تبلغ خطورة افشال البرلمان الاردني الجديد المنتخب للتوحد خيانة الطموحات المشروعة للشعب الاردني في التغيير، واضاعة متعمدة للفرصة الاخيرة في اخراج الاردن من دائرة الاضطراب والفوضى المحتملة على خلفية تزايد حالة الاحتقان الشعبي المترتبة على السياسات الحكومية المجحفة بحق الناس، والتي تجلت عيانا في السنتين الاخيرتين، وجعلتنا نتحسب على وطننا، ونضع ايدينا على قلوبنا مع كل طالع يوم جمعة.

والبرلمان عنوان التغيير الاخير، ويمكن له ان ينقل الاردن الى مرحلة اكثر هدوءا واستقرارا فيما لو اتيح له ان يجسر مجددا بين الشعب ومؤسسة الحكم، وان يتحول الى واجهة شعبية تعنى بتجسيد مطالب الشارع وادراجها في سياق السياسات الحكومية، وينهي حالة الترقب والانتظار التي بقي الاردن يراوحها على خلفية التجاذبات التي شهدتها الساحة المحلية، وذلك على ايقاع الربيع العربي الذي اجتاح البلدان العربية وان بدرجات متفاوتة.

والاردن يجب ان يتجاوز الطاقم السياسي القديم الذي شهد اداءه ولادة الازمة، وربما كان من اسبابها، وتسبب في اثارتها، وهو يحتاج الى تغيير في الوجوه والسياسيات، وفي النهج، وفي الصيغ القديمة لعمل المؤسسات، والى اليات جديدة في الحكم تفضي الى تبلور القاعدة الدستورية التي مفادها ان الامة مصدر السلطات. وهي فرصة ان يجري التغيير الذي كان مقدرا له ان يضرب عميقا في الاردن، ليتم على ايقاع هادئ من خلال برلمان جديد يملك التفويض الشعبي الكامل في الوصول الى حالة التوافق الوطني المطلوبة.

الانتخابات الاخيرة استثنائية، وهي مدعومة بمطالب شعبية، ومد في الشارع، وجاء الفرز النيابي الاخير على خلفية مرحلة مضطربة، والاصل ان تنتقل مطالب الحالة الشعبية المتفجرة الى البرلمان، وان تتضافر الجهود في تمكين هذا المجلس من ادخالها في صلب عملية التغيير، وهو ما يخدم المصلحة الوطنية العليا.

اما استمرار الاليات القديمة في عمل السلطات، وما ينجم عنه – كما ظهر في التجربة العملية - من غياب للعدالة الاجتماعية، وتفاقم لحالة الفساد، والشعور الشعبي بالاحقان فهو بمثابة ابقاء الاردن رهينة للتغييرات العنيفة، وجعل البلد غير قادرعلى تجاوز ازمته، ويمثل مخالفة لروح العصر والتجديد الذي ضرب عميقا في الاقليم العربي.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   رشاد أبو داوود   جريدة الدستور