يتساءل البعض لماذا لم نستطع أن نصنع نجوما في مختلف مجالات حياتنا. بحيث يعبرون الحدود ولهم تأثير مشهود في النطاق القومي على الاقل، لكن ما من احد يجرؤ على الاجابة اذ سرعان ما نشيح عنها لتكرار عبارات مبهمة، خصوصا وان هناك اوهاما لا يسلم منها غير اقل القليل. ومنها الاعتقاد بان الاستحقاق والجدارة لا نقاش حولهما. بل هو سوء الحظ او تقصير الاخرين. ومن يتوقع مني اجابة بوضوح الماء والتراب فانه لن يجدها. لان الاجابة علمية وسايكولوجية بامتيازين.
اولهما ان فاقد الشيء لا يعطيه. والذي يشكو من الغبن وتقصير المحيط الذي يعيش فيه لا يتوقع منه فائض الاغداق او الانصاف لسواه. وثانيهما اننا فضلنا طريقا اخر معكوسا ومضادا للطريق السوي وهو ان يكون الاخر اقصر منا ولا يهم ما اذا كنا طوال القامة. وان يكون الاخر افقر منا كي نبدو اغنياء، وان يكون الاخر ميتا او في طور الاحتضار كي نتأكد من اننا معافون وننعم بصحة جيدة.
ولهذا ايضا يهرب الاقل ثقافة من المثقف كي يحتفظ بكامل أوهامه ولا يُضبط متلبسا بعريه بعد ان يخلع عن جلده ريش الطاووس المستعار.
ولهذا ايضا نتواطؤ على ثقافة المناظرة سواء كانت سياسية او ثقافية لان ادمان المونولوج جعل الديالوج في خبر كان او احدى اخواتها. وهذه السايكولوجيا التي أفرزتها تربويات رعوية أحلت النميمة مكان المواجهة، فقد تفاجأ بان من يحتضنك ويقبلك كما لو كان يعضك كان قبل قليل يأكل لحمك، لكن لأن أنيابه لبنية خُلعت من شروشها
ان الخيول التي تعلف على مدار الساعة وتتأمل أقدامها تتعفن اذا حُرمَتْ من السباق. تماما كما يقال عن الاغنية التي تتعفن اذا ابتعدت عن الرقصة المتناغمة مع ايقاعاتها |
لكأن هناك عقدا اجتماعيا بقدر ما هو ثقافي تتلخص بنوده في ثلاث نقاط.
الاولى اسكت عني كي اسكت عنك، والثانية تحدث معي عن أي شيء غير مهنتي، لان الرسامين الفاشلين لا يتحدثون عندما يلتقون إلا عن أسعار القماش والاصباغ والبراويز هربا من مواجهة بعضهم مهنيا.
والثالثة.. لن اقرأ لك ان لم تقرأ لي.. وفي النهاية لا يقرأ احد لأحد الا بدافع فضول لا صلة له بالمعرفة او الاضافة او الابداع، لهذا لا يعرف أحد أحدا. اللهم الا اذا اختزله بحكاية قديمة عمرها ربع قرن او اكثر.
ولو توقف الامر عند العجز عن صناعة النجوم في مختلف المهن لهان الامر، لكن ما يحدث هو صناعة ماهرة وحاذقة في الاطفاء، وصب الماء على الجمر كي يتحول الى فحم.
والمتضررون في النهاية الجميع بلا استثناء لأن حاصل جمع الأصفار حتى لو كانت تعد بالمليارات هو صفر أيضا.
كيف يُعلـّم الناس من لم يعلن الحرب على تربية كيدية حولته إلى هشيم |
وكيف للفارس ان يلوذ بالفأر اذا سمع صهيلا ولو عن بعد، الا اذا كان يمتطي حمارا أعرج؟
اننا جميعا بحاجة الى اختبار في المواجهة والمناظرة للخروج من تابوت التواطؤ الذي يدفع البغل الذي يخجل من أبيه الى الادعاء بأن الحصان خاله؟؟
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خيري منصور جريدة الدستور
|