سؤال ، ترددنا في طرحه منذ زمن على الضالعين في فقه الهزيمة وتجار جلود الاطفال بعد سلخهم ومن لا يتوقعون الرجم ذات مساءلة باحذية الارامل والايتام ، هو ما الفارق الجوهري بين انسان يقف في طابور طويل ، ويشتبك مع الذي يقف امامه او وراءه وبين خروف ينطح خروفا على عشبة ، اذا كان السكين يشحذ لكليهما؟
سكين الخراف معروف ، ولم يحدث ان اعلن قطيع العصيان لانه ادرك في لحظة ما بان الموت قادم لا محالة ، لكن سكاكين الادميين التي تشحذ لذبحهم تباعا وعلى طريقة أكلت يوم اكل الثور الابيض هي من نوع اخر ، وقد تكون مقابضها من عظم بشري ايضا ، والمسألة على ما يبدو تحتاج الى خيال كي يرى الانسان ما سوف يحدث له قبل حدوثه فهو الكائن الوحيد الذي يمتاز بكونه يموت مرارا قبل ان تأزف ساعته.
قد ينجو في هذا العام او العقد القادمين اناس لم يصابوا بانفلونزا الخنازير وشموا رائحة الدم فاصطفوا في اخر الطابور ، لكن من ينجو قد لا يورث النجاة لابنه او حفيده ما دام هناك غزاة يشحذون الانياب والسكاكين معا ، ويسيل لعابهم على كل قطرة دم او ماء او نفط في هذه المنطقة المنكوبة والتي تنافس هاييتي في كارثتها الزلزالية لكن بلا اطلال لان هناك ريختر اخر لقياس درجة زلازل التاريخ والسياسة والعرب تجاوز زلزالهم القومي الدرجة السابعة لكن الغيبوبة من الدرجة الرابعة حالت دون احساسهم بالزلزال الذي جعل من كل طائفة امة ومن كل حارة دويلة ومن كل زقاق خط استواء جديد،
ما الفارق ايها الضالعون في هذا العلم بين تعريف الكاتب الفرنسي بول فاليري للاسد بانه مجرد قطيع خراف مهضومة ومتمثلة وبين تعريف نتنياهو للدولة اليهودية المصفاة من شوائب العرب؟ واكثر ما يستفزنا هو ما يقوله البعض في مناسبات محددة وهو ان اللغة تعجز عن التعبير عما يشعرون به ، هذه اللغة الامبراطورية لا تعجز لكنها مهجورة والكلمات التي تستخدم منها هي بحجم علبة كبريت ، لان كل ما له علاقة بالمواجهة وتحقيق الذات والكبرياء محذوف منها ، ولم يحدث في أي يوم أن تناسلت المفردات الداجنة كما يحدث الآن ، لأن المطلوب من الناطقين بهذه اللغة ان يصمتوا بلغة اخرى سواها.. وحبذا لو يكون الصمت بالعبرية في زمن العبرنة والتهويد والأسرلة والتقريد،
ان ما عجل في طرح السؤال الذي ترددنا في طرحه هو ما نشر مؤخرا عن هندي تقدم الى المحكمة بدعوى قضائية ، خلاصتها ان هناك شخصا ما شتم ابنه ، لانه قال له بأنك عربي..
اعادتني هذه الوقيعة لا الواقعة الى اللغات السبع التي تحتفظ كل واحدة منها بشتائم مخصصة للعرب وعن العرب في الزمن الاستشراقي ، وكنت قد استشهدت ببعضها في كتاب بعنوان الاستشراق الذي لم يقرأة الضالعون في فقه الاستغراب،
ان صورتنا الآن كعرب في العالم تعرضت لعملية مسخ ساهمنا نحن العرب فيه ، لاننا تعلمنا من النعامة ان السهام لا تصيبنا اذا أغمدنا رؤوسنا في الرمال.. وعما قريب قد لا تجد النعامة شبراً من التراب او الرمل تغرز رأسها فيه ما دامت اليابسة مهددة كما هو الماء ومنابعه مهدد ، وآخر الاسئلة هو ما الذي سوف تفعله القوارب الورقية أمام قرصنة مدججة نووياً؟ ما أقسى أن يصحو المرء من كابوس ليجد نفسه يثغو ، تماماً كما استيقظ بطل رواية لكافكا ووجد نفسه خنفساء،،،
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خيري منصور جريدة الدستور