ما دمنا في موسم ستقوم فيه الحكومة بزيادة رواتب العاملين والمتقاعدين في اجهزة الدولة، وربما اعادة هيكلة راتب الوظيفة العامة؛ ما دمنا مقبلين على هذه الخطوة الكبيرة والمهمة، فإننا نتمنى ان ندخل موسم اعادة الاعتبار للراتب خارج اطار الوظيفة العامة. وهنا نتحدث عن فئات اخرى عديدة، اولها متقاعدو الضمان الاجتماعي الذين تجمدت رواتبهم من دون اي تعديل منذ خمسة أعوام.
ومن الانصاف ان اشير الى ان مدير عام مؤسسة الضمان الاجتماعي ذكر ان تعديلا سيجري على قانون الضمان الاجتماعي يرفع الحد الادنى للراتب التقاعدي، وان ربطا سيتم بين الراتب التقاعدي لكل متقاعدي الضمان ومستويات التضخم ومستوى المعيشة. وهذا يعني ان رواتب المتقاعدين ستشملها الزيادة، لأن مستويات التضخم ارتفعت خلال الأعوام الاخيرة.
مدير الضمان وعد في حديث تلفزيوني ان يتم عرض هذا القانون على مجلس النواب في دورته الحالية. وهنا نطالب مؤسسة الضمان والحكومة بالإسراع في عرض القانون وإقراره حتى تتزامن عمليات رفع رواتب العاملين والمتقاعدين في الدولة مع التعديلات الايجابية المتوقعة على رواتب متقاعدي الضمان. والوقت متاح امام مؤسسة الضمان والحكومة لاعلان هذا من خلال رد الحكومة على مناقشات الموازنة. كما ان عمر الدورة العادية بقي منه شهران يكفيان لمناقشة التعديلات على قانون الضمان الاجتماعي.
ونذكّر الحكومة بتعديلات قانونية ضرورية لورثة المتقاعدين من الحكومة والجهاز العسكري، إذ لدينا حالات من زوجات المتوفين تحصل الواحدة منهن على 35 أو40 دينارا راتبا تقاعديا، مطلوب منه ان يوفر لها حياة كريمة! وهذا الراتب يصبح الدخل الوحيد لهذه السيدة عندما يتجاوز ابناؤها سنا معينة وتتزوج البنات؛ فهل يكفي مبلغ 40 دينارا خبزا لسيدة كبيرة في السن؟! وهناك حالات من ارامل الشهداء تتقاضى الواحدة منهم تقاعدا لا يزيد على 50 دينارا! ويشمل هذا ورثة المتقاعدين من الضمان الاجتماعي، إذ تتقاضى الارملة مبلغا مثيلا، ولا يزيد عن 40 دينارا!
كما نذكّر الحكومة -ونعتقد انها مدركة لهذا- بأوضاع عمال المياومة والفئات ذوات الرواتب المتدنية. نقول هذا لأن موسم اعادة هيكلة الرواتب قد لا يتكرر لأعوام قادمة. ولهذا، نتمنى ان تكون عملية الزيادة واعادة هيكلة الرواتب حقيقية وصالحة لمساعدة الموظف على مواجهة متطلبات الحياة الكريمة، اي ان تشمل كل الفئات، سواء الخاضعة لنظام الخدمة المدنية، او التي تعمل في القطاع الحكومي وفق اشكال التوظيف الاخرى.
أيضا، نذكر الحكومة عندما تقوم بالزيادة او الهيكلة ان تكون عادلة، اي أن لا تكون كريمة مع اصحاب الرواتب والمواقع المرتفعة والكبيرة، وتمارس التقشف والترشيد لعامة الموظفين. فقبل أعوام، قامت احدى الحكومات بصرف علاوة شهرية -ماتزال تصرف حتى الان- للامناء والمديرين العامين وصلت الى 500 دينار شهريا، بينما كانت الحكومات تصرف زيادة بدل رفع اسعار المحروقات تتراوح قيمتها بين 3 دنانير عاما، و5 دنانير عاما آخر!
لتعطي الحكومة الوزراء والمديرين والامناء ما تشاء، لكن لتعطي الناس بنسب متساوية وبعدل. واذا كانت هناك قناعة بأن راتب الامين العام لا يكفيه أو قليل، فليتم الانصاف، لكن ليُعطى الجميع ما يحقق الانصاف.
وربما على الحكومة ان ترفع ظلما مارسته حكومات عديدة على المديرين والامناء العامين؛ فبعضهم يتقاضى راتبا وفق نظام الخدمة، وبعض آخر يتقاضى اضعاف هذا الراتب لانه مدير او امين بموجب عقد. لهذا نجد مديرا يتقاضى 900 او 1000 دينار، واخر بعقد يتقاضى 2200 دينار مثلا. مطلوب معالجة الاختلالات والتفاوت الذي لا يصنعه النظام، بل تصنعه الواسطات وعمليات "التزبيط".
وما دامت الحكومة تحدثت كثيرا عن الهيكلة، ووعدت بتحسين ظروف المعيشة، فإننا نتمنى ان لا تكون نتائج كل هذا اقل بكثير من الوعود. فالهيكلة لن تكون كل عام، وكثرة الحديث عنها رفع سقف توقعات الناس، ونتمنى ان لا تكون النتيجة 10 دنانير او محيطها. كما نتمنى ان لا تكون الهيكلة مدخلا إلى مضاعفة رواتب الكبار من اصحاب المواقع، مقابل بضعة دنانير لعامة الموظفين والمتقاعدين.

المراجع

جريدة الغد

التصانيف

صحافة  جريدة الغد   سميح المعايطة