يمكن تحديد الخاصية الانتاجية لكل محافظة، ومحاولة دفعها لتأخذ صفة اقتصادية خاصة بها تتناسب مع طبيعتها الانتاجية، وخرط الاجيال فيها في دورة اقتصادية تكسبها صفة لازمة لها، وتشتهر بها، وبذلك تتحول المحافظات الى وحدات انتاجية، ويمكن تحديد اولويات المحافظات التنموية، وتطوير امكانياتها، وفق الوجهة الاقتصادية الخاصة بها.
ولذلك من المهم اكتشاف الهوية الاقتصادية لكل محافظة، ودعمها لتطوير توجهاتها الانتاجية وبالتالي توضع الخطط التنموية على هذا الاساس. وتكون البنى التحتية مكملة لمتطلبات كل محافظة، وبما يتناسب مع طبيعتها الانتاجية.
وعندما تتطور العملية الانتاجية في المحافظات تصبح مولدة لفرص العمل، وتتوزع فوائد التنمية على كل اجزاء الوطن، وتغدو المحافظات وحداتٍ انتاجية متنافسة، وربما نربط حركة الاجيال بالتنمية بدلا من انتظار الوظائف الحكومية، والعيش على المال العام.
توليد فرص العمل، والقضاء على الثقافة الاجتماعية المانعة من العمل المهني، وتقليل اثر العادات الاجتماعية المضرة التي تتسبب بالهدر، واكتشاف الهوية الانتاجية لكل وحدة اجتماعية، والتخطيط السليم للاجيال، وربط البنية التحتية، بتفعيل الخاصية الانتاجية؛ هو ما نحتاجه للتجديد في واقعنا الاقتصادي، وليس رفع الاسعار المرة تلو الاخرى.
بضع محافظات، أو عدة الوية زراعية سواء مروية او بعلية او لدى ساكنيها مرحلة زمنية غنية في تربية الاغنام والابقار يمكن دعمها من خلال توفير وسائل الانتاج، والتسويق، وتوفير الاعلاف والماء، وبذلك يصار الى استعادة الخاصية الانتاجية في القرى واستعادة المواسم، ويمكن توفير رأس المال اللازم للشباب للانخراط في مشاريع زراعية انتاجية، واقامة صناعات عليها؛ ما يوفر فرص عمل للعاطلين عن العمل ممن يقبلون بهذه الاعمال، وفي حال تم ابتكار صناعات مجزية، والبحث عن امكانيات التسويق الداخلي والخارجي سننجح التوجهات الزراعية في المجتمع ونعيد المواسم الى ربوعنا وديارنا، ويمكن توفير مساحات من اراضي الخزينة لزراعة الاعلاف وتوفيرها باسعار رمزية دعما للقطاع الزراعي.
الوية سياحية تمتاز بميزات جمالية عديدة يمكن لها ان تصبح قبلة سياحية عربية وفي حال توفير اجواء السياحة العائلية، والمحافظة، والتراثية، والدينية قد نستقطب قطاعا واسعا من الاردنيين، ومن العرب الى ربوعنا الجميلة، ويمكن تسويق بلادنا وميزاتها المتعددة بعيدا عن الاسفاف ، والمهرجانات المخلة بالادب.
ويمكن حصر جميع مستوردات المملكة من السلع بدءا بفرشاة الاسنان، وكافة مستلزمات القطاعات في الاردن، وانتهاء بالصناعات الثقيلة، والبحث عن امكانية انتاجها في الاردن، وتحويل بعض القرى، او المدن الى متخصصة بها، وعمل ورش للشباب لينخرطوا في الانتاج، والعمل على تخريج اجيال اردنية تدرك اهمية العمل اليدوي بدلا من انتظار الدور على ديوان الخدمة المدنية.
الاردنيون يستطيعون ان يحققوا نجاحات كثيرة، ولهم تاريخ في الابداع والعبقرية، وأنجحوا قطاعات كانت مضرب مثل في الاطار العربي حتى فقدوا القدرة على التخطيط، وسادت مرحلة الانكفاء، والبحث عن المكاسب الفردية.
ونحن نحتاج إلى أن تتبدد ثقافة انتظار حل تأتي به الظروف ، أو مساعدة تقدمها الواسطة ، او الغيب ، والبقاء دون اجتراح وسيلة للإنتاج ، ولو كانت بسيطة ، والعيش منها بغض النظر عن قدرة القطاع العام على توفير فرص العمل في مؤسساته، وهنالك عملية إنتاجية متوقفة في مجتمعاتنا ، وتجعلنا في اخر قائمة الأمم المنتجة ، وانعدام القدرة على انتهاز الفرص ، وقد تكون الأسر التي تتحصل على مساعدات التنمية الاجتماعية بحاجة إلى تأهيلها في هذا الطريق ، ومشاركتها في التفكير بوسيلة إنتاجية تبعد عنها شبح الحاجة ، وتوقف الاعتماد على رواتب الصناديق ، وتصبح مساندة للدولة ، وليست عالة عليها .
فلو تحولت موازنة صندوق المعونة الوطنية السنوية التي تصرف على إدامة الفقر في المملكة إلى نواة مشاريع صغيرة من طبيعة المناطق التي تستهدفها المساعدات ، ووضع الفقير أمام تحدي الإنتاج أو تركه يواجه مسؤوليته الخاصة المترتبة على رفضه القيام بأي عمل ، والعيش على كاهل دافع الضرائب ، لكان ذلك وازعاً لكي تدار عملية انتاجية خاصة بهذا الجانب ، مع استثناء يتعلق بمراعاة أوضاع الحالات الإنسانية الصعبة كالمقعدين تماماً ، وطاعني السن ، وغير ذلك فلا بد من تشغيل القوى المتعطلة عن العمل في المجتمع ، والتي تعيش على حساب الصناديق ، ومنها فئات قادرة على الإنتاج ، ومن الضروري الوصول إلى مرحلة يختفي فيها طموح الاستيلاء على راتب من احد صناديق المعونة الوطنية بوضع مقدم الطلب أمام خيار العمل ، ولو عملت وزارة التنمية الاجتماعية على إطلاق مبادرة للأعمال اليدوية ، والصغيرة ، وحصرت مجموعة من المهن ، وخرطت المتعطلين عن العمل بسبب رواتبها فيها ، وبحثت عن إيجاد أسواق للمنتجات ، لكانت أظهرت تقدميتها ، وجديتها في تطوير أعمالها ، وليس التوقف عند الحدود التقليدية للتعامل مع الفقر و العيش على الجانب الإنساني للدولة التي هي في نهاية المطاف ليست سوى اموال دافع الضرائب.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة رشاد أبو داوود جريدة الدستور