ليس واضحاً بعد فيما إذا كان "توقيت" تصريحات وزير الصناعة والتجارة حاتم الحلواني، عن استبدال الدعم الحالي للطحين بدعم مباشر للمواطنين أو عبر "البطاقة الذكية"، جاء بتنسيق مع رئيس الوزراء، أم أنه اجتهاد شخصي من الوزير، ولكنها عززت من المناخات السياسية الغاضبة من الحكومة داخل القبة وخارجها، فالحكومة تواجه امتحاناً عسيراً مع المجلس، قد يؤدّي إلى الإطاحة بها، في حال جاء قرار الكهرباء خلال الدورة العادية؛ فما هي الجدوى والحكمة اليوم من وضع ملف آخر حسّاس للمواطنين أمام الرئيس؟!
خبراء اقتصاديون يؤكّدون أنّ موضوع "الخبز" ليس مطروحاً الآن، حتى ضمن الاتفاقية مع صندوق النقد الدولي، رغم أنّه موضوعٌ للتداول والنقاش منذ ثلاثة أعوام، وزادت أهميته مع الكمّ الهائل من اللاجئين، وهو في مضمونه مطروح بقوة، لكنه مرتبط بالبطاقة الذكية، التي تحتاج وقتاً للإنجاز والانتهاء منها، في ظل عدم وجود قبول نيابي وشعبي لفكرة الدعم المباشر، كما حصل في أسعار الوقود. فالحكومة ليست "مضطرة" إلى فتح مثل هذه الجبهة أو المعركة في الوقت الحالي، الذي تحتاج فيه إلى تمرير قرار أكثر أهمية وخطورة، مرتبط باتفاقيات وتعهدات لمواجهة أزمتها المالية!
هذا وذاك يضاف إلى جبهة "قانون المطبوعات" التي فتحتها الحكومة، حالياً، لتفتح شهية الخصوم وتقوّي الجبهة السياسية والنيابية المناوئة لرئيس الحكومة، وتضعف تماماً أصوات النواب الذين يتعاطفون مع الرئيس، فيبدو موقفهم ضعيفاً وخجولاً، ويدفعهم إلى الانزواء والاختفاء، كي لا يصنَّفوا من المؤيدين لمثل هذه القرارات غير الشعبوية، على الأقل أمام قواعدهم الانتخابية!
في الأثناء لا تشي المؤشّرات والانطباعات الأوّلية، من اللقاءات التي ينهمك فيها الرئيس مع اللجان النيابية، بأنّ مناوراته تنجح في "تليين" المجلس، بالرغم من طرحه لسيناريوهات متعددة تبُعد "شبح" الرفع المباشر عن أغلب الأسر، وهي التي يقل استهلاكها للكهرباء عن 50 ديناراً شهرياً.
يقول نوّاب بأنّ المشكلة ليست في الرفع المباشر، بل غير المباشر، الذي سيمسّ أغلب السلع والخدمات، إذ من الواضح أنّ الحكومة لا تملك آليات قانونية وإدارية ورقابية للسيطرة عليها، ولا تبذل مجهوداً لذلك. ويضيفون بأنّ الرئيس لا يتجاوب بجدِّيّة مع بدائل النواب، التي تعهّد بمناقشتها، مثل تبنّي وسائل أكثر قوة ونجاعة لمواجهة التهرب الضريبي، وطرح قانون ضريبة الدخل بصورة فاعلة، ووضع رسوم تعدين على البوتاس أسوة بالفوسفات، وغيرها من "حلول" تحظى بدعم شعبي كبير!
الرئيس ما يزال في "عنق الزجاجة" وخطر أن يُصاب بـ"تماس كهربائي"، ينهي حياة حكومته، ما يزال مطروحاً بقوّة، وهو ما قد يدفع الحكومة إلى تأجيل "تنفيذ" قرار رفع الكهرباء إلى ما بعد الدورة الحالية، وإلى حين انقضاء شهر رمضان المبارك، لكسب مزيد من الوقت، وتجنُّب مواجهة حاسمة مع النواب، إلى حين الدورة العادية في شهر تشرين الأول (أكتوبر)، موعد الدورة البرلمانية العادية، إن لم تؤجّل!
نوّاب يبدون "قلقهم" من هذا السيناريو، يهدّدون بالتوقيع على عريضة أكثرية نيابية تطالب باستقالة الحكومة، قبل أن يستثمر الرئيس العطلة النيابية، التي ستتيح للقضاء متابعة القضايا المرفوعة على عدد من النواب، وربما يمهّد لتغيير مواقفهم، والوصول إلى تفاهمات معهم!
معركة الكهرباء تزداد سخونة، وتعقيداً، تحت القبّة وخارجها، ولا يفيد الحكومة – في جميع الأحوال- سواء كان ذلك مناورة للمقايضة، أو بصورة جدّيّة، فتح ملف الخبز أو جبهات أخرى، في الوقت الراهن، إلاّ إذا كنّا أمام "عملية انتحارية"!
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة تصنيف محمد ابو رمان جريدة الغد