في فصلي الربيع والصيف، تزداد وطأة الغبار على الأشخاص الأكثر عرضة لأمراض الحساسية المختلفة وتتفاقم معاناتهم. فالهواء المحمل بالأتربة الناعمة والحشرات الدقيقة يسبب حساسية والتهابات بالجهاز التنفسي والجلد والعين والأنف. ويلفت استشاري طب الباطنة بالقاهرة، الدكتور عباس الموصلي، في حديث للجزيرة نت، لخطورة الغبار وحشراته الدقيقة التي تصل لأنسجة الرئة والموجودة في السجاد, بما يعني ضرورة تنظيفه وكيه لتطهيره. كما قال إن هذه النوعية من الغبار، تعتبر أسوأ من الرياح المحملة بالغبار.

“دراسة أميركية نشرت في 2007 وجدت أن ذرات الغبار المختلط بالدخان تزيد مخاطر انسداد الشرايين والإصابة بأمراض القلب والجلطات الدموية”

غبار المنازل

ويسبب غبار المنازل والأتربة الناعمة وحبوب اللقاح بالهواء استفزازا لجهاز المناعة لدى الإنسان، فينتج أجساما مضادة كإجراء دفاعي لدى ذوي القابلية للتحسس، وتتفاعل الأجسام المضادة مع مولداتها (المستضدات) الطبيعية المسببة للحساسية بالبيئة المحيطة. ويؤدي هذا التفاعل لأعراض تحسس كالربو بالجهاز التنفسي، وحكاك الجلد والتهابه والأكزيما، وتهيج العينين واحمرارهما وزيادة إفراز الدموع. يشار إلى أن الأطفال أكثر عرضة لأعراض حساسية الجهاز التنفسي وتزيد العوامل الوراثية القابلية للإصابة. تتخذ المستضدات صورا متعددة كالبكتيريا والفطريات وحبوب اللقاح والغبار وذرات الدخان، وتطلق عمل خلايا أخرى، وتستثير خلايا المناعة لإنتاج أجسام مضادة لها ومركبات كيميائية تستفز الجهاز المناعي وتسبب التحسس لدى ذوي القابلية لذلك. وبحسب الدكتور الموصلي، تشمل الآلية المسببة لأمراض التحسس إطلاقا لنشاط خلايا معينة بأنسجة المرضى، وهذه بدورها تفرز ما يسميه “وسائط التحسس”، وهي كيميائيات وأنزيمات وبروتينات السيتوكاين التي تفرزها خلايا الدم البيض وغيرها، وتلعب دورا في حساسية الصدر والأنف، بينما يسبب مركب الهستامين أرتكاريا الجلد.

عوامل وراثية

وتفرز الخلايا البدينة مركبات هستامين وإنزيمات وسايتوكاين. ويزداد أعداد ونشاط الخلايا حمضية الصبغة لدى استثارتها مناعيا، مما يجعلها تفرز بروتينات مؤذية لخلايا بطانة الجهاز التنفسي، خاصة لدى تعرض الشعب الهوائية للحساسية الناجمة عن الغبار، وتَقَلُص عضلاتها. كذلك، يسبب الغبار لمرضى الربو نوبات ضيق التنفس وسعالا جافا متواصلا. ويؤدي انكشاف أجزاء من الجسم للغبار لالتهاب وحساسية وحكاك الجلد الذي تزداد حدته بحسب لون البشرة، وقد يظهر طفح جلدي واحمرار وتورم، كما يفاقم الغبار آلام أمراض الجلد كالطفح المعروف بالأكزيما.

وبحسب خبيرة الوراثة بالقاهرة، الدكتورة نهلة الإبياري، تلعب العوامل الوراثية دورا في التحسس، فاستنشاق الغبار بواسطة أصحاب القابلية الوراثية يؤدي لظهور حساسية الجلد وتفاقم شدة الأكزيما، دون اشتراط تكرار نفس التعبير المرضي عن الحساسية الموروثة. ويسبب استنشاق الغبار للبعض حساسية الأنف، ويؤدي لالتهاب أغشيته المخاطية. ويصاحبه عطاس واحتقان الأنف وصعوبة التنفس وتهيج وحكة تصل لسقف الحلق والعينين والأذنين.

علاجات وتحذيرات

يسبب التعرض لحبوب اللقاح رشحا شديدا أو نزيفا بالأنف، بجانب تورم الجفنين وظهور هالات سود تحت العينين. ويحذر الأطباء مرضى العيون من التعرض للغبار مطلقا لأنه يفاقم حالاتهم المرضية. من ناحية أخرى، يسبب الغبار حساسية والتهابات بالأذن، حيث يشعر المريض بحكة وألم شديدين. وتعالج أزمات الربو التنفسية باستنشاق بخاخات الكورتيزون الموسعة للشعب الهوائية عبر الفم، وبحقن الهيدروكورتيزون. بينما تفيد مضادات الهستامين في تخفيف أرتكاريا الجلد. وتعالج حساسية الأنف والعين والأذن بالنقط أو القطرات المضادة للحساسية ومسكنات الألم وقد تحتوي الكورتيزون أحيانا. لكن الأطباء كالدكتور الموصلي يحذرون من الإفراط باستخدام الكورتيزون لمدة طويلة، نظرا لأعراضه الجانبية. كما يحذرون مرضى الربو من استخدام الأسبرين بأي صورة، لأنه يفاقم تفاعلات الحساسية وأعراضها، ويعرضهم للوفاة. وكانت دراسة أميركية نشرت في 2007 وجدت أن ذرات الغبار المختلط بالدخان تزيد مخاطر انسداد الشرايين والإصابة بأمراض القلب والجلطات الدموية.


المراجع

موسوعة الوقاية

التصانيف

تصنيف :حياة  تصنيف :صحة  تصنيف :أمراض