ( الابراش هي الاسره التي ينام عليها الأسرى وهي مصنوعة من الخشب ، ويصنعها الأسرى بأنفسهم بما توفر لهممن بقايا خشب ) وبعد إخراج الابراش يقومون بغسل وتنظيف أرضية الخيمة بما توفر لهممن شامبو ومعجون أسنان لإكساب الخيمة رائحة جيده .
يلبس الأسرى أفضل ملابسهم ويبحثون عن أي أسير يمتلك القليل من العطر ليتعطروا ، يجلس الأسرى داخل الخيمة المعدة للصلاة وقد فرش كلٌ منهم مفرش الصلاة الخاص به أو قد يتقاسم اثنان أو ثلاث من الأسرى نفس المفرش، ويستمعون إلى الخطبة التي يلقيها احد الأسرى الذي عادة يكون إمام مسجد أو دكتور شريعة في احد الجامعات وقد يتقدم إلى الخطبة احد الشباب الذين يمتلكون ملكة الخطابة أو حازوا على دورة خطابة في المعتقل .
تتنوع مواضيع الخطبة فهي تشمل واقع الأسير وحال القضية الفلسطينية أو وضع الأمة الإسلامية، وقد تتناول مناسبة دينيه تحل على الأسرى، وبعد الخطبة وانتهاء الصلاة يتبادل الأسرى الأحاديث فمنهم من يتناول الخطبة وما ورد فيها ومنهم من يتبادل الأحاديث الاجتماعية.
لم تسلم خطبة الجمعة من ملاحقة الاحتلال وإدارة السجون الاسرائيليه فقامت حديثا بوضع عدد من القوانين والانظمه التي تضيق على الخطيب ، فهم الآن يمنعون الخطيب من التحريض ؟؟ أي الحديث في خطبته عن فلسطين وأرضها وقضيتها ، بل أن احد الخطباء تعرض للسجن في الزنازين الانفرادية خمسة وعشرين يوما لأنه ذكر حيفا ويافا وعكا في خطبته ، ويجب على الخطيب تسليم الإدارة خطبته مكتوبة قبل يوم الجمعة ليقوموا بقراءتها والموافقة عليها !!! بل إنهم الآن يحرمون عدد من الأسرى من الخطابة لحجج يضعونها هم، فهم يشترطون أن يكون خطيب واحد معتمد ومقبول لإدارة السجن في كل قسم من أقسام السجن وأسير آخر بديل عنه !!!
كثيرا ما يتعرض الأسرى للضرب واستنشاق الغاز المسيل للدموع والانتقال إلى الزنازين الانفرادية ومصادرة ممتلكاتهم وذلك بسبب خطبة جمعه لم تعجب إدارة السجن !!!
الاعتقال الإداري
بداية نضع بعض الحقائق حول الاعتقال الإداري
· أكثر من 19 ألف أسير فلسطيني اعتقل إداريا منذ عام 2002م
· الاعتقال الإداري اعتقال غير قانوني دوليا
· أمضى بعض الأسرى أكثر من خمس سنوات إداريا
الاعتقال الإداري احد أصناف العذاب التي استخدمها ويستخدمها العدو الصهيوني من اجل قهر الفلسطينيين وتحطيم إرادتهم ، وإدخال الأسير الفلسطيني في دوامه لايعرف نهايتها.
الاعتقال الإداري هو وضع الأسير في الأسر دون تقديمه للمحاكمة ودون وجود لائحة اتهام له ، والأصعب انه لايحدد له فترة زمنيه لانتهاء الاعتقال .
من صور معاناة المعتقلين الإداريين :
· تتعمد إدارة السجون الإسرائيلية أن تبلغ المعتقل الإداري بالتمديد الجديد لفترة اعتقاله في اليوم المحدد للإفراج، فكثير من الأسرى وأثناء إعداد أنفسهم للحرية وبعد وداعهم لإخوانهم في المعتقل تأتي ادراة المعتقل وبدلا من الإفراج عنه يقوموا بإعطائه تمديد جديد للاعتقال الإداري.
·كثير من الأسرى المعتقلين إداريا لايعلمون سببا لاعتقالهم ، بل إنهم لايقدمون للتحقيق إنما يُنقلوا إلى المعقتل ويحكموا إداريا دون اي تهم .
