الشيخ عيسى بن محمد رواس 1292-1365هـ
الشيخ أبو محمد عيسى بن محمد بن حامد بن عيسى رواس المسكري المكي الحنفي من مواليد عام 1292هـ بحي النقا بمكة المكرمة.
نشأته
تربى في حضن ابويه وكان والده من طلبة العلم أما والد أمه فهو الشيخ أحمد رواس من علماء البلد الحرام. كان الشيخ عيسى رواس أسمر اللون معتدل القامة ، قوي البنية ، وكان يمتهن الجزارة فيتعيش من ربحها البسيط قانعا بما قسم الله له ، وكان ينزل إلى المسجد لأداء الصلاة في جماعة وصادف أن شاهد الشيخ عبد الرحمن الدهان وسط حلقة طلابه فجلس يستمع لدرسه وكانت كلمات الشيخ تنطلق من فمه كحبات اللآلئ نقاء وصفاء فتستميل القلوب الصلدة وتجتذب الأفئدة القاسية ، فشع في قلب الشيخ عيسى نور الهداية فواظب على حضور درس الشيخ عبد الرحمن الدهان في رغبة صادقة ثم التحق بالمدرسة الصولتية فعكف على درسه حتى حفظ القرآن والمتون واستظهر الشروح والتقط الحواشي وتقرير المقريين كما يلتقط الغواص فرائد اللآلئ من البحر العميق فوجد في كتاب الله وسنة رسوله حلا لكل معضلة ودواء للقلوب وطهارتها من الأدران فواظب على حضور الدروس إلى أن توفي عام 1365هـ وفي هذه الفترة حفظ القرآن الكريم وبعض المتون واستظهر شروحها وحواشيها والتحق بالصولتية وجد واجتهد حتى أصبح من كبار علماء البلد الحرام
قصص من حياته رحمه الله
بداية دراسته
حيث قطع رحمه الله مرحلته الدراسية في عسر ومعاناة وضيق وجهد وهو راض كل الرضا مبتهج كل الابتهاج سعيد إلى حد كبير بمعيشته من الجزارة ما دام يطلب العلم لله وابتغاء مرضاته فكد وجد إلى أن تخرج من الصولتية ونال شهادتها فكان فخر الفتوة زهدا وورعا وإخلاصا وقوة وإيمانا ثم شرع يُدرِّس في مدرسته مقابلة للإحسان بمثله كما عقد لطلابه حلقة درس في المسجد الذي فتح له باب العلم والمعرفة وأنار له طريق الهدى والرشاد فالتف حوله طلاب من مختلف الطبقات كل واحد يسأل الشيخ أن يدعو له ليصلح بالعلم ولا يحرمه ، وأن يذكره في تهجده ودعواته فأقبل رحمه الله يعالج قلوبهم قبل أن يستبد بها الشيطان ويعصف بها الشك ويقربهم إلى الله بآيات كتابه وأحاديث رسوله ليفهموا الدين روحا ومعنى لا نصا ورسما ويطبقوه عملا وقدوة لا حفظا في الصدور وشقشقة في الألسن.
مع طلابه
عرف الشيخ عيسى رواس بين طلابه بتواضعه وإخلاصه في التعليم وحرصه على نفع طلابه بتواضعه وإخلاصه في التعليم وحرصه على نفع طلابه فاختير مدرسا بمدرسة الفلاح فكان خير مرب ومؤدب يخافه الطلاب ويحبونه لإخلاصه لكل واحد منهم لا فرق بين كبيرهم وصغيرهم وغنيهم وفقيرهم ، فأقبلوا على درسه في نهم ورغبة فكون منهم جيلا قوي الإيمان واثقا بالله معتمدا عليه ويقول بعض تلاميذه : إن من مزايا الشيخ عيسى رواس أنه جذاب كالمغناطيس ولو أن ألد أعدائه جلس إليه ساعة – وليس له أعداء – لرجع متلمسا وجوه القول في الثناء عليه لأنه كان يقبل على محدثه فلا يرفع به إلى نفسه وإنما يتدلى بكل حديث إليه فيسايره في قوله ويكلمه من لون كلامه ويخاطبه على قدر فهمه حتى ينصرف عنه وقد ألقى في روعه أنه مثله ، وإذا قدر لأحد مجالسته عشرين سنة فإنه لا يمل مجالسته ولا يستثقل مخاطبته ... كان رحمه الله متقشفا لم يغير زيه الثوب والصدرية ولفة على رأسه وسجادة على كتفه وعصا (مزقرة) لا تفارق يده.
