قال المركز السوري للدفاع عن سجناء الضمير "إن قوات الأمن اعتقلت في العاصمة دمشق الناشط حسن عبدالعظيم، البالغ من العمر 81 عاما، بينما اعتقلت في مدينة حلب الشمالية الناشط عمر قشاش، البالغ من العمر 85 عاما" (هل انتبهتم إلى أعمارهم؟!).
ونقلت وكالة رويترز للأنباء أن قوات الأمن اعتقلت السبت أيضا 11 امرأة "سرن في مظاهرة صامتة أمام مبنى مجلس الشعب (البرلمان) في حي الصالحية وسط دمشق. وقالت الوكالة إن المسيرة خرجت للتعبير "عن التضامن مع سكان مدينة درعا"، التي دخلها الجيش السوري قبل عدة أيام بعد أن تصاعدت وتيرة الاحتجاجات فيها ضد النظام.
من جانبها، قالت المحامية رزان زيتونة، وهي ناشطة في مجال حقوق الإنسان، إن قوات الأمن اقتحمت منزلها في حي القزازين بدمشق يوم السبت، لكنها لم تكن لا هي ولا زوجها في المنزل أثناء اقتحامه. وقالت زيتونة: "لقد انتظروني وزوجي لعدة ساعات، لكنهم قاموا بعدها باعتقال شقيق زوجي، عبدالرحمن حميدي، الذي كان لوحده في المنزل".
من يقرأ هذه الأخبار يدرك تماماً أنّ الشعب السوري بدأ يتحدّى بثورته وإرادته أعتى الأنظمة البوليسية القمعية، وأنه بات مستعداً لدفع "الكلفة" الكبيرة، طالما أنّ تلك هي الطريق الوحيدة كي يخرج الناس من كهف الاستبداد والدكتاتورية وحكم العصابة والرجل الواحد..
الثمن إما أن يدفعه المواطن العربي مرّة واحدة ويضحّي أبناء جيل لأجل الأجيال القادمة، وإما أن نستمر في دفعه يومياً، في كل لحظة، سياسياً واقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، بل وفي داخل أنفسنا، طالما أنّنا لا نشعر بالكرامة في أوطاننا، لذلك فإنّ خيار السوريين اليوم واضح ومحدد: إما حياة تسرّ الصديق وإما ممات يغيظ العدا!
الصور والفيديوهات التي نشاهدها في سورية واليمن وليبيا، وقبل ذلك في مصر وتونس، لشباب وشيّاب ونساء وأطفال وجماهير خرجت تطالب بحريتها، هي وحدّها من تسجّل وتجسّد طبيعة هذه اللحظة التاريخية الفريدة التي تمر بها المجتمعات العربية، وهي تتوق إلى حرية وديمقراطية وعدالة وكرامة، بعد عقود طويلة من الإذلال والذل والإهانة والفساد والقمع والتجبّر، فلم تعد تلك الإدعاءات تباع لدى أطفال المدارس في درعا، الذين كانوا أول من أعلن العصيان، ولا نساء اليمن اللواتي تحدّين الجميع وقدن المسيرات والمظاهرات ورفعن أصواتهن قبل الرجال برحيل الأنظمة الفاسدة والدخول إلى التاريخ.
التحول الحقيقي الذي يحدث اليوم هو أنّ الإنسان العربي بدأ يدرك معنى الجحيم الذي يعيش فيه، ويؤمن بأن عليه أن يستعيد إنسانيته المسلوبة تحت وطأة الاستبداد والفساد، وأن من حقه أن يتصالح مع العصر، وأن يفكّر في المستقبل، كباقي خلق الله، وألا تكون "الهجرة" هي الحل الوحيد.
الإنسان العربي بدأ يؤمن أنّ من حقه أن يبني وطنه، وأن يحتكم إلى القانون وأن يختار حكومته وأن يسقطها، وأن يقول ما يريد من دون خوف من أحد، ومن حقه أن لا يرتعب من رجل الأمن إذا قام بذلك.
والإنسان العربي أصبح يسأل عن ثروته وأموال وطنه، وعن الفساد والفاسدين، والضرائب والرسوم، والفشل في إدارة الاقتصاد، وعن المناصب العليا والإدارية والسياسية في الدولة. الإنسان العربي لم يعد يرى في التعليم والصحة والخدمات منحة من أحد بل حق مقدس له.
هذه الأحلام العربية هي لدى الأمم الأخرى حقوق بدهية. أمّا لدى العرب فهم بدؤوا يخوضون المعركة المؤجلة لنيلها؛ فإمّا الحرية أو الموت.
m.aburumman@alghad.jo
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف محمد ابو رمان جريدة الغد