·المعتقل الإداري ولزيادة معاناته تلجأ إدارة السجون لتمديده فترات قصيرة (3 شهور) وذلك لتقوم بنقله بوسطه بشكل دوري ومستمر ، والبوسطه عبارة عن هم كبير للأسير إذ يتم نقل الأسير فيها من المعتقل إلى المحكمة وقد تستمر الرحلة إلى اسبوع كامل يتنقل فيها الأسير بين عدد من سجون الاحتلال بواسطة حافله تفتقر لكل مقومات الراحة ، فيقضي ساعات طويلة في البوسطه ويديه وقدميه مكبلتين ويُمنع من قضاء حاجته ، ويُعامل معامله قاسية من قِبل النحشون (وهم جنود الاحتلال المسؤولين عن نقل الأسرى في سجون الاحتلال)،بل إن هؤلاء النحشون لايعرفون احتراما لشيخ كبير أو للأسيرات أو الأطفال.
· عندما يُعرض الأسير على المحكمة وذلك كلما حصل على تمديد جديد ، يتم موافقة قاضي المحكمة على تمديد الأسير بداعي انه يشكل خطر على امن دوله إسرائيل ؟؟؟؟ وطبعا هذا المبرر واسع وغير محدد ويُتهم فيه كل فلسطيني.
· العديد من الأسرى حُوّل للاعتقال الإداري وذلك بعد إنهائه الحكم الذي حكم به سابقا نتيجة قضية ، إذ تلجأ المخابرات الاسرائيليه لتحطيم معنويات الأسير نتيجة صموده في التحقيق وعدم مقدرتهم الحصول منه على معلومات ، فيحكموه على ما لديهم من معلومات واعترافات ، وقبل انتهاء حكمه يتم تحوله إلى الاعتقال الإداري.
الحياة الاجتماعية في الأسر
الأسير الفلسطيني مُقتلع من بين أهله وأحبائه وأصدقائه، محروم من التواصل معهم، والتعرف على أخبارهم، يقضي سنوات سجنه بعيدا عن مجتمعه وأقربائه.
لكن مع أول دقائق له في المعتقل يبدأ بنسج علاقات جديدة مع رفاقه في الأسر ، سواء كانوا هؤلاء الأسرى له بهم علاقة سابقه أو لأول مرة يلتقي بهم، قد يكونوا من نفس قريته أو بلدته أو محافظته أو من محافظه أخرى بعيده لكن الجرح واحد .
العلاقة الاجتماعية بين الأسرى قويه ومتينة حتى أن معظم العلاقات تستمر بعد الخروج من الأسر، ويبقى التواصل بين الأسرى.
أعود لأول لحظات الأسير في المعتقل إذ يستقبله إخوانه الأسرى ويسارعون لتوفير ما استطاعوا من ملابس له ليقوم بالاستحمام ليتخلص من بقايا التحقيق الصعبة التي قد تستمر أشهر دون أن يستطيع الاستحمام ، بعد الاستحمام ولبس الملابس المقدمة له من إخوته يُقدم له الطعام وبعدها تبدأ حلقة التعارف التي يتعرف بها الأسير على من يشاركونه غرفته أو قسمه في المعتقل .
الأسرى كالعائلة الواحدة في المشاركة في الهموم والأفراح ، فعندما تكون هنالك حالة وفاة قريب لأحد الأسرى يقوم باقي الأسرى بتجهيز غرفة الأسير ويُعدون القهوة السادة ويقف أقرباء الأسير أو أبناء منطقته ليتلقوا التعازي من باقي الأسرى .
وعندما يحين موعد الإفراج عن احد الأسرى فإن إخوته الأسرى يقيمون له حفله ليلية يوزعون فيها ما توفر لهم من حلوى وعصائر وينشدون له الأغاني المختلفة ويقيمون حلقات الدبكه لتكون حفلة وداع لهذا الأسير المغادر.
في الأعياد يسارع الأسرى لإدخال السعادة إلى قلوب بعضهم البعض ، كلٌ حسب قدرته ، فأحدهم يجهز الحلويات البسيطة ، وآخر يسارع لعمل الزينة بما توفر من أوراق جرائد أو مجلات ،وذاك يعمل على تجهيز الخيمة أو الغرفة ، وآخر يرسم الرسومات الجميلة أو يخط كروت التهنئة لباقي الأسرى ، وصباح العيد وبعد أداء الصلاة يصطف كل الأسرى بشكل حلقه كبيره ويبدؤون بالسلام وتبادل التهاني على بعضهم البعض، ويوزعون الحلوى والتمر.
قد يمرض الأسير خلال فترة مكوثه في المعتقل وعندها يجتهد إخوانه في تخفيف ألمه ووجعه ، ويسهرون على راحته وتقديم الخدمة والمساعدة له
وعندما يُرزق احد الأسرى بمولود فإن باقي الأسرى يسارعون لتقديم التهاني له ومشاركته الفرح ، بل إن معظمهم يسارع لشراء الحلوى ليوزعها على باقي الأسرى وكأنه هو الذي رُزق بالطفل الجديد.
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع