هل هي كرة جليد أم كرة لهب تلك التي سوف تتدحرج من رام الله الى واشنطن؟ فالسلطة الوطنية حزمت أمرها وفقاً لخطاب عباس بالذهاب الى مجلس الامن رغم يقينها بأن الفيتو الامريكي بالانتظار، وقد مهدت له السيدة هلياري عندما قالت ان الدولة الفلسطينية تمر من رام الله والقدس وليس من نيويورك أو واشنطن.. وكان يمكن لها ان تضيف باريس ولندن أيضاً ما دام الاتحاد الاوروبي لا يزال مرتهناً بشكل أو بآخر..
أسبوع حاسم.. لكن بالرغم من النبرة الدراماتيكية في التصريحات والتعقيبات الفورية عليها فان هناك احتياطيات احتفظ بها الموقف الفلسطيني وهي ذات صلة بالتفاوض، وما قاله عباس عن كون الاعتراف الكامل بعضوية فلسطين في الامم المتحدة لا يعني الاستقلال أو انهاء الاحتلال هو محاولة لخفض مستوى التوقعات لدى الفلسطينيين الذين انتظروا من هذه الخطوة أكثر مما تعد به أو تحتمله، وكل ما في الامر ان الاعتراف في حال حدوثه سيجعل اسرائيل في موقف لا سبيل الى التلاعب بصيغه، بحيث تصبح دولة تحتل دولة أخرى، وعندئذ يختلف سياق المسألة برمتها، ويصبح العالم مطالباً أخلاقياً وقانونياً بموقف آخر.
ان أقانيم هذه الدولة متحققة في الواقع لولا الاحتلال الذي يحذف منها أقنوما أساسياً هو السيادة على الارض، واسرائيل الآن في مأزق حتى لو حاولت اخفاء ذلك فهي متوترة ازاء كل ما يصدر بشأنها من مواقف دبلوماسية أو حتى أخلاقية، وهذا ما دفع نتنياهو الى تفسير رغائبي ناجم عن الخوف لتصريح رئيس وزراء مصر الذي قال ان كامب ديفيد ليست اتفاقية مقدسة..
ويبدو أن اساليب تصدير الازمات في تل ابيب قد انتهت صلاحيتها، حتى لدى الاسرائيليين أنفسهم، واذا كان هناك من يصف اسرائيل بأنها دولة جاحدة والوصف ليس لناشط مدني بل لوزير دفاع امريكي، فان وصفها بالدولة المارقة لم يعد بعيداً، وحين تهدد السلطة الفلسطينية بالتحلل من كل الاتفاقيات معها بدءاً من أوسلو اذا نفذت الخطوة الأيلولية الموعودة يثير من السخرية أكثر مما يثير من التعجب أو الاستنكار، وكأن هذه الاتفاقية أعادت للفلسطينيين مجمل حقوقهم، وأنصفتهم وما عليهم إلا أن يتشبثوا بها حتى النخاع.. هل نقول أبشر بطول سلامة يا مربعُ أم أن الوقت ما يزال مبكراً لهذه البشارة؟
فالمناخ السائد الآن في الاقليم والعالم كله مضاد بكل أطروحاته للاحتلال ولفلسفة اسرائيل المحنطة والتي تعود الى ما قبل التاريخ.
اسرائيل تعرف ان اللحظة المؤجلة والتي طالما سعت الى عرقلة أزوفها قد أزفت بالفعل، وان الاعتراف بالأمر الواقع بات مطلباً انسانياً ودولياً واقليمياً وحتى اسرائيلياً الى حد ما فثمة يهود يدركون بأن الخطاب العنصري المتطرف يجرهم الى الهاوية ويعزلهم عن العالم، لكن أصوات هؤلاء لا تزال أشبه بالهمس أثناء قرع الطبول فالميديا المسلحة والاستيطانية بلغت ذورة التضليل، لكنها لن تستطيع خداع الناس كل الوقت.. والفيتو رغم نفوذه ونفاذه وسطوته النووية لن يغير من الحقيقة، وهي ان ثلثي دول العالم قد اعترفت بفلسطين دولة عضواً وفاعلاً في الهيئة الدولية..
الأرجح ان اسرائيل خسرت حربها السياسية السادسة
|
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خيري منصور جريدة الدستور
|