استضافة عمان قبل أيام للرمز النضالي، والقيمة الوطنية الخالدة خالد مشعل تفرح قلب كل أردني باعتباره أحد أبناء الاردن الذي عرف عنه انشغاله، وامتثاله لقضية العرب والمسلمين الاولى فلسطين.
وخالد مشعل وان كان يمثل موقعا متقدما في قيادة حركة المقاومة الاسلامية حماس في احد ابرز ابعاد التشابك والتداخل في العلاقة الوحدوية بين الشعبين الشقيقين الاردني والفلسطيني فهو لا يتناقض في ذلك مع التوجهات الوجدانية للشعب الاردني الذي ظل يحتضن مقاومة اشقائه الفلسطينيين منذ البدايات، ويحرص عليها، وهي تجسيد حي للروح النضالية المشتركة في الدفاع عن حرية الارض المقدسة المغتصبة. وتشي بعمق الروابط القومية والاسلامية التي تأسس عليها هذا البلد، وكانت الضامنة في ان يكون بوتقة ذابت فيها الهويات، والاعراق في هوية أردنية جامعة.
وقد احسنت القيادة الاردنية في ازالة هذا العوار الذي اجتاح العلاقات الاخوية مع حركة جهادية تحمل برنامجا في التحرر الوطني، وتعمل ضد الوطن البديل، وقد حازت على سمعة متميزة على مستوى العالم الاسلامي في مقاومتها للاحتلال، ودفع التضحيات الجسام في سبيل التأكيد على الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وفي الشتات والمنافي.
ولعل في عودة المياه الى مجاريها بين الاردن وحماس، واقتراب قيادة الحركة كما كان عليه الوضع سابقا من حدود فلسطين ما يجعلها اكثر قدرة على العمل في تصويب الوضع الفلسطيني، ومنع اصحاب صفقات الاوطان من ان يقدموا تنازلات قاسية على حساب الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، والاردن معا، والمتمثلة بحق العودة والتحرير لعل ذلك يكون مجديا اكثر للاردن ليعيد ترتيب علاقاته مع ممثلي الشعب الفلسطيني على اساس من التوازن والعدالة. حيث كانت حماس تستبعد من مثل هذا التمثيل بالرغم من انها حازت على ثقة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة في انتخابات حرة ونزيهة شهد لها العالم، وتنكر لها فيما بعد لكونها جاءت بحماس الى الحكم.
وهي حركة جهادية نطمئن اليها ، ونميل اليها ميلا قلبيا خالصا، ولا نخشى من تسويات تبرمها من تحت الطاولة على حسابنا، وموقفنا منها يجسد التزامنا المبدئي ازاء قضية فلسطين، ومأساة الشعب الشقيق الذي فقد حقوقه بفعل الاحتلال والتهجير. ويمكن لنا ان نقدم كافة التسهيلات التي يحتاجها الاخوة في قيادة هذه الحركة، والتي تمكنها من اعادة التموضع بالقرب من مركز القضية الفلسطينية، وعمقها، واستعادة زخم العمل الجهادي، والتحرري والذي تراجع كثيرا في السنوات القليلة الماضية بفعل احداث وعواصف، وحسابات الاقليم. وقد تكون مجمل التغيرات الاخيرة والتي جاءت على الجزء الاكبر من النظام العربي القديم ، واستبدلته بقيادات اكثر تعبيرا عن خيارات الشعوب العربية ما يكون دافعا لنا لاعادة تغير حساباتنا وفقا لتغير المعادلة الاقليمية مع توالي وصول الحركة الاسلامية الى سدة الحكم والقرار في عدد من دول المنطقة، والتي ستحدث تغيرا مفترضا في الوضع الدولي. وبذلك نكون اكثر انسجاما مع الموقف الذي تقتضيه دواعي الاخوة والانتماء العروبي والاسلامي ازاء القضية الفلسطينية الخالدة في وجدان وضمير كل عربي ومسلم.
بقي ان نقول ان المجاهد خالد مشعل مرحب به في بلده الاول، والاصيل الاردن، وان تبدأ خطوات ملموسة في التقارب الاخوي بين الطرفين.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة رشاد أبو داوود جريدة الدستور