الدافع من هذه الدراسة أن تحفظ للمعوق كيانه وكرامته التي أوجدها الله – تعالى – فيه بإنسانيته التى كرمه الله – تعالى - من خلالها , كما أنها قد تنفع المجتمع بأسره عندما يعلم بأن المعوق فرد من أفراد المجتمع لا ينفصل عنه , بل لابد أن يذوب فيه , وأن يكتسب أفراد المجتمعات ثقافة التعامل الصحيح مع المعوق مما يؤدي إلى أن يعيش المعوق آمنا مطمئنا لأنه يعلم أن من حوله يتعامل معه بحب صادق وليس من باب الشفقة أو الازدراء .
واقتصرت فيها على الإعاقة الحسية التي تشمل الأعمى والأخرس والأصم , والإعاقة الطرفية التي تشمل المقطوع والمشلول في اليد أو الرجل , والإعاقة العقلية ( الجنون) حيث أن هناك إعاقات كثيرة مثل بعض الأمراض التي تعيق الإنسان عن الحركة كأمراض القلب , كما أن هناك إعاقات اجتماعية كمعوقات العمل , أو العقبات التي تقف في طريق الإنسان فهذه لها مجالها , أما الدراسة التي تناولتها فقد اعتمدت كليا على الإعاقات الظاهرة والكاملة , فلا تشمل الدراسة المعوق جزئيا كالأعور , أو الذي يحتاج إلى أداة طبية تساعده مثل سماعة طبية , أو نظارة للرؤية.
واتبعت منهج عرض المسألة المتعلقة بالمعوق – أيا كانت إعاقته – ثم الإتيان بأقوال الفقهاء فيها , وأدلتهم ومناقشة هذه الأدلة , ثم عمدت إلى الترجيح من بينها ترجيحا لا يعني خطأ الآخرين , وسرت على هذا المنهج في كل أبواب الفقه من عبادات ومعاملات وأحوال شخصية من زواج وما يترتب عليه , وطلاق وآثاره , ثم إلى الجنايات والعقوبات , وقد اجتهدت في بعض المسائل المستحدثة , والتي لم أجدها في كتب الفقه على المذاهب المختلفة – حسب اطلاعي - سائلا المولى - تبارك وتعالى - أن أكون قد أصبت فيها وقد قسمت هذه الرسالة إلى باب تمهيدي , تناولت فيه تعريف الإعاقة , وبيان أنواعها , ومعرفة أسبابها , وتاريخها , وكانت الأسباب تدور بين وراثية , ومرضية , وبيئية , ثم تناولت مكانة المعوقين في الشريعة الإسلامية , ومكانتهم في القانون , ومدى نظرة الناس إليهم ثم ذكرت في الباب الأول أحكام المعوقين في الشريعة الإسلامية , وقد قسمته إلى ثلاثة فصول تناولت في الفصل الأول أحكام معوق الحاسة ( الأعمى – الأخرس – الأصم ) بدءا من إسلامه , ومرورا بتصرفاته وموقف الشريعة الإسلامية منها من عبادات , ومعاملات , كما تناولت أحواله الشخصية بالتفصيل لأن هذه تُهمّه في حياته , ولا يمكن له الاستغناء عنها , وبينت أنه مثل سليم الحواس في ذلك فله الزواج وتكوين الأسرة , ويسأل عن أبنائه , ويعمل على تربيتهم , كما أن له أن ينفصل عن زوجته إذا حدث ما يجعل الحياة بينه وبين زوجته أمرا مستحيلا , وفي كل يترتب ما يلزمه من آثار سواء في حالة قيام الزواج أو انتهائه , ثم تعرضت لأحكام توليه القضاء , والإمامة العظمى , وكانت آراء الفقهاء حريصة كل الحرص على مصلحة المجتمع فمنعوا معوق الحاسة من تولي ذلك حتى لا تتعطل مصالح الناس ولتحري الحق وسماع الصدق في القضايا المتنوعة , وكذلك تعرضنا لجناياته والعقوبات المخصصة لكل جناية , ووجدت أن حكمه فى ذلك لا يختلف عن سليم الحواس إلا فيما يتعلق بأحواله الخاصة , كما لو اعتدى أعمى على غيره فتسبب في عماه فهنا يمتنع القصاص لعدم المساواة , وكذا الأخرس والأصم .
المراجع
موسوعة ابن الإسلام
التصانيف
عقيدة