الحَوَاسُّ في اللغة: المشاعر الخمس وهي: السمع، والبصر، والشم،والذوق، واللمس. وفيها الكلام عن أذن الإنسان.
واختلف العلماء في أذن الإنسان هل هي من الرأس ؟ أم أنها عضو مستقل لا من الرأس ولا من الوجه ؟
مقدمة:
الأُذُن: العضو الحسي الذي يُمكّننا من السمع، والذي هو أحد أهم الحواس.
ومن فوائد السمع أنه يحذرنا من الأخطار كسماعنا صوت تحذير بوق السيارة أو صفارة القطار، وحتى أثناء النوم قد نسمع جهاز التحذير من الحريق، أو نباح كلب الحراسة،
كذلك يمنحنا السمع المتعة عند تغريد الطيور، وأصوات الأمواج التي تتكسر على الشاطئ.
فكل شيء يتحرك يحدث صوتًا، والصوت يتكون من اهتزازات لجزيئات الهواء التي تنتقل في موجات، ثم تدخل هذه الموجات إلى الأذن، حيث تتحول إلى إشارات عصبية تُرسل إلى الدماغ الذي يقوم بدوره بترجمة هذه الموجات إلى أصوات.
وللأذن وظيفة أخرى بالإضافة للسمع وهي حفظ التوازن، فهي تحتوي على أعضاء خاصة تستجيب لحركات الرأس فتعطي الدماغ معلومات عن أي تغيير في وضع الرأس، فيقوم الدماغ ببعث رسائل إلى مختلف العضلات التي تحفظ الرأس والجسم ثابتين،كما في حال الوقوف، أو الجلوس، أو السير، أو أي حركة أخرى.
ولكثير من الحيوانات آذان مشابهة لآذان الإنسان، ويملك بعضها حاسة سمع قوية جدًا، والسمع مهم أيضًا لأمان وبقاء العديد من الحيوانات، فالأصوات تحذرها من اقتراب الأعداء أو أي خطر آخر، كما يقوم بعضها بالغناء أو الهسهسة أو الدندنة أو إصدار أصوات أخرى للتفاهم فيما بينها.
معنى السمع في القرآن العزيز:
يتضمن السمع ثلاث درجات معروفة في علم وظائف الأعضاء، وهي مذكورة في كتاب الله تعالى، فأول ذلك: الإحساس بالصوت دون فهم، وذلك مثل: مثل الطفل الوليد الذي لا يفقه معنى الكلام وهو يحس بالصوت لكنه لا يفقه معناه، أو كالدواب السارحة التي إذا نعق بها راعيها، أي دعاها إلى ما يرشدها فلا تسمع إلا دعاءه ونداءه، فلا تفهم ما يقول، بل إنما تسمع صوته فقط، وهذا مذكور في قول الله تعالى:
وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لاَ يَسْمَعُ إِلاَّ دُعَاء وَنِدَاء [البقرة: 171]
والثاني: هي الإحساس بالصوت مع الفهم وذلك في قوله تعالى:
وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ [البقرة: 75]
والثالث: هي الإحساس بالصوت مع الفهم بالإضافة إلى الاقتناع والإيمان والطاعة وهي أعلى درجات السمع التي تُمنح للمؤمنين كما في قوله تعالى: إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ..[الأنعام: 36]
هذه المعاني الثلاثة تتوافق مع ما هو معروف في علم وظائف الأعضاء من الإحساس بالصوت والتمييز والفهم والوظائف العليا الأخرى للمخ التي تتضمن العواطف والإرادة والتصرفات.
والقرآن العزيز فرّق بين السماع والاستماع والإصغاء والإنصات بطريقة بليغة ودقيقة ومناسبة للموقف:
فالسمع يكون بقصد ومن دون قصد، ومثاله في كتاب الله العزيز قوله تعالى: وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ [القصص: 55]
والاستماع يكون بقصد من أجل الاستفادة، قال الله تعالى: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ [الأحقاف: 29]
والإصغاء: حيث التركيز وتفاعل القلب والمشاعر، قال تعالى: إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا [التحريم: 4]
والإنصات هو ترك الأشغال والسكوت والتفرغ للاستماع، وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُواْ لَهُ وَأَنصِتُواْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف: 204]
وعن أبي موسى الأشعري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: "إنما جُعِل الإمام ليؤتمّ به فإذا كبّر فكبّروا وإذا قرأ فأنصتوا". أخرجه مسلم في صحيحه ورواه أهل السنن.