شجاعته رحمه الله
ولعصاه حياة مليئة بالبطولة والشجاعة والجرأة والإقدام منها ما حدث له عام 1356 هـ وهو داخل من باب السلام إذ سمع جلبة وضوضاء في (حوش الرمادي) فلم يكد يقترب من باب الحوش حتى خرج عليه جاوي طعن سبعة عشر رجلا مات منهم خمسة فلوح الشيخ عصاه في الهواء ليضرب بها الجاوي ولكنه هرب من وجهه ورجع إلى (حوش الرمادي) فتمكن رجال الشرطة من القبض عليه وتقديمه للمحاكمة فتناقلت الألسن هذا الحادث وحمدوا الله على سلامة الشيخ وأثنوا على ثباته و شجاعته ورباطة جأشه.
حلقته العلمية
كما كانت حلقة درس الشيخ عيسى صغيرة لا يتجاوز عدد طلابها أصابع اليد ولكن صوته كان مسموعا يدوي في الرواق أمام باب السليمانية ، شوهد مرة يُدرس فسمعته يقول : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب – ولا يقبل الله إلا طيب – فإن الله يقبلها بيمينه ثم يربيها لصاحبها ) والبحث.م والبخاري وروى الطبراني وابن حبان عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إن الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى تكون مثل أحد ) ( والفلو بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو هو المهر أو ما يولد والفصيل ولد الناقة إلى أن يفصل عن أمه). وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله عبدا يعفو إلا عزا وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل ) رواه مسلم والترمذي. ثم استمر رحمه الله يسرد الأحاديث التي وردت في الصدقة – ويكتفي بشرح كلماتها الصعبة دون تعليق وتطويل لأن طلابه أو أكثرهم من طلبة العلم الذين كرسوا حياتهم للمطالعة والبحث .
شيوخه
حيث كان من شيوخه رحمهم الله الشيخ عبد الرحمن دهان والشيخ محمد سعيد رحمت الله والشيخ عبد الله الغازي الهندي والشيخ عبد اللطيف قاري والشيخ عبد الله قاري والشيخ عبد اللطيف الرحماني والشيخ محمود حسن الهندي والشيخ ملا علي أكبر والشيخ محمد أصغر ملا والسيد محمد مرزوقي الكتبي والشيخ أسعد دهان والشيخ محمد عبد الباقي اللكنوي المدني وغيرهم رحمهم الله
تدريسه في مكة
قام بمشاركة العلماء في التدريس بالمسجد الحرام في رواق باب السليمانية بعد صلاتي الفجر والمغرب وفي باب السلام وحصوة باب القطبي وبداره العامرة بحي النقا كعادة علماء البلد الحرام.
تلاميذه
للشيخ رحمه الله تعالى تلاميذ من شتى المعمورة وأغلب علماء الحرمين الشريفين وخصوصاً من علماء مكة المكرمة من تلاميذه رحمه الله تعالى نذكر منهم الشيخ عبد الفتاح راوه والشيخ محمد أمين ميرداد والشيخ محمد صديق غفوري والسيد علوي مالكي والأستاذ المؤرخ عمر عبد الجبار والشيخ حسن بدوي والشيخ إبراهيم مجلد والشيخ إبراهيم فطاني وغيرهم رحمهم الله آمين.
وفاته
مات رحمه الله تعالى بمكة المكرمة يوم الثلاثاء ليلة الأربعاء 13/12/1365هـ عن 73 عاماً ودفن بمقابر المعلاة بقبر شيخه الشيخ عبد الرحمن دهان وله ابن ( محمد ) رحمهم الله تعالى . وله حفيد أ.د.عيسى محمد عيسى رواس أستاذ الفيزياء بجامعة أم القرى وعميد كلية العلوم التطبيقية والهندسية ووكيل وزارة الحج سابقاً حفظه الله أمين.
المراجع
areq.net
التصانيف
مكة المكرمة علماء التاريخ العلوم الاجتماعية