عمليات شراء للأصوات تتردد اصداؤها في بعض المناطق في هذه الاونة، وهي بدايات مبكرة يمكن لها أن تستفحل إذا لم تقابل بالحزم من جهة الحكومة ، والقضاء ، وهو ما يؤكد إصرار البعض على خرق القانون ، وعدم اخذ التوجهات الرسمية بانجاح الانتخابات بالجدية المطلوبة ، مما يتطلب تقديم بعض هؤلاء إلى المحاكم ، وترك القانون يأخذ مجراه كي يفضي ذلك إلى مزيد من الثقة لدى الناخب الأردني بنزاهة العملية الانتخابية ، مع استحضار مجريات الانتخابات النيابية السابقة ، وما شابها من تجاوزات أدت إلى هز الثقة في المؤسسات ، وقدرتها على صيانة الحقوق والحريات العامة.

وهؤلاء الذين لا يتورعون عن “تسليع” المواطنين يجب ان لا يكونوا طليقين في المجتمع ، فقد سعوا لإعادة وجهة الحياة السياسية في الأردن إلى الوراء ،ومسوا بسمعة البلد الديمقراطية على إيقاع استفحال مصالحهم التي لا تعرف حدودا ، وقد خرقوا القانون ، وأسسوا لانهيار اجتماعي ليس من اقل ملامحه أن كل شيء قابل للبيع والشراء حتى الذمة ، وأعطوا أسوأ مثل للأجيال الشابة التي يجب أن تدار من خلال قيادات واعية تنتظمها قواعد أخلاقية محفزة للأجيال ، وتبني تطلعاتها المشروعة بالجهد ، والبذل وليس باستغلال فقر وحاجة بعض المواطنين.

نستطيع أن نعيد الثقة الشعبية بالعملية الانتخابية من خلال اتخاذ الاجراءات العملية الكفيلة بوقف عمليات خرق القانون التي تسيء إلى الدولة الأردنية ، وتفيد البعض الانتهازي الذي لا يأبه بسيادة القانون ، ويطمح الى أن يصبح نائبا مهمته الأساسية تشريع القانون ، ومراقبة تنفيذه وذلك يقع في تناقض واضح مع خرقه للقانون.

ولا تخفى قصص شراء الأصوات ، وحجز البطاقات الانتخابية ، ومن امتهنوا هذا الضرب من النصب والتحايل على القانون ، ومعروفة الفئة الاجتماعية التي يتم استهدافها ، وهنالك تسعيرة متداولة للصوت الانتخابي ، ويمكن متابعة هذه البؤر الخارجة على القانون ، وتقديم أصحابها للعدالة وبذلك تقدم الدولة الدليل العملي على جديتها في إجراء انتخابات نزيهة ، ولعل الحفاظ على جودة الفرز التشريعي يقلل من اهمية قرار مقاطعة القوى السياسية المتأثرة جزئيا بنتائج الانتخابات السابقة ، والتي نقف أمام تحدي إزالة بقية آثارها من ذاكرة الأردنيين.

مهمة كبيرة تنتظر الهيئة المستقلة للانتخابات في إثبات نزاهة الانتخابات القادمة ، ومنع تفاقم حالة المقاطعة ، واستعادة الثقة بالمؤسسة التشريعية ، وترك حيز لوصول ممثلين حقيقيين للشعب ، من المعارضة الايجابية ، ومن أبناء الفقراء الذين يشعرون بهم الناس ، ويتواصلون معهم ، ولا يساهمون بزيادة مساحة العزلة في الشارع ، ولا بد من التنبه إلى خطورة سيادة طيف برلماني يكون بعيدا عن وجع الشارع مما يغلق قنوات المشاركة الشعبية ، وينمي التطرف ، والعنف المجتمعي ، ويعمل فصلا قسريا بين الأجيال التي تحتاج للقدوة وللمحفزات الأخلاقية كي تبني الوطن ، وتكون مساهما أساسيا في رفعته.

لقد أدى استفحال استخدام المال السياسي في الدورة السابقة إلى ضرب الروح العامة ، وإنتاج أدوات نيابية باعدت بين الشعب ومؤسساته ، وأثرت على المسيرة الديمقراطية ، وبعد مدة سيغيب معظم ممثلي المشهد السابق ، وتبقى المأساة التي يصطلي بنارها الوطن.

بقي ان اقول ان هذه المرة هي الاخيرة التي سنشارك فيها اذا تبين ان من يسمسرون على اصوات المواطنين سيفلتون من العقاب مجددا، وان هذه الظاهرة يجري السكوت عنها، وان الدولة لا تقف حائلا دون اتخاذ هذه الوسيلة كطريق للوصول الى مقاعد المجلس.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   رشاد أبو داوود   جريدة الدستور