الآن بإمكان أي مستشرق أو عنصري يرى أننا كعرب لا نستحق ميراثنا وآثار الحضارات التي شهدتها بلادنا ان يقول إنه كل ما سرق من آثار خلال الحقبة الاستعمارية وكل ما بيع أو هرّب بعدها كان دفاعا عن الثقافة وعن منجزات انسانية وحماية لها من ايدينا
الآن نقدم العون لمن لم يستوعب انقضاض القطعان على المتاحف قبل البنوك كي يستوعب، لأن آخر ما انتجته عبقرية العرب في ربيعهم هو تدمير الآثار بدءا من مصر.. فأبو الهول صنم يخشى فقهاء هذا الوقت ان يعبد، ويخلط ابناء القرن الحادي والعشرين بينه وبين هبل والعزى | |
لا نذهب بعيدا إذا قلنا إننا نهدم وهم يرممون، واننا نهذي وهم يكتبون ويخترعون. وبعد ان اصبحت اهرام مصر رمزا لها ولتاريخها بدءا من صورتها في ادبيات الاستشراق حتى شكلها كمنديل في جيب عبدالناصر ثمة من يدعون لهدمها بدلا من ان يفكروا بالطريقة العجيبة التي شيدت بها، فأي اسم لهذا غير الانتحار الحضاري؟ بعد ان زحفت السياسة المؤدلجة على كل شيء حتى السياحة.
اقل ما سيقال إن العرب ليسوا أمناء على ما تبقى في بلدانهم من اطلال، لهذا يجب التدخل فورا لإنقاذها، وقد يسارعون الى تشكيل ناتو ثقافي لتحقيق ذلك.
لقد اوشكت آثار كثيرة في كل عواصمنا العربية على الاندثار لولا تدخل اليونسكو وانقاذ ما يمكن انقاذه، فنحن لا نرحم آثارنا وما تركه الاسلاف لنا من تواقيع على الحجر ولا نريد من احد ان يرحمها.
في سورية تولت الحرب -سواء سميت اهلية او طائفية- او اي اسم ثالث بعيدا عن كونها عاطفية تدمير القلاع في حلب وسائر مدن الشام وفي العراق تولت الفوضى الكوندليزية الخلاقة بعثرة احشاء المتاحف على الارصفة لتسرق وتهرب. أما في مصر فالشهوة للتدمير ذاتية ومحلية.
لقد نهب الاستعمار مسلات وحتى مدرجات بأبوابها وجدرانها، واصبحت مدرجة في اجنداته السياحية، وحين زارت الراحلة «ام كلثوم» باريس لأول مرة سئلت عن اهم مشاهداتها في العاصمة الفرنسية وكان السائل يتوقع منها ان تقول برج ايفل او كنيسة نوتردام لكنها اجابت بحزن وعينين دامعتين: المسلة المصرية تشعر بالوحشة بعيدا عن دفء مصر وحضن امها |
من حق الأمم ان تسخر كما تشاء وتضحك ملء الفم على ما يحدث الآن في هذا السيرك القومي المفتوح على مدار الساعة بالمجان.
ومن عجزوا عن مجابهة الحاضر الصعب ولم يفعلوا شيئا للمستقبل الذي اصبح كمينا لأحفادهم اتجهوا الى الماضي لتدميره فكرا وفنا وعمرانا.
لدينا أهرام من التخلف اولى بالهدم من اهرام الفراعنة لكننا لا نراها.
فنحن نهدم ومن نسميهم اعداءنا يرممون | | |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة خيري منصور جريدة الدستور
|