السمع في الآخرة:
ذكر القرآن أن السمع في الآخرة هو من وسائل التنعيم والتكريم للمؤمنين وأن الحرمان منه من أنواع العذاب المعدة للكافرين.
فلما كان المؤمن هو المستفيد بسمعه في الدنيا وهبه الله أفضل السماع بالآخرة فقال تعالى:
لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلَا تَأْثِيماً * إِلَّا قِيلاً سَلَاماً سَلَاماً [الواقعة: 25-26 ]
ولما عطّل الكافرُ سَمَعَه بالدنيا حرمه الله السمع في الآخرة، قال تعالى:
لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ [الأنبياء: 100]
أهمية السمع:
إن السمع أهم وسيلة من وسائل التعلم والإدراك، قال الله تعالى:
وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل: 78]
ومن العجيب في هذه الآية أن الله سبحانه وتعالى قال فيها: لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئاً.
لذلك قد يقال:
كيف خرج من بطن أمه وهو لا يعلم شيئاً ولا يفقه معناه ؟ و الجنين داخل بطن أمه يحس بالصوت !
فيجاب عن هذا:
أن الجنين في بطن أمه يدرك ولا يعلم، والإدراك غير العلم.
فالله تعالى جعل لهم السمع والأبصار والأفئدة قبل الخروج من بطون الأمهات، وإنما أعطاهم العلم بعد الخروج.
وحين يبدأ الله سبحانه وتعالى بشيء ويقدمه على غيره يكون لذلك دلالة، والنبي صلى الله عليه وسلم لما بدأ بالسعي بين الصفا والمروة بدأ بالصفا وقال: أبدأ بما بدأ الله به، فالبدء بما بدء الله به يدل على أهميته وتقدمه كما جاء التقديم للسمع.
وقد برهنت الاكتشافات الطبية أن السمع أهم من البصر وذلك من كل الجوانب، فإذا أخذنا مقارنة بسيطة بين الأذن والعين نلاحظ أن:
العين والبصر
1 البصر يحتاج إلى النور فنحن لا نستطيع أن نرى في الظلام.
2 البصر حاسة شعورية يخضع لإرادة صاحبه بمعنى أنه بإمكاننا أن نرى أو لا نرى حسب إرادتنا الشخصية وبإمكاننا أن نلفت نظرنا عن شيء لا نرغب في رؤيته.
3 العين تنام وتستريح بالليل لأننا لا نرى شيئاً بالليل إلا في الرؤى و الأحلام.
الأذن والسمع
الأذن تمكننا من السمع وحاسة السمع لا شعورية، أي أننا نسمع في الليل والنهار وفي النوم واليقظة، لأن الأذن لا تنام.
* نشأة حاسة السمع وتطورها:
يقول العلم الحديث: إن الجهاز السمعي يبدأ تخلقه منذ بداية الأسبوع الثاني للجنين، وهو في رحم أمه، ويكون ذلك على هيئة حفرة على جانبي الرأس، ثم تصبح حويصلة ثم تستطيل، ثم تتكون الأذن الداخلية، وبعد ذلك يتكون الدهليز السمعي، ثم تتصل بالعصب السمعي... وبتقدم وسائل العلم ثبت أنه بإمكان الجنين أن يسمع الأصوات منذ الشهر الرابع، فهذا عالمٌ آخر تكفل به العليم الخبير.
فالأذن هي أول عضو من أعضاء البدن في التخلُق.
ومن إعجاز القرآن أيضاً أنه ذكر أن وظائف الجسم الحيوية كلها تتقهقر بتقدم العمر كما في قول الله تعالى: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ [يس: 68]
وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوراث منا.
قال العلماء: معنى اجعله الوارث منا: أي أبقها صحيحة سليمة إلى أن أموت.
و كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يقول: اللهم لك سجدتُ وبك آمنتُ ولك أسلمتُ
سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشقّ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين.
والنبي صلى الله عليه وسلم لخص لنا علم الأجنة البشري في كلمة واحدة في خلق الأذن
والكلمة المقصودة كلمة: " شق سمعه وبصره "، وليس هناك كلمة أبلغ ولا أخصر من هذه الكلمة في وصف تخلق الأذن.
حيث الأذن تتكون من ثلاثة أجزاء: أذن خارجية، ووسطى، وداخلية.
الأذن الداخلية هي العضو الرئيس في السمع وهي التي تبدأ في التخلق أولاً، وهي تبدأ بصحيفة ثخينة من الأذين الظاهر،هذه الصحيفة تبدأ وتغطس داخل الجسم حتى تفقد اتصالها بالسطح ثم تتشكل بعد ذلك على هيئة قنوات محفورة بعناية وإحكام وإتقان وزوايا محسوبة بدقة حتى تخدم وظيفة السمع ووظيفة التوازن، ولكن تبقى هذه الأذن معزولة عن السطح وتريد أن تتصل بالهواء الخارجي كي تستقبل الأصوات، وتريد أن تتصل بتجويف الإنسان كي يتعادل الضغط على جانبي الطبلة ومن ثم تبدأ الأذن الخارجية على هيئة شق وتبدأ كتلة خلوية في التكون ثم تبدأ هذه الكتلة الخلوية في أن تتفرغ من محتواها لتتكون الأذن الخارجية وهي عبارة عن شق من الخارج إلى الداخل، و هناك شق آخر من الداخل إلى الخارج هو قناة ستاكس وتجويف الأذن الوسطى وهذه تقابل الشق الداخلي وقبل الشق الخارجي، ويفصل بينهما غشاء واحد رقيق هو غشاء الطبلة
ومن ثم تتلخص تكوين الأذن الخارجية والوسطى والداخلية في كلمة " شقَ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين "
ولما كانت الأذن كاملة التكوين عند نزول الإنسان بل وقبل نزول الإنسان، فالأذن الداخلية تصل إلى كمالها وحجمها حتى في البالغ في الأسبوع الثاني والعشرين في منتصف فترة الحمل تقريباً
ولما كانت الأذن هي الحاسة المكتملة وحدها عند الولادة كان من سنته صلى الله عليه وسلم أنه يؤذن في أذن المولود، كما في الحديث الذي رواه الترمذي عن عبيد الله أبي رافع عن أبيه قال: " رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أُذُن الحسن بن علي حين ولدته فاطمة بالصلاة ".
وما يلفت النظر أن التعليم هنا بدأ مبكراً جداً، بدأ بعد الولادة ولكن أثبتت الدراسات أن خلايا المخ تتكون بينها الاتصالات العصبية بحسب المؤثرات الخارجية، وليس هناك ما هو أهم من الأذان بما فيه من معاني من إعلامه بالتوحيد أول ما يقرع سمعه عند قدومه إلى الدنيا.
والشيء الآخر الملفت للنظر أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن المولود !
فلماذا لم يؤذن في المكان الذي يوجد فيه المولود طالما أن الأذن تكون مكتملة من الناحية التشريحية ومن الناحية الوظيفية ؟ ولماذا أذن في أذنه ؟ المعروف أنه عند الولادة يكون هناك سائل الأمنيوسي amniotic fluid هذا يملئ كل تجاويف الجنين بما فيها تجويف الأذن الخارجية والوسطى ومن ثم يحدث ضعف في السمع يقدر من 20 – 40 ديسيبل، ومن ثم فلو أذن في المكان وليس في أذنه قد لا يسمع المولود ومن ثم لا تكون الفائدة.
قصور الأذن البشرية:
يتكون الصوت من ذبذبات تسير في موجات عبر الهواء أو الأرض أو مواد وأسطح أخرى. وتختلف الأصوات من حيث التردد والشدة، فالتردد هو عدد الذبذبات التي تحدث كل ثانية وتقاس بالهرتز، والهرتز يساوي ذبذبة واحدة كل ثانية، والصوت ذو التردد العالي له درجة نغم عالية. وبالمقابل فإن الصوت ذا التردد المنخفض له درجة نغم منخفضة. ويتراوح مدى السمع الطبيعيّ للإنسان ما بين 20 و20،000 هرتز. وتقل قدرة الإنسان على سماع الأصوات ذات التردد العالي مع التقدم في العمر، أما شدة الصوت فهي كمية الطاقة في موجة الصوت، وهي تقاس بالديسيبل.
