سيعود الأردنيون إلى ممارسة حقهم بانتخاب رؤساء البلديات بشكل مباشر، وفق القانون الجديد، وهو موقع هام، ليس شرفيا، فيحتاج صاحبه لأن يكون خبيرا في قضايا عمل البلديات، وهو موقع إداري يكون فيه رئيس البلدية والمجلس مسؤولين عن إدارة آلاف الموظفين، يحتاج صاحبه الى قدرة على التخطيط لمستقبل المدينة وقدرتها على حل مشاكلها.
لكننا احيانا نعرض هذا الموقع للظلم، وهذا جزء من مشكلات البلديات، إذ دخلها رؤساء لم يكن لهم ادنى معرفة بعمل البلديات، فتعلموا فيها وجربوا بمصالح الناس. فالبلدية ليست موقعا لمن يملك اصواتا من عشيرته او عائلته او ثقلا اقتصاديا او حزبيا، فالتجارب الطويلة اثبتت ان نسبة ليست قليلة ممن تقدموا الى هذا الموقع بغير خبرة او معرفة قضوا سنوات في التعلم، لكن مع ثمن دفعه الناس، او كانوا تحت سلطة جهات اخرى في المجلس او موظفين كبار.
نأخذ على الحكومات انها تهبط على مؤسسات ودوائر بمديرين وأمناء عامين لا علاقة لهم بعمل هذه الهيئات، ولا مميزات لهم سوى الواسطة، فإننا ايضا نمارس نفس الذنب ونخطئ بحق بلدنا ومواطننا ونتجاوز مفهوم الامانة اذا قدمنا اشخاصا لا خبرة لهم ولا كفاءة. فالشخص الحزبي الذي يحصل على موافقة حزبه على الترشيح رئيسا للبلدية دون ان يكون صاحب كفاءة وخبرة لا يمكن ان يكون رئيس بلدية ناجحا، وهو يهبط على مؤسسة لها فنيات وتفاصيل وأساليب عمل. الخطيئة ليست على هذا الشخص فقط بل على حزبه الذي يقدمه للناس دون ان يكون على ثقة بكفاءته، وهذا الامر ينطبق على عشائرنا وعائلاتنا وكل جهة تفرز مرشحا.
القانون اعطى حق الترشيح لكل اردني يملك الشروط، وهي شروط بسيطة، لكن هنالك الامانة والحرص على مصالح الناس، وهنالك الانتماء الذي يجعل كل منا اشخاصا وعشائر وعائلات واحزابا مطالبين ان نتعامل بحس ومسؤولية وطنية ودينية مع من نقدم، فليس من يقنع الناس انه مؤهل لرئاسة بلدية، وهم يعلمون ان ذلك غير صحيح، هو الخيار المنسجم مع الضمير، وليس من تنتجه معادلات حزبية غير موضوعية هو من يصلح لحمل هموم الناس ومؤتمن على ادارة شؤونهم.
المعيار لم يعد في تقييم المرشح فيما إذا كان يحظى بإجماع عشيرته او عائلته او بدعم قوة اقتصادية او فيما إذا اختارته لجان حزبية مكتظة بالمعادلات، بل في مواصفات الشخص وقدرته.
الخطورة الاولى ان لا يتقدم الى مثل هذه المواقع الا من لديه القناعة بأنه يفهم في هذا المجال، وليس بدافع موضة الترشح لكل شيء، وثانيا على الجهات السياسية والاجتماعية ان تتقي الله عندما تختار المرشحين، والا يركبوا على ظهور الناس من لا يملكون الكفاءة حتى، وان كانوا وجوها في عشائرهم او مسؤولين في احزابهم.
اما دورنا نحن، الناس، ان ننتقل في الترجيح من جهة الترشيح الى مواصفات المرشح نفسه، فمن واجب الناس ان تحمي مصالحها وأن تختار لإدارة شؤونها اصحاب الكفاءة.
المراجع
جريدة الغد
التصانيف
صحافة جريدة الغد سميح المعايطة