لا ندري اين يقبع نائب الفاعل هذا؟

واية طاقية اخفاء يرتدي؟ بحيث ينسب اليه العنف واحيانا العنف المضاد، فثمة اعمال تخريب وتجاوزات للقانون تنسب الى مجهول بل هي مبنية لهذا المجهول، وهو احيانا يكون الاسم الحركي للمؤامرة وهو باختصار اشبه ما يكون باللحية التي تلصق على وجه قديس او سجين او فنان او كلوشار، لانها في الاصل محايدة، ويحدد هويتها الوجهة الذي تتدلى منه.

في احداث السفارة الاسرائيلية في القاهرة خلال الايام القليلة الماضية ينسب حتى الثوريون والمثقفون اعمال الاقتحام والعنف الى طرف اخر يقال احيانا انه من فلول النظام واحيانا اخرى من جهات تسعى الى تعميم الفوضى وتعميقها في البلاد بحيث يشعر الناس بالحنين الى نظام سابق، بحجة انه حقق قدرا من الاستقرار

والاسباب التي يوردها اكثر الناشطين اعتدالا واقلهم انفعالا لأزمة السفارة الاسرائيلية في القاهرة تبدو مرشحة لتحريض الناس على فعل ما فعلوا سواء كانت تلك الاسباب استشهاد جنود مصريين على الحدود برصاص اسرائيلي، او اقناع الجنرالات عن الاعتذار والاقتصار على الاسف او المكبوت الوطني ازاء معاهدة فشلت في تطبيع العلاقات بين مصر واسرائيل على مختلف الاصعدة.

اننا على ما يبدو بحاجة دائمة الى نائب فاعل كي ننسب اليه افعالا مجهولة المصدر وهذه مساحة قابلة للاتساع او الانسحار تبعا للرغائب والحاجات وليس تبعا لاي معيار موضوعي ومنطقي، ولكي لا تأكل هذه الثورات نفسها ثم ابناءها وبالتالي تمتد الى احفادها يجب ان تسمى الاشياء باسمائها، ويتم الاعتراف بان ما تراكم خلال عقود وربما قرون غير قابل للحذف بهذه السهولة رغم ان الحلم الراديكالي لا يعترف بما خلفه الماضي، وكأن الحاضر هو نبات شيطاني بلا جذور او مقدمات والعنف سواء كان مبنيا للمعلوم او للمجهول هو افراز عضوي لمجتمعات عانت من الكبت المزمن، بحيث يختلط الامر احيانا فتستقط سهوا افكار ومفاهيم اساسية.

ولاننا ندرك ان الكلام الهادئ في اجواء صاخبة قد لا يجد له مكانا او صدى، الا ان اللحظة الراهنة في النطاق القومي كله تتطلب قدرا من تماسك الوعي والاحتراز من التفكير الانفعالي المحض، فالقلب وحده عندما يتولى التفكير غالبا ما يخطئ...

وهذا ليس امساكا بالعصا من المنتصف كما يظن اشباه الراديكاليين الذين رفعوا شعارا شمشونيا.. عليهم وعلى اعدائهم ان فرز العنف المجاني المنسوب الى البلطجية في مكان والشبيحة في مكان اخر والخارجين عن القانون في مكان ثالث عن العنف التاريخي المبرر والساعي الى التغيير بايقاع غير سلحفائي هو مسؤولية نخب وطلائع، لكن هذه الفئات التي طفت على السطح ربما لخنقها او لان الواقع استنقع طالما سعت الى تبرير مدفوع الاجر ويبدو ان الطبع بالفعل يغلب التطبع، فلم يمض على الحراك العربي سوى اقل من عام وبالرغم من ذلك بدأت النخب تخلق اولياء نعم جددا وكأنها تستبدل اللات بالعزى او هبل


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة  خيري منصور   جريدة الدستور