لكن أذن الحيوانات كما هو معروف تتفوق على أذن الإنسان كثيراً حتى إن الخفافيش والدلافين تستطيع أن تسمع لغاية 120000 ذبذبة لكل ثانية.
فالخفافيش تستطيع سماع الأصوات ذات التردد العالي جدًا بدرجة أفضل من الإنسان، فالخفاش هو حيوان ليلي يعيش في الكهوف، وينشط أثناء الظلام، ولذلك فإن الرؤيا عنده لا قيمة لها.
ويعتمد الخفاش على السمع في حركته وذلك من خلال الاستعانة ببروز يسمى محدد موقع الصدى،إذ يُطلِق نبضات فوق صوتية تنعكس من أي شيء يقع في طريقه أثناء الطيران فيسمعها بأذنيه الكبيرتين، ويقرر بكل دقة بُعد الأشياء والفريسة تماماً، وكذلك يحدد بشكل رائع اتجاهها، وقد قلده البشر، وقلده العلماء ودرسوا هذه الظاهرة، وكانت هي القاعدة الأساسية التي أقاموا عليها فكرة الرادار في اكتشاف الطائرات، فسبحان رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى.
وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ [الأنعام: 38]
دلت السنة النبوية على أن الأذن البشرية قاصرة عن أذن المخلوقات
ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما من يوم طلعت فيه الشمس إلا وبجنبتيها ملكان يناديان يسمعه خلقُ الله كلهم إلا الثقلين. هذا هو موضع الشاهد: خلقُ الله كلهم إلا الثقلين، والجنبة بسكون النون الناحية، والثقلان: الإنس والجن.
وعن أبي سَعيد الخدرِيِّ، رضي اللَّه عَنه، أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « إذا وُضِعتِ الجَنَازَةُ واحْتمَلَهَا النَّاسُ أَو الرِّجالُ عَلى أَعْنَاقِهمِ، فَإِنْ كانَتْ صالِحَةً قالَتْ: قَدِّمُوني قَدِّمُوني، وَإنْ كانَتْ غَير صالحةٍ، قالَتْ: يا ويْلَهَا، أَيْنَ تَذْهَبُونَ بَها ؟ يَسْمَعُ صَوتَها كُلُّ شيءٍ إلاَّ الإِنْسَانُ، وَلَوْ سَمِعَهُ لَصَعِقَ » رواه البخاري.
* حاسة السمع أثناء النوم:
قد قدمنا أن الحواس عند النوم تتعطل، لكن تبقى حاسة السمع تعمل، ومن ثم ذكر الله عز وجل وربط بين النوم والسمع في آيات عديدة منها:
قوله تعالى:
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاء أَفَلَا تَسْمَعُونَ [القصص: 71]
فربط بين السمع والليل، و معنى سَرْمَداً: أي دائماً.
وفي سورة الكهف قال تعالى: فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً [الكهف: 11]
فربط بين الضرب على الأذن وبين النوم دون استيقاظ هذه الفترة الطويلة.
والضرب هنا التعطيل والمنع، والمراد: أي عطلنا حاسة السمع عندهم مؤقتا والموجودة في الأذن والمرتبطة بالعصب القحفي الثامن.
وأيضاً تم تعطيل الجهاز المنشط الشبكي (ascending reticular activating system) الموجود في الجذع الدماغ والذي يرتبط بالعصب القحفي الثامن أيضاً (فرع التوازن)حيث
إن هذا العصب له قسمان:فأما الأول: مسؤول عن السمع، وأما الثاني: مسؤول عن التوازن في الجسم داخلياً وخارجياً ولذلك قال الله سبحانه: (فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ) ولم يقل (فضربنا على سمعهم ) أي إن التعطيل حصل للقسمين معاً وهذا الجهاز الهام مسؤول أيضاً عن حالة اليقظة والوعي وتنشيط فعاليات أجهزة الجسم المختلفة والإحساس بالمحفزات جميعا وفي حالة تعطيلية أو تخديره يدخل الإنسان في النوم العميق وتقل جميع فعالياته الحيويه وحرارة جسمه، فسبحان اللطيف الخبير.
ودل القرآن الكريم على أن الصوت العالي ضار على الأذن وعلى البدن فأما ضرره على الأذن فهو في قول الله تعالى عن يوم القيامة: فَإِذَا جَاءتِ الصَّاخَّةُ [عبس: 33]
قال المفسرون:
الصَّاخَّةُ الصيحة تُصم الآذان لشدتها، أي تصيبها بالصمم، ومنه سُميت القيامة الصاْخَّةُ.
وهذا يعتبر أول توثيق علمي بأن الصوت العالي يصيب الأذن بالصمم.
قال صاحب القاموس المحيط: الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذُنِ وثِقَلُ السَّمْعِ.
وأما ضرره على البدن: فيتمثل الإعجاز بأن الصوت العالي لا يؤثر فقط على الأذن وإنما يؤثر إذا زاد عن المدى السمعي للأذن على بقية أعضاء البدن، ومن ثم فقد أهلك الله سبحانه أقواماً بالصيحة كما في قوله تعالى: إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ [يس: 29] وكما في قوله تعالى: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ [الأعراف: 78]
ومن المعروف أن الصوت عبارة عن نوع وشكل من أشكال الطاقة وهو عبارة عن تضاغطات وتخلخلات في الهواء، وإذا زادت هذه التضاغطات والتخلخلات عن الحد المسموح به بالنسبة للأذن ضرت الأذن، وإذا زادت عن طاقة احتمال الأذن تضر بقية الأعضاء فيصاب الإنسان بالإجهاد والضيق والتوتر العصبي وعدم التركيز ويؤثر على القلب والجهاز الدوري فيصاب بسرعة النبض وارتفاع ضغط الدم وتتزايد هذه التأثيرات حتى تصل إلى ذروتها في الانفجارات المصاحبة للقنابل الضخمة وذلك لأن هذا الانفجار يطلق طاقة عظيمة جداً في وقت قصير جداً، يتبدد جزء من هذه الطاقة على صورة حرارة عالية تصل إلى أربعمئة درجة مئوية والجزء الآخر يطلق على هيئة زيادة في الضغط يمكن يصل إلى بضع مئات من الضغط الجوي، وهذا الضغط الشديد والمنتشر خلال الأرض يمكن أن يحدث رجفة مشابهة للزلازل ذات المدة القصيرة، و من هنا عبّر القرآن العظيم تارة بالصيحة وتارة بالرجفة
وهذا الأثر الذي تتركه الصيحة يصل إلى تدمير الأعضاء الرئيسية والأوعية الدموية وانفجار الرئتين يصاحبه توقف للقلب والدورة الدموية مما يؤدي إلى وفاة الإنسان.
والقرآن الكريم قد سبق كل المعارف البشرية حين قرر إهلاك بعض الأمم بالصيحة، والمتأمل في الآيات التي ذكرت هلاك بعض الأقوام بالصيحة يعجَب من دقة الوصف لوسيلة العذاب ولأثرها على المعذبين، كما في قوله تعالى: إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ [يس: 29]
ويبقى الشرف العظيم للأذن حين وصف الله تبارك وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بأذن الخير عندما أراد المنافقون أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا عنه هو أذن أي سمّاع لكل قول يجوز عليه الكذب والخداع ولا يفطن إلى ذلك، فأخذ الله من قولهم رداً عليهم فقال تعالى: وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ [التوبة: 61]
نعم هو النبي الأمي محمد صلى الله عليه وسلم أذن خير للناس يستمع إلى الوحي ثم يبلغه لهم وفيه خيرهم وصلاحهم.
وماذا بعد ما قالوه عن القرآن ؟
وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ.
المراجع
وردود موسوعة " الأسرة السعيدة "
التصانيف
اصطلاحات