سير مركب الأسرة ويتقاسم قيادته الزوجان ، فهما اللذان ينجحان في قيادته إلى بر الأمان من خلال التخطيط المالي الجيد بحيث يتجنبان الاستدانة وفي نفس الوقت ينجحان في تكوين مدخرات مالية تنفع الأسرة في الظروف المالية المتقلبة، وبما يضمن الاستقرار لها ــ يقول الله جل في علاه : {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً}. وتكمن أهمية التخطيط الجيد للأسرة الذكية، في وجود ميزانية للأسرة, من خلال تلك الميزانية توفر الأسرة مبلغا احتياطيا يعينها على مواجهة الظروف الصعبة ورفع مستوى معيشتها, وتأمين مستقبلها. ويتأتى هذا بأن يتم تقسيم دخل الأسرة أو راتب الزوج على ثلاث أجزاء، أو أكثر ـــ بند للمعيشة المنزلية بحيث لا يتخطى الحدود الموضوعة له، وبند ثاني للمصروفات الشخصية, وبند آخر للخدمات العامة والفواتير وغيرها.

وآخر للاستثمار, وهذا أهم بند في الميزانية.! بعد ذلك يتم تجميع الفائض (إن وجد) من تلك البنود الرئيسة نهاية كل شهر ويضاف للمبلغ الاحتياطي الذي يتم ادخاره للظروف الطارئة، على أن يجمع هذا المبلغ في نهاية كل عام للاستفادة منه فيما ينفع الأسرة. إن هناك طرقا مختلفة للحفاظ على ميزانية الأسرة!، والأسرة الذكية الناجحة.

هي التي تتحكم في نفقاتها بالحد المعقول وبدون إسراف أو تقتير , وبما يحمي الأسرة من الاستدانة في نهاية كل شهر،وهذا بطبيعة الحال قد يتطلب من المسئول عن ميزانية الأسرة أن يحتفظ بدفتر للمصروفات ليقيد فيه كل المصروفات التي يتم صرفها على أن يراجعها في نهاية الشهر ليعرف الضروري منها وغير الضروري ليتجنب تكرار إنفاقها.

مع التنازل عن الكماليات التي يمكن أن يستغني عنها الزوجان والاقتصار قدر الإمكان على النفقات الضرورية. والأسرة الذكية, هي الأسرة التي يشترك جميع أفرادها في إدارة شؤونها، وذلك لمناقشة المشكلات المتوقعة والرغبات المطلوبة والمفاضلة بين الأهداف المطروحة والتخطيط لها على ضوء الموارد المتاحة. إن في ذلك, إلى جانب الفوائد الاقتصادية العديدة للأسرة نفسها, تقوية للروابط الأسرية، وتكوين شخصيات فردية ذات مسؤولية عالية وذات تخطيط وتفكير سديد. كما أن من التخطيط المالي, التخطيط للشراء والصرف!

فشراء حاجيات الأسرة المتنوعة ليست عملية شراء سهلة، كما يظن كثير من الناس، بل تحتاج إلى تفكير ودراية. إن قرارات مثل: كم من النقود مع الأسرة معدة للشراء؟ وما نوعية الحاجة المراد شرائها ؟ ومن أي الأماكن تشترى ؟ وكيف تخزن ! وغير ذلك ؟!.. إن هذه القرارات تؤثر على أفراد الأسرة؛ لذا لا بد من التفكير العميق والخبرة والمقارنة بين الأثمان والأنواع؛ ليكون قرار الشراء صائباً حكيماً. ومن ثم، فأول ما ينبغي مراعاته أثناء عملية الشراء هو عدم شراء أكثر من الحاجة، أي شراء كميات الغذاء اللازمة فقط؛ لتجنب التلف لما يزيد عن الحاجة، كما ينبغي الشراء من المحال المركزية واقتناص فترات التخفيض, والمناسبات وغيرها ـ مثل شراء حاجيات الصيف في فترة الشتاء والعكس. أمر آخر هام, الطفل والنقود:

إن تجربة الطفل الأولى مع النقود يمكن أن يكون لها أثر انفعالي عميق، ومن الحكمة تدريب الطفل في سن مبكرة من حياته وفي مستويات الدخل المختلفة على استعمال النقود، والسماح له بالتصرف في نقوده. فالطفل بطبيعته مفطور على الجمع والتملك والادخار حسب بيئته الاجتماعية.. إذ المهم أن تكون المبالغ المعطاة للطفل مناسبة لسنه، وأن تعطى له بانتظام، مع مراقبة سلوكه في التعامل مع النقود. كما أن من المهم أن يفهم الطفل أن المال شيء ثمين، ينبغي التعامل معه بشيء من الحرص.. فمن الأفضل أن يحصل الطفل على مبلغ ثابت منذ اللحظة التي يحتاج فيها إلى النقود لبعض المصروفات العارضة.

إذ إن ذلك يساعد على إدراك قيمة النقود وكيفية التصرف بها. ومن المناسب أن تتاح الفرص للطفل للتسوق لشراء ملابسه وألعابه وغذائه؛ ليدرك أن السلع المختلفة لها أسعار مختلفة، وأن السلعة الواحدة قد تكون لها أسعار متباينة. إن وجود القدوة السليمة للأطفال يساعد على سرعة التعلم وغرس العادات والقيم واتجاهات الاستهلاك ومفاهيم ترشيد الاستهلاك وحُسن التعامل مع النقود. أخيراً… إن المستهلك الرشيد هو ذلك المستهلك الذي يراعي مبدأ الرشد والعقلانية والاعتدال في أكله ومشربه وملبسه ومنزله وسيارته وأثاثه، واستخدامه للكهرباء والمياه؛ حماية لنفسه ولأسرته. إن المستهلك الرشيد هو الذي يراعي قرارات الشراء والاستهلاك، بحيث تكون في الوقت المناسب وللحاجة المطلوبة ومن المكان المناسب وبالسعر المناسب وبالجودة المطلوبة وبالقدر اللازم والحجم المناسب والنوعية المطلوبة. والمستهلك الذي يراعي ذلك يمكن أن يحقق الرشادة الاقتصادية والعقلانية الحكيمة من وجهة نظر الاقتصاد المعاصر، بحيث لا يقع فريسة التلاعب والاستغلال، ولا ينساق خلف الإسراف والتبذير، ولا تتعرض سلعه وبضائعه للكساد والتلف والفساد. 


المراجع

masrof.wordpress.com

التصانيف

اقتصاد  إدارة   العلوم الاجتماعية