ليس لأحدٍ أن ينسلخ من ماضيه مهما كانت إمتداداته !
فإن كان مشرقاً فإنهُ سيكون رافداً لإستقاء الأمجاد وحافزاً لنيل أعلى المراتب ودافعاً للعمل الطموح والعزائم المتأججه.
وإن طان متواضعاً أو مخزياً فسيكون باعثاً على العمل للتغيير نحو الأفضل والنظر بعين الأمل لمستقبلٍ يزيّنهُ التفاؤل .
وإن كانَ آمناً (في منطقه محايده) توفرت لهُ اسباب الإستقرار فلا أقل من أن تحرص على المحافظه على محاسنه وإيجابياته .
ولكن ليس من العقل في شيء أن تعيش على رُفاه أو أن تندب بجانب جثّه أو جنازه حتّى وإن لازالت حارّه !
لازلنا نقول كما قال الشاعر الشهيد هاشم الرفاعي رحمه الله:
مـلـكـنا هذه الدنيا قرونا
وسطرنا صحائف من ضياء
حـمـلـناها سيوفا لامعات
إذا خرجت من الأغماد يوما
وكـنـا حـين يرمينا أناس
وكـنـا حـين يأخذنا ولي
تـفيض قلوبنا بالهدي بأسا
وأخـضـعها جدود خالدونا
فـما نسى الزمان ولا نسينا
غـداة الروع تأبى أن تلينا
رأيـت الهول والفتح المبينا
نـؤدبـهـم أبـاة قـادرينا
بـطغيانٍ.. ندوس له الجبينا
فما نغضي عن الظلم الجفونا
ثم ماذا :
وما فتئ الزمان يدور حتى مضى بالمجد قوم آخرونا
وأصبح لا يرى في الركب قومي وقد عاشوا أئمته سنينا
هل ترضينا الدعوه للتباكي بعد أن ملكنا هذه الدنيا !!
إلى متى نرثي أمجادنا أو نتحسّر على ماضٍ تليد لم يبقَ منه سوى واقعٍ بليد !
قلت ذات حسره:
كـنّـا وكان المجدُ طوعَ سيوفنا
والـيـومَ بِـعـنا للغزاةِ نفوسنا
سَكَت الجميعُ على مساوئ ضعفهم
وتـعـملقَ الأقزامُ فوقَ رؤوسهم
إذا كـنّـا قـد مـلكنا هذه الدنيا
بـالـحـقِ ندفعُ جيشنا الجرّارا
حـتـى أتـانا الغاصبونَ جهارا
فَـغَـدوا بـذُلٍ لـلـعِدا أنصارا
حـتى استباحوا أرضنا استعمارا
قـرونـاً فـقد أُستعبدنا دهورا !
لا زلنا ننظر إلى ما طواهُ الزمان ودفن رفاتهُ النسيان بينما العالم لا يخطط للمستقبل القريب فحسب بل يدرس آثار المستقبل.
إنهم يسابقون الزمن بينما نحن نُثقلُ القيدَ بأغلالِ الماضي !
وقد صدق الشاعر البليغ ناصر محمد أحمد البنا
شـعـب مـليار مسلم يوم زادوا
وبـقـوا بـعـد صـحوة كنيام
أمـة شـقـق الـفضاء صداها
أمـة سـادت الـزمـان بـعز
امـة لـم يـعـد لـها من نفوذ
فـارقـوا الـعز والكرامة عمداً
رجـعـوا لـلورى إلى ألف عام
واسـتـحـبوا القعود بعد القيام
ثـم شـدت لـسـانـهـا بلجام
ركـنـت بـعـده إلى استسلام
غير قصد الصحرا ونصب الخيام
كـفـراق الأرواح لـلأجـسام
لقد أصبحَ الأكثرُ سلامةً الأخلصَ عبوديةً..والأعلى فخراً الأقرب أسراً .. والأنعم أمناً الأصغر سجناً.. والأوفر عِزّةً الأكرم تنازلاً.. والأبلغ نُطقاً الأكثر صمتاً.. والأحسن قولاً الأكذب حديثاً !
لذلك فقد أصبح اليأسُ أدنى إلى النفوس من الأمل ، والإحباط ألصقُ بالوجدان من التفاؤل والانكسار أجلى بالهمم من الزهو، والدموع أقرب للعيون من الإبتسامه!!
وطـالَ دربـي ومـا أدركت غايته
وطـال صبري على أوجاعنا زمناً
مـتـى نـمـوتُ لكي تهتزُ ألويةٌ
مـتـى سيمضي بنا التاريخُ معتزماً
يـا أمـتـي إن سوط القهر يجلدني
وضلّ في السيرِ مني السمعُ والبصرُ
ورغـم أوجـاع هذا الصدر انتظرُ
مـن الـفـتوحِ ويعلو الفتحُ والظّفرُ
يـروي لأحـفـادنا من عزمنا سِيرُ
رغـم الـجراح ففي أعطافيَّ النُذرُ
متى نعمل لاسترجاع أسباب القوة المطلوبة لقيادة العالم من جديد، ومتى نملك الشروط الموضوعية التي وضعها الله عز وجل وفق سنن ونواميس متى يمكننا الخلاص من الثقافة الانهزامية ونعمل على إصلاح موقفنا من الدين ومن أنفسنا و معالجة مساوئنا ليحق لنا الاعتزاز بالتاريخ القيادي!!؟
متى يمكننا الالتفات إلى الأمام !؟؟
المراجع
odabasham.net
التصانيف
أدب مجتمع