"اليهودي اللايهودي" هو عنوان الكتاب المثير للجدل الذي الفه المفكر اسحق دوتيشر ، وعندما التقى بن غوريون رفض مصافحته ، وعاتبه قائلا: كان عليك ان تكتب باللغة اليديشية. ومنذ ذلك الوقت اصبح كل يهودي يكتب حرفا ضد الصهيونية ابنا عاقا وفق معايير الاباء الذين يحولون المستقبل الى كمائن وقبور للابناء وهم لا يدركون ، وقبل ان ترفض سلطات الاحتلال السماح للمفكر الامريكي من اصل يهودي نعوم تشومسكي بالدخول الى فلسطين كانت قد انهت زيارة عاجلة لهربرت ماركيوز لانه التقى سيدة من نابلس وصف لقاءه بها يومئذ على انه الحقيقة كلها ، فلأول مرة سمع الضحية عن كثب فانصرف عن رؤية الجلاد.
وقبل اعوام قليلة منع الناشط الامريكي وهو يهودي ايضا اسمه آدم شابيرو من دخول فلسطين ، وعندما التقيته وكان يعد برنامجا مطولا عن ستين عاما من الاحتلال يضيف سببا جديدا للتأكد من انه يخاف ويريد ان يكون استفراده بالضحية كاملا وبلا شهود.
والموقف ذاته مورس مع جان جينيه الكاتب الفرنسي الذي سماه سارتر "القديس الشهيد" عندما كتب عن مجازر صبرا وشاتيلا وقال انه كان يدافع عن جثث الضحايا ضد تحالف تم بين الصهيونية والذباب.
اذن ، لا يخرج حرمان نعوم تشوسكي العالم اللغوي المعروف بباعه الطويل اكاديميا والناشط السياسي المضاد للقراصنة والقياصرة الجدد عن هذا السياق ، فهؤلاء ينظر اليهم على انهم يهود ضالون ويتهمون على الفور بالعقوق لانهم غردوا خارج سرب الغربان ، ودقوا الاجراس منذرين الصهيونية من عواقب ما تقترف. ولو شئنا الحقيقة فان هؤلاء يدافعون عن مستقبل اليهود في العالم ، كي لا يتحولوا بسبب الارض الدموي الثقيل الى مطلوبين لكل شعوب العالم،.
نعرف ان نعوم تشومسكي كتب الكثير من ضد الولايات المتحدة وسياساتها في العالم بدءا من فيتنام وادان بشدة الرأسمالية ذات الانياب الزرقاء في ذروة التوحش لهذا كان ولا يزال وسيبقى متناغما مع نفسه ومع مواقفه المناهضة للظلم والعدوان وانتهاك حقوق البشر ، ومنعه من الدخول الى فلسطين يعني شيئا واحدا ومحددا هو عقابه على موقفه الاخلاقي والسياسي ، وبالتالي استخدام هذا المنع فزاعة للاخرين ، لان كل من يخرجون عن السرب الاسود يصبحون غير مرغوب فيهم لان المرغوب فيه الوحيد هو شاهد الزور الذي ينحاز الى الافعى ضد العصفور،.
الان لا شيء يحجب المشهد الساطع بكل دمويته ومحاصيل شقائه في فلسطين ، فالصهيونية لا تتصرف كدولة وفق اي قانون او عرف انها تصر على كونها حركة او منظمة سرية لهذا لا تراعي اي شيء ولا تعترف باي دور للثقافة والمثقفين اذا لم يكونوا ابواقا لها،.
ان اليهودي اللايهودي حسب المصطلح الذي استخدمه اسحق دوتيشر هو اليهودي الملعون وفق منظومة المفاهيم والقيم الصهيونية التي تشكل مضادات للتاريخ بقدر ما هي عودة دائمة الى ما قبله اي الى الاسطورة ولان التاريخ جدلي ويقبل الحوار فهو ايضا غير مرغوب فيه اسرائيليا مقابل الانحياز التام لكل ما هو خارجه وخارج مداراته وجاذبيته.
لن يعود تشومسكي الى امريكا نادما على ما كتب ضد القرصان والقيصر الجديد ، بقدر ما سيزداد تماسكا وقناعة بانه اكتشف منابع النور ولن يعود او يعتذر عنها،،.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خيري منصور جريدة الدستور