قدس المقاول ام قدس المقاوم؟ قدس الرسول ام قدس السلول؟ ام قدس قافلة الخشب ام قدس حمالة الحطب؟ قدس المهزومين قبل النفخ في الابواق ام قدس من عاشوا ومن قاتلوا على هذا التعب؟ قدس العجم ام قدس العرب.. كم قدسا ، وكم وعدا عرقوبيا وكم مزادا ، اسماها احدهم عروس العروبة واضاف ما لا نقوى على قوله في هذه الظهيرة السوداء.. في عامها هللوا لكل شيء عداها ، ورقصوا على بعد ركعتين لا يكون الوضوء قبلهما بغير الدم من مأتمها.

ما اكثر الاباء وما اندر الابناء ، وثمة الابن الحامل العبء حتى القيامة ، وثمة الوريث الذي يهرع الى الخزانة قبل الدفن ، لقد حملتنا دمها صغارا ، واضاعتنا قبل ان نكبر ، عصمتنا ولم نعصمها ، وهي الصبية السبية التي كانت توأم العنقاء منذ الجرح البكر..

قدس مَن؟ فما اكثر من يدعونها وما اقلهم في النائبات ، انها الان تقاد من ضفيرتيها الى زواج سفاحي ، فقدت صوتها بعد ان بحّ عقودا ولم تصل الاستغاثة ، لان الاب زوج ام وليس ابا ولان الام زوجة اب وليست اما..

لا الاسرلة ولا التهويد ولا ترجمة المصلى حتى النخاع حركت حصاة في هذا المستنقع الكبير حيث تتناسل كائنات الضرورة ، وتنزو على بعضها كالارانب او الثعالب .. لا فرق فالمراوغة واحدة.. والليلة هي البارحة. قالوا لنا بان تقاويم هذه السنة العبرية مطوبة لها ، ثم اضافوا مداميك اخرى للاسوار التي تحجبها عنا او تحجبنا عنها ، انها عاصمة الارض وسرّتها وبئر اسرارها ، لكنها ملقاة كنواة زيتونة ، على قارعة تاريخ ارمل فقد جغرافياه او اغتصبت امامه وهو يقايض كل ما امتلك وما لم يمتلك بالنجاة.. لكنه هالك لا محالة ، فالقدس فردوس مضاع وجحيم قادم ، وهي اعسر اختبار لجدارة ربع مليار عربي ومليار من المسلمين باستحقاقها.

كانت في ربيع العرب رهان الابدية ، والكبسولة التي تحتشد فيها مضادات الخنوع ، لكنها اعيدت قسرا الى مساحتها.. غمدا صخريا فارغا من السيف الذي كان يهجع فيه.. عندما كنا نمشي مذهولين في ازقتها.

ونحن صغار ، كنا نسمع اصداء رسولية تتردد ارجاعها في الظلام الابيض ، وهناك على عتباتها قالوا لنا انها بيت النشيد لا القصيد ، وهي سدرة المبتدى.

ما ان نقترب من اسمها حتى ترتعش الابجدية وتفلت من المعاجم ، اما الاصابع فان النوبة التي تعتريها تعيدها الى الجذور فتصبح قبضة محكمة ، عندئذ تصبح الكتابة زفيرا مفعما بالدم ، ويتمنى المرء والمرأة معا لو انهما ذلك الحجر او تلك الشجرة فالوعي شفرة تحز الروح ، دون ان تمر بالعنق ، وما من غفران يرتجى لمن عرف ولم يشهد ، ولمن ولد انسانا وشاخ كبهيمة ، ثم اخذ يجلد ساقيه لانهما لا تقويان على حمله كي يعود الى مسقط الروح،

قدس مَنْ؟ فالمزاد علني والعملات تتعايش بسلام في سلتها بدءا من الشيكل حتى الين ، لقد اوشك عامها ان ينتهي وها هو في خريفه ولا شيء او احد ينعم بالربيع ويبرطع غير المستوطن الذي يريد ان يكون مواطنا رغم التاريخ.

كم تبقى منها لنا ولها؟ وهم يقضمون حجارتها وجذوع تينها وزيتونها بانياب نووية.

قدس من؟

قدس من؟


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خيري منصور   جريدة الدستور