بين يدي قضية تتجاوز اطرافها، لان لها مثيلات كثيرة. وكما يقول صاحبها، الرجل الاكاديمي الاردني، فانه مطلع على حالات عديدة في محيط مؤسسته الاكاديمية على الاقل، ومن المؤكد ان السلوك الاجتماعي متوفر مع ذات العقلية في اماكن اخرى.
الحكاية باختصار تعرض المدرسين في الجامعات الى تهديد ووعيد من قبل بعض الطلبة للحصول على النجاح اذا ما شعر هؤلاء بانهم سيرسبون في المادة. إذ يلجأ الطالب منهم الى التهديد بالضرب او بأي وسيلة ايذاء. واحيانا يأتي التهديد اذا ما فشلت الواسطة، او اذا كانت الواسطة لا تنفع، لان وضع الطالب في المادة صعب كونه لا يحتاج الى علامة او اثنتين فقط.
الاستاذ الجامعي الذي سمعت قصته ليس خائفا على الصعيد الشخصي، لأنه قادر على حماية نفسه؛ لكنه يقول ان المشكلة اذا ما كان التهديد -بأشكاله- يتم مع مدرس وافد يسعى إلى "السترة"، وليس لديه استعداد للمشاكل ولا للذهاب الى الشرطة، او حتى تقديم شكوى ادارية لرئاسة الجامعة. ومثل هذا التهديد قد يأتي بنتيجة، ولا سيما اذا ما تطور الى هواتف ورسائل وتوضيح للمدرس عن "اصل وفصل" الطالب، وكيف ان الضرب هو امر عادي... وغيرها من الاساليب!
من المفهوم في الجامعات ان يكون هنالك طالب خرّيج يحتاج الى علامتين او ثلاث حتى يتخرج، ويريح عائلته التي تستدين قسط كل فصل، وهنا تتحول القضية الى بعد انساني يمكن تفهمه، لكن هذا لا علاقة له بدخول طالب على استاذه يهدده بالانتقام اذا لم يعطه علامة النجاح! واذا كان بعض الاساتذة الجامعيين يرفضون، فكيف نضمن ان عمليات التهديد لا تجد صدى واستجابة من اخرين، وبخاصة ممن قد يخافون او لا يحبون المشاكل؟!
وربما تقودنا ظاهرة التهديد والترهيب الى اسلوب الترغيب الذي قد يمارس، او اسلوب الاستعراض لمن كان ابن جاه ومال ونفوذ. وهنا نضم هذه الظاهرة السلبية الى ظاهرة العنف الجامعي والهوشات، لكن تهديد الهيئة التدريسية اكثر خطورة، كونه يعني ان لدينا مجموعة او فئة تفشل في الحصول على النجاح بمجهودها ودراستها، فتلجأ الى التهديد.
ليست لدي ارقام عن حجم هذه الظاهرة، لكن مما سمعته من اكاديمي واستاذ جامعي تعرض للتهديد، هناك تكرار لهذه الظاهرة في جامعته، وهو لا يستبعد ان يكون الامر موجودا في جامعات اخرى، حكومية وخاصة. ويفترض ان تحظى هذه الظاهرة، حتى وان كانت في بدايتها، بمتابعة واهتمام، للحفاظ على هيبة الهيئة التدريسية في الجامعات، ولضبط العملية التعليمية، وإعطاء القانون والنظام موقعه؛ لا ان يبقى المدرس -وبخاصة ذاك الذي لا يملك حماية او لا يحب المشاكل- تحت هواجس الترهيب من الطلبة. واذا عرف طلبة كلية ما ان استاذا يستجيب للتهديد، او أن "حيطه واطي"، فإن ذلك يصبح ثغرة في اداء الاساتذة والجامعة.
ما بين التهديد والترغيب والهوى قضايا اكاديمية تضاف الى الهوشات والعنف بين الطلبة. وتبدو كل هذه القضايا تحديات حقيقية امام ادارات الجامعات ومجلس التعليم العالي، بل امام المجتمع ككل